لم تصدق عينيك ما يجري في جنوب العرب من أحداث تراجيدية، تهز وجدانك وأنته في قاع محيطها، تصعد مهموما لتغرق مرة أخرى، صراع موت وحياة، وكأنك تعيش حكاية الشيخ العجوز والبحر. وطن يغتالوه كل يوم منذ 30 نوفمبر 1967 وحتى اللحظة، لم يرى عافيته بعد. تسقط المفردات على بطنها حبلى بفلسفات معتوهي الزمان والتاريخ، صخور لا تقوى الحركة ولا تتحرك من مكانها حتى وأن أنشقت الأرض مستعدة للتفحم شريطة على عتبة باب اليمن، 14 مليونية من شرق الجنوب العربي الى غربة، والشعب بها وصل قمة الانتصار لتتويج الاستقلال، لكن البعض يتقلب على ظهره في أسفل الجبل، لا يدرك ولا يعي ما يدور حوله غير أنه يعيش ليأكل، صورة تتكرر ملت منها الناس، تغير، تبدل، تحول بل وبعضهم أندثر الا هؤلاء النفر، أنهم يعيشون من ماضيهم الأسود كرصيد بنكي حتى حلول عزرائيل. جربوا فِينَا كل شيء، طمس الهوية ومصادرة الوطن بكل ثرواته، وأخيرا لازالوا يتحايلون على استمرارية بيعه لمدة ربع قرن أخرى بعد فعلتهم في 22 مايو الأسود، وتقديم الجنوب كعرض قابل للبيع في سوق النخاسة دون وازع ضمير بكميات مختلفة. بمألات وضع الجنوب اليوم ومعاناة شعبه منذ 22 مايو 1990 الأسود، أجمع الكل دون استثناء، كأننا كنّا لسنا بحاجة لثورة 14 أكتوبر، وخطأ تاريخي استعراضي، وصل بِنَا الحال بسياسات التجريب علينا الى وضع الآن وعقلية ما قبل الدولة وغياب القانون وسيادة العرف محلة وسجن شيخ القبيلة، ونحن عشيّة 30 نوفمبر 1967 كنّا ثاني أشهر ميناء في العالم وثاني بلد مع الهند تمردت الديمقراطية إليهما من عقر دارها. أدخلونا مشروع اليمننة وأنسونا عنوة وقسرا موقعنا الطبيعي في التاريخ للانتقام فقط، دون ذنب ولا حق، كبلونا ويلات نظام الخزي والعار، وكان نحسنا القاسي بإدخالنا سجن شيخ القبيلة، وحتى مقبرة خزيمة لم تقبل جثث شهداءنا، لأنهم وضعوا الجنوب ماركة مسجلة في مقابر الضياع والهلاك فقط. نهض الجنوب وكسّروا ضلوعنا بتكسير مكونات الحراك واختزالهم في جهاز شمولي بوليسي بذات عقلية الحرب الباردة. خرج الجنوبي الى الجنوب لكنّهم لم يخرجون حتى الى شبر بعيد عن أنوفهم المزكومة بفيروسات مشروع اليمننّة القاتل إحلالا للجنوب العربي، مهزلة أن تسمع اليوم، أنهم يراهنون على اختزال مكونات الحراك ويستعبدون قيام أي شكل تنسيقي آخر لقيادة مسيرة التحرير السلمية. أنهار نظام الاحتلال وظهرت حوثية مران، واختفت إمبراطورية الإصلاح بجناحيها القبلي والعسكري وتقوى نظام صالح بعد ما أعطى الحوثي ضوء سبر صنعاء وبقية محافظاتاليمن، ويمن برئيس رهينة وخليج مكتوف العقول ومجتمع دولي جشع بتخمة مصالحه وأدواته الميتة،. في صنعاء كل يكْسِرْ قرن الآخر، لكنهم عند باب اليمن كلهم موحدون على الجنوب. بعض بقايا أشلاء النظام الشمولي في الجنوب، كنّا نأمل لها لعب حضا وافرا في أعادة اعتبار ذاتها للجنوب بحكم قبول شعبنا لمبدأ التسامح والتصالح، لقطع صلة الحاضر بالماضي الأسود، لكن يبدو كان تسامح من طرف واحد لشعبنا، لتبقى تلك المحسوبة يوما قيادات على نفقة الجنوب، تدور حول ذاتيتها بصفقة العمر الأخيرة،. وترقص على مزمار نهيق مصالحها بعيدا عن واقع الجنوب اليوم دون استيعاب وادراك حقيقة، أن زمن الوصايا ذهبت وغادرت حياتنا، وأنكم عليكم دين يستحقه الناس عليكم تدفعوه بأقل تكلفة، يكون سكوتكم وابتعادكم برفع أصابعكم عنه، اليوم شبابنا في كل مكان عليهم أدراك هذه الحقائق والنزوح عن دوائر التأثير المختلفة لإبقائهم رهينة وهم زال منا وأنتهى بقطع صلتنا بكل شيء ماضي بما فيه تلك الأنواع من القيادات، وحتى يكون جنوبنا نظيف تماما،. ولمن اليوم ننتظر؟ صنعاء ذهبت بنظام الاحتلال الى الهاوية وانتهت كل أجهزة نظام الاحتلال، ولم يبقى سوى رئيس رهينة وأطلال، وبعض مكونات الحراك ترقص حول نفسها في عملية اختزال للآخر وحتى عادت الى المربع الأول في تبنيها لقرارات العودة الى اليمن الواحد وفيدرالية وهم تلاشى!. لا يخجل البعض عندما يتحول الى ببغاء بترديد استفتاء من طرف واحد، وكأنه أخترع وصفه الشيخ الزنداني يوم قرصنته ثورة التغيير في 21 مارس 2011، وإعلان انضمامه لثورة فبراير 2011. لم يبقى شئيا من وحدة ماتت وانتهت تحت جنازير دبابة 27 أبريل 1994 وأعلنت عن نهاية عقدها المشكوك فيه حتى اللحظة في 7 يوليو 1994. من يتمسك بها أنما يزايد على نفسة فقط، أما شعبنا نفض يدييه وتبرأ منها تماما. لذلك كله، كي شعبنا يخرج الى التّاريخ من جديد بعد عقود الضياع الخمسة الماضية ويصحح مسار تطوره، اليوم الشعب في الجنوب جاهز والإرادة متوفرة والنية أيضا. ما ننتظره الآن أن تقوم كل المكونات بالانضمام تحت نسق مجلس التنسيق الأعلى ومواصلة اعتصاماتنا ساحة الحرية خورمكسر عدن، والبدء بأعداد الناس لمواصلة اعتصامات الجماهير أمام مباني المحافظات والمؤسسات والمعسكرات وفق خطة تصعيد سلمية، خالية من كل أشكال العنف جنوبية حراكية خالصة، ومن لم يشارك من مكونات الحراك في هذا العمل الوطني وتحت سقف الثوابت الجنوبية في الاستقلال والهوية الجنوبية العربية وبناء الدولة الحديثة عليه وجب توضيح موقفه دون مبررات باب اليمن ولكن بجوهر ومحتوى مضمون باب عدن فقط، ما دون ذلك علينا كشف عورة ذلك المكون بصورة واضحة، ومن ثم عدم اعتباره فصيلا يمت بصلة بالحراك الوطني وأهدافه. وعلى دول الجوار والولايات المتحدة وحلفائها أدراك حقيقة واحدة، لقد وصل السَّيْل الزباء، وستخسرون حتما هذا الشعب وسيكون مضطرا لخيارات أكثر حسما وقساوة، تسهل طريق التحرير، ولم تفقهون لغتنا الا بعد فوات الأوان و أن الفأس قد حط بالرأس. نقول اليوم لكل الأشقاء والأصدقاء نريد أن نخرج الى الحياة من جديد وموقفكم الآن مطلوب، لكن لتأخيره ستكون نتائجه وخيمة على مصالحكم في المنطقة والعالم بأمنها واستقرارها وسلمها وحياة شعوبها، كما تحرصون على شعوبكم تذكروا شعبنا وعدم لجؤكم الى التصريحات الهوائية، دون للحكاية معنى كما ورد في تصريحات متعددة لبعض سفراء الدول العشر الوصيّة على الجمهورية اليمنية وفق البند السابع ، ومن تلك التصريحات، ما ورد على لسان سفيرة المملكة المتحدة مؤخرا عكس حالة اليأس والتخبط الذي أصاب الدبلوماسية البريطانية في الجنوب ورؤيتها لواقعه من خلال نظارات يمنية بقايا نظام الاحتلال. بقولها انفصال الجنوب يخلق مشاكل كثيرة، وهل مطالبة الشعوب بأوطانهم واستردادها مشاكل!؟. نقول وللأصدقاء والأشقاء، لا تقعوا بذات الخطأ الأمريكي. اليوم قبل عاصفة الغد حتى لا ترتطم بمصالحكم جملة، لتخر جثمانا على سطح بحر العرب، ولم تنفعكم صنعاء لأن ليس كل ما يلمع فيها ذَهَب؟ ولا حل لقضية الجنوب من باب اليمن، أنما من بوابة عدن، وصيانة أمنكم القومي يا عرب وعالم مركزة عدنوالجنوب؟، فكم مرات خدُعتم في صنعاء، وعدتم في المبادرة الخليجية كما ذهبتم دون فائدة، الغيت جهودكم المغلوطة، ومخرجات مؤتمر حواركم المفروض انتقاء بمعزل عن إرادة شعبنا، ليحل محل ذلك أتفاق السلم والشراكة الحوثي في 21 سبتمبر الماضي، ليقر باعترافكم دستور جديد للبلاد. ونتيجة عدم جدوى جهودكم، بإقرار حقوق الجنوب السياسية، خرجت مليونية الحسم يوم 14 أكتوبر الحالي كأكبر المليونيات الثلاث عشر، لتقطع صلة شعبنا بكل مشاريعكم لاستمرارية يمننّة الجنوب وإبقائه ملحقا لليمن، وهو ما يُبين أنكم لازلتم في انتقائه، دُللّت ما ذهبت اليه ندوة المفوضية السامية لحقوق الأنسان قبل يومين في عدن، اختزلت نقاش وثيقة الحقوق والبحث عن ضحايا الإخفاء القسري لتصبح المفوضية بتعاون بعض جهات مرافقة لها من ما بقى من نظام احتلال صنعاء، كأن شعب الجنوب، ناقش وقرر وصادق على مخرجات تلك اللجنة وبشهادتها تصبح قاعدة أممية للتعامل معها على رضى وقبول شعبنا ليمننته، وأولئك الأفراد والجهات المنتقاة، تكون ممثلا في المصادقة على الدستور وبقية تعميدات ما تبقى من مسلسل إبقائه تابعا لليمن. ولذلك على مكونات الحراك السلمي تحمل مسئوليتها التاريخية في المتابعة والمراقبة وكشف كل ما يخرج عن منفعة شعبنا وفي وقته، وحشد الشارع للخروج الى ساحات الاعتصامات. وهو الوضع الَّذي ننبه منه، في عدم تكرار الأخطاء في نزول اللجنة الأممية لتقصي النزاعات التابعة للأمم المتحدة، ليومين متتالين البارحة واليوم، ذات العشرة خبراء التي زعمت وتزعم التقاء مكونات الحراك ومعتصمي الساحات، لتقصي حقيقة وضع مطالب شعبنا بالاستقلال، وهل القيادة موحدة لذلك ومستعدة، حتى لا تتكرر مشاكل في حال استقلال الجنوب، وهو الأمر الذي نحذر حوله من مغبة استغلال النزول المفاجئ وحصر اللقاء بانتقائية سابقاتها من اللجان، ولمنع تسويف نتائجها، ننبه اللجنة وكل اللجان على تجنب الأخطاء السابقة والتحلي بالشفافية واللقاء مع كل المكونات الحراكية دون استثناء، وأخذها مقاطع مختلفة اجتماعية وسياسية، وديموغرافية جنوبية خالصة مع استثناء مزج ما هو يمني، وَعَلَى أخذ رأي كل مكون كتابيا وكذا اكساب نزولهم لتقصي الحقائق طابع قانوني وفق الأنظمة والقوانين الصارمة المتعامل بها بهذا الشأن وميثاق الأممالمتحدة بذلك، حتى يعرف الكل الحقيق المجسّدة على الأرض في كل بقاع الجنوب، أن شعب نحو الاستقلال سائر، ومتمسك به بقوَّة مخرجا للخلاص من هذه التهلكة والحالة المأساوية لما من شأنه تجنيب شعبنا نزيف الدم والمال والعرق والأرواح والصعود الى بر الأمان في مستوى وطن لازلنا في رحيل اليه حتى اللحظة، يعيش فينا ولا نعيش فيه. والله من وراء القصد!؟.