أكاديمي: الشرعية توجه الضربة القاضية للحوثيين بعدما ظلت لسنوات تتلقى "ملطام وراء ملطام"    - العليمي يلغي قرارات البنك المركزي في عدن تنفيذا لتقرير مالي مستقل وينشره موقع الأوراق و يكشف عيوب قرارات بنكي صنعاء وعدن    عاجل: هجوم صاروخي على السفن غرب محافظة الحديدة    محكمة حوثية بصنعاء تقضي بإعدام 44 مواطنا يمنيا بتهمة "التخابر"    قيادي بالانتقالي الجنوبي : اليمن على أعتاب مرحلة جديدة من الانتعاش الاقتصادي    استشهاد 95 فلسطينياً وإصابة 350 في مجازر جديدة للاحتلال في غزة    صندق النقد الدولي يعلن التوصل لاتفاق مع اوكرانيا لتقديم مساعدة مالية بقيمة 2.2 مليار دولار    أعظم 9 نهائيات في تاريخ دوري أبطال أوروبا    بوروسيا دورتموند الطموح في مواجهة نارية مع ريال مدريد    الوزير البكري يشهد حفل افتتاح "طرابلس عاصمة الشباب العربي 2024    - بنك يمني لأكبر مجموعة تجارية في اليمن يؤكد مصيرية تحت حكم سلطة عدن    نجاة رئيس شعبة الاستخبارات بقيادة محور تعز من محاولة اغتيال جنوبي المحافظة    المنتخب الوطني يواصل تدريباته المكثفة بمعسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا للشباب    اوسيمين يخرج عن دائرة اهتمام تشيلسي    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    مواصلة استغلال القضاء.. محكمة حوثية تصدر أوامر بإعدام مدير شركة برودجي عدنان الحرازي    قرارات البنك المركزي الأخيرة ستجلب ملايين النازحين اليمنيين إلى الجنوب    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    مبادرة شعبية لفتح طريق البيضاء مارب.. والمليشيات الحوثية تشترط مهلة لنزع الألغام    مجلس القيادة يؤكد دعمه لقرارات البنك المركزي ويحث على مواصلة الحزم الاقتصادي    مليشيا الحوثي تختطف عميد كلية التجارة بجامعة إب    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    الحوثيون يطوقون إحدى قرى سنحان بالعربات العسكرية والمصفحات بعد مطالبتهم بإقالة الهادي    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    تنفيذي العربي للدراجات يناقش أجندة بطولات الاتحاد المقبلة ويكشف عن موعد الجمعية العمومية    شاهد: مقتل 10 أشخاص في حادث تصادم مروع بالحديدة    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    الشرطة تُحبط تهريب كمية هائلة من الحبوب المخدرة وتنقذ شباب عدن من براثن الإدمان!    فرحة عارمة تجتاح جميع أفراد ألوية العمالقة    مع اقتراب عيد الأضحى..حيوانات مفترسة تهاجم قطيع أغنام في محافظة إب وتفترس العشرات    هل تُسقِط السعودية قرار مركزي عدن أم هي الحرب قادمة؟    الهلال بطلا لكأس خادم الحرمين الشريفين    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    شاب عشريني يغرق في ساحل الخوخة جنوبي الحديدة    خراب    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و284 منذ 7 أكتوبر    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    وزارة الأوقاف تدشن النظام الرقمي لبيانات الحجاج (يلملم)    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيفا داود لا يمكنني قتل الجيش السوري مرّتين
نشر في عدن الغد يوم 07 - 06 - 2014

درست الإخراج لتنفّذ أفلام كرتون تحاكي الخيال وقصص الأطفال، ولم تكن تتوقّع يومًا أن تغوض في أي عمل إنساني سياسي، إيمانًا منها بأن السياسة تلوّث الروح والدماغ، لكن الحرب السوريّة الأليمة التي قتلت وشرّدت ويتّمت الملايين هزّت كيانها، هي التي اعتادت على التمتع برائحة ياسمين الشام خضّتها صور القتل والدمار والدماء السائلة، والطفولة المُغتصبة برضى داخلي وخارجي، عربي وغربي، فكان فيلمها القصير "ربيع مرّ من هنا" أشبه بجرعة من الألم يذوقها المشاهد ليدرك ما يعيشه السوري منذ ثلاث سنوات.
"ربيع مرّ من هنا" للمخرجة البحرينيّة السورية، إيفا داود، يحمل رسائل عدّة، ويضع الإصبع على الجرح، ويصرخ بوجه كلّ من يغتصب الأرض والطفولة والإنسانيّة في سوريا. من يشاهده يقف والغصّة في قلبه متحسّرًا متألّمًا جرّاء ما حلّ بأقدم مدينة في الشرق، وأعرق ثقافة فيه، وأطيب شعوبه، يقف خاشعًا أمام دماء السوريين التي هدرت في هذه الحرب الأهليّة – العالميّة.
أوجاع لا تختصر
تعرّف المخرجة إيفا داود العمل في حوارها مع "إيلاف"، بأنه "فيلم قصير لا يشبه طبيعة أفلامي، فأنا إمرأة لا تحبّ السياسة وإنّما حسّاسة، ونظرًا لما يمرّ به العالم العربي من أحداث رأيت أنّ من واجبي تقديم عمل إنساني، فكان "ربيع مرّ من هنا" وهو سبع دقائق مقتطعة من حياة إنسان في خضم حربٍ أهليّة ودمار شامل، لقد ذهبت معه في رحلة من الألم والعذاب ضمن نطاق منزله الذي لم يغادره، إنها رحلة معاناة تكتنفها جرعة كبيرة من الألم تتمظهر عندما يخرج إلى شرفته ليرى من مات من أهله، ومن فقد، وماذا خسر".
وتضيف داود "لقد أريت المشاهد في سبع دقائق كمّ الألم الذي يعيشه الناس جرّاء الحرب. رسالة العمل واضحة : في الحربّ الأهليّة لا يوجد رابح وخاسر، بل الإنسان دائمًا مقتول والوطن هو الخاسر الأكبر والأمّهات والأطفال هم الخسارة المفجعة. الحرب تقتل النسغ الحيّ فينا، وأنا أسقطت هذه الحالة على سوريا ليكون فيلمي صرخة بوجه الحرب، مستشهدة بأغنية السيّدة فيروز : بحرب الكبار شو ذنب الطفولة، شو ذنب الضحكات الخجولة".
إنكسارات وآلام
وعن تشبيه الربيع بقطار مرّ مدمّرًا كلّ ما تحته تقول : "هذه حال أي حرب أهليّة في أي بلد، وليس فقط في سوريا، حياة بطل الفيلم (الممثل عدنان أبو الشامات) لائقة ومنزله مرتّب في الظاهر، من دون أن ندرك ما في باطنه من إنكسارات جرّاء ما خسره، نرى رتابة داخل منزله وضجيجًا نتيجة الدمار خارجه، إنه مشهد درامي مؤلم نصل إليه على مراحل وبتدرّج".
وتضيف : "نرى بداية رجلًا وسيمًا جعلته الحرب هرمًا وسحبت منه نضارته وروح الشباب، وهو ما يبدو من خلال انعكاس صورته على المرأة، فالحرب تفقدنا كلّ ما فينا حتى الروح . الفيلم يمرّر ثلاث سنوات من الدمار، وإنكسار الطفولة وضياعها، إنكسار الإنسانيّة، إنكسار الناس وطموحاتهم، والصورة الحضاريّة التي كانوا يعيشونها".
وتشير داود إلى أن : "السوري لا تُختصر معاناته بسبع دقائق، لأنها أكبر من ذلك، لكني من خلال هذه الدقائق القليلة استطعت إيصال هذه الجرعة من الألم، فما بالك من ثلاث سنوات؟ أردت إلقاء الضوء على انكسار الروح التي قد ندفع أثمانًا قيّمة نتيجة له، لقد قدّمته بطريقة تجعل المشاهد الغربي يفهم وجعي ويتقبّله، فكرت بما يحبّ رؤيته وقدّمت له هذا الألم بطريقته".
غشّونا بهذا الربيع
من يشاهد الفيلم سيدرك أنه يحمل رسالة واضحة ومؤثرة، رسالة اجتماعيّة انسانيّة لا تخلُ من السياسة، ويحمل انتقادًا لما سميّ بالربيع العربي، فهل قصدت المخرجة ذلك نظرًا للتناقض بين إسمه والصورة التي ينقلها ؟ تردّ المخرجة داود : "لقد آلمتني هذا التمسيّة، نحن ننتظر الربيع لنرى زهوره ونتنعم بفرحه، لأن الربيع هو ولادة التقاوة والنقاوة، لم أكن لأمانع الحراك في سوريا لو بقى سلميًا، توجّهي في الفيلم ليس سياسيًا وإنما إنسانيًا، فسوريا أكبر منا كلّنا، صرخت كأي سوري موجوع لأنه أكبر من كلمة "الله أكبر" التي تُقال قبل قطع رأسه، هناك انتهاكات للإنسانيّة وفيلمي إنساني بحت بوجه الألم الذي يمرّ فيه شعبي".
رياح التغيير التي عصفت بالمنطقة، يبّست الحركة الاقتصاديّة والعلوم والمعرفة ودورة الحياة، لقد أتى هذا الربيع محمّلًا بالسموم ولعنة على الأوطان، يا ويل الربيع من هذه التهمة، لقد غشونا بهذا المسمى".
الشرّ الداخلي بوابة التدخل الخارجي
ونظرًا لتجوال الفيلم على كثير من المهرجانات الغربيّة والعربيّة، فقد شاهده جمهوران، أجنبي وعربي، فكيف يمكن فهم تفاعلهما مع العمل، وهل لديهما القدرة على تشكيل مجموعات ضغط ضدّ ما يصدر عن بلادهم المتورّطة في هذه الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات، تردّ داود بحسم قائلة : "لو لم يكن هناك شرّ في الداخل لما استطاع الخارج أن يتدخلّ، وهناك مثل عامي تقول فيه الشجرة للفأس التي تقطعها : "لو لم تكن يدك من غصني فما قطعتني"، فلا أحد يدخل وطنك ويقول لك أقتل أهل بلدك تحت أي مسمى إلّا إذا كان إبن البلد مستعدًّا لذلك لأسباب شخصيّة أو ماديّة أو لأن لديه فعلًا قضية ومستعد لتبنيها".
لا لقتل جيش بلدي مرتين
وتضيف داود : "أنا أحترم الرأي الآخر والطرف المعارض والرأي الحرّ، لكن أن يتورّط أي سوري في قتل أبناء بلده فهذا لا يدعو للاحترام، أنا مع الجيش السوري وأحترم الثورة التي تشكّل قفزة نحو المستقبل من دون أن تقتل طفولة الطفل وإنسانيّة الإنسان، السوري يموت من الجهتين لكنني لا أستطيع تبني القتل والثورة لأنني بذلك أخون الجيش الذي جُنِّد إلزاميًا للدفاع عن وطنه وأبناء وطنه ضدّ ما يهدّد وحدته"، وهنا تتساءل : "هذا الجيش الذي حماك لفترات طويلة بات الآن عدوك؟".
وتقول داود : "لن أقتل الجيش السوري مرّتين، مرّة بخيانتي له ومرّة بتبرئي منه، هذا الشاب الذي أخذ إجباريًا من حضن والديه ووقف في الجبهة لم يكن يريد أن يقتل وإنما قُتل، ما ذنبه عندما أتت إمرأة من داعش وما سواها، ورمت عليه الزيت المغلي وشوّهته؟ هذا يقهرني".
ثرواتنا لعنتا
وبالعودة لتأثير الرأي العالمي على القرارات السياسية، تقول : "الشعب الأوروبي والغربي لن يهتم ولو صنعنا مليون فيلم، لأن القرارات تطبخ في الأعلى عند حكامهم، بينما الشعب العربي يتدخّل في السياسة لأنها تدخل في لقمة عيشهم وإذا تبنّوا رأيًا مخالفًا من الممكن أن يعتقلوا وينكّل بهم".
"لقد تعمّدت إعداد هذا الفيلم وتحميله ما يثير الغرب من دون أن أضع أي توجّه سياسي، فيلمي هو صرخة سوريّة، أكثر المطلوب أن يصلّوا لنا ويحاولوا الاحتجاج من أجلنا، لكن أن نكذب ونقول أن الغربي صاحب قرار فهذا أمر غير واقعي".
"بلادنا لُعِنت بسبب ثرواتنا البشريّة والباطنيّة، لذلك الأنياب كلّها مسلّطة علينا، والمستفيد الأوّل هي اسرائيل السعيدة بكلّ هذا القتل الذي نمرّ به".

الخيال عالمي الخاص
وعن توجّهاتها بعد "ربيع مرّ من هنا"، إن كانت ستكون نحو الأمور السياسيّة والاجتماعيّة، أم سيكون التركيز على القصص العاطفيّة، تشير داود : "مشاريعي الجديدة لن تتمحور حول الأمور السياسيّة، للأسف هبّت رياح السوء على وطني وحرقت قلبي، لكني إمرأة تحبّ الخيال ودرست الإخراج لأكون مخرجة اليافعين وأفلام الكرتون وقصص الخيال، ولم أتوقّع يومًا أن أنفّذ فيلمًا يحمل صرخة لأنني كنت مطمئنة على بلدي، لكن الحرب قلبت المعايير".
نقلة نحو الأفلام الطويلة
وتضيف : "أحضر لفيلم بعنوان "سارق النور"، إنتهيت من تصويره في إسبانيا، وبعد فترة سيكون جاهزًا للصدور والمشاركة في المهرجانات العالميّة، العمل جميل وهو مزيج بين الحقيقة والخيال، أي عالمي الذي أحبّ، هو يحكي عن الحبّ وما يحصل فينا عندما نخسره، شبّهت الحبّ بالنور، وسارقه هو سارق النور، علمًا أنه سيكون فيلمي القصير الأخير لأني في طور التحضير لفيلمي الطويل الأول الذي وضعت رؤوس أقلامه وسيكون بعنوان "رحم الله تموزي"، وهو فكرة فيلم عراقي، تموزي هي فتاة ليل، والبطل كاتب سيصل إلى العالميّة من خلالها".
كسر المحرّمات
وعن سعيها الدائم لكسر للمحرّمات ووضع الإصبع على الجرح، تقول : "الفضيلة قد تصدر عن امرأة مجروحة اضطرت لامتهان الدعارة، علمًا أن الدعارة هي الصادرة من الروح وليس الجسد، أنا مع المرأة ظالمة كانت أم مظلومة، لا يمكنني لوم أي امرأة قست ظروفها عليها، لكني ألوم المجتمع الذي ظلمها، ما من سيء يدوم أو ممتاز يدوم للأبد، السيء للأبد هو نوايانا السيئة".
يشار نهاية إلى أن "ربيع مرّ من هنا" جال على إحدى عشر مهرجانًا عالميًا، وحصد ثلاث جوائز كانت أشبه بغصّة في قلب المخرجة لأنها ارتكزت على وجع ودماء شعبها، فيما يستعدّ للمشاركة بمهرجانين، الأوّل "ينابيع النخيل السينمائي العالمي في كاليفورنيا، وفي حال فوزه يسرشّح مباشرة لمهرجان الأوسكار، والثاني مهرجان فيرونا السينمائي في إيطاليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.