جورج أورويل (1903-1950) من أهم الكُتَّاب البريطانيين في القرن العشرين. ولد في الهند وعمل في بورما بالشرطة البريطانية، عاش فقرا مدقعًا في لندن وباريس، وتطوع عام 1936 ليحارب في صفوف الجمهوريين في إسبانيا ضد قوات (فرانكو) الفاشية، ثم عمل بهيئة الإذاعة البريطانية وكمحرر وصحفي حتى نهاية حياته. اهتم أورويل طوال حياته بالدفاع عن المظلومين والحق والديمقراطية ومحاربة الدكتاتورية والفقر والظلم. وكتب الشعر والمقال الصحفي والمذكرات والرواية. (مزرعة الحيوان) هي رائعة جورج أورويل الخالدة. اختيرت دائمًا ضمن أفضل الأعمال الأدبية في القرن العشرين .. تُرجمت لأكثر من سبعين لغة.. وقرأها الملايين في كل أنحاء العالم.. طُبعت هذه الرواية الأشهر لكاتبها للمرة الأولى في عام 1945 . تحكي الرواية عن الثورة البلشفية في روسيا والتي جاءت نتيجة سنين طويلة من الاضطرابات(أوبئة ومجاعات وثورات الريفيين) ومن ثم أدت الهزيمة في الحرب الروسية –اليابانية ومشاركة روسيا في الحرب العالمية الأولى الى إجبار(نيكولاس الثاني) آخر القياصرة الروس على التنازل عن العرش فأسست الثورة البلشفية أول جمهورية اشتراكية بقيادة(لينين). وقد كان الكاتب ذكي جدا في اختيار رموز الرواية ودلالاتها حيث تحكى عن مجموعة من الحيوانات قررت القيام بثورة ضد مالك المزرعة لتحكم نفسها بنفسها وتتولى شئون حياتها. وبالفعل ثارت ونجحت في إيجاد استقلالها ولكن المغزى الحقيقي للرواية هو ما يحدث بعد الاستقلال . وهي عمل رمزي ليس المقصود به هو ما حدث في (الثورة البلشفية) وحسب وإنما يجد القارئ فيها حقيقة كل الثورات التي تنحرف عن مبادئها الأساسية . وهنا برع أورويل في أن يُجرى نوعًا من الحكمة السياسية الساخرة والممتعة على ألسنة الحيوانات، تكشف التناقض الحاد بين الشعارات الثورية وممارسات الحكام بعد الثورة، على خلفية نقده اللاذع للديكتاتور السوفيتي جوزيف ستالين.. لكنه يتجاوز ذلك أيضًا ليغوص بعيدًا في أعماق الحيوانات كما كان خبير جدا بخبايا النفس البشرية و نقاط ضعفها، إتعاسها، ماهر بكشف خبايا المؤامرات والمكائد وعكس ذلك ببراعة شديدة على ألسنة حيوانات المزرعة والتي اتفقت على مبادئ الثورة السبعة ومن ضمنها منع شرب الكحول أو النوم على السرير أو لبس الملابس كما منع أيضا التحالف مع كل من يمشي على قدمين( الإنسان) لأنه العدو الأول مثلما جاء : (البشر هم أعدائنا والحيوانات كلها رفاقنا) كما يحرم أيضا قتل الحيوان لحيوان آخر. ومن ثم وتباعاً في فصول الرواية المتلاحقة تجد التحريف الواضح للمبادئ والانجراف الشديد عن حياة المساواة والحرية التي ثارت من اجلها كل الحيوانات وضحت بالكثير فتجد نفسها في الأخير قابعة تحت استبداد الحيوان نفسه والذي لا يقل عن الإنسان بطشاً وظلماً. رواية رائعة جديرة بأن يقرأها الجميع.
من أقوال الكاتب الخالدة: ( ثائر اليوم هو طاغية الغد) . من: شيماء باسيد صحيفة عدن الغد الورقية العدد23 الاحد 10-6-2012م