بداية: نوفمبر اليوم جانا *عود لنا من جديد فيه استعدنا الكرامة *وأصبح الكل سيد تعلمني وتلهمني اعياد الجنوب أن الحب امتداد على طول المسافات، وحبه فقط يستطيع كسر الحصار، واختراق الحواجز، وحده حب الجنوب يصمد حتى النهاية ليمنحنا أخيرا جواز العبور إلى نبضه. في كل ذكرى عيد نوفمبري يشدني الحنين يا وطني و تغمرني الحياة من رأسي حتى قدمي. أكتب اليك وأهديك قصائد مبتورة، أنصافها معلقة هناك على جدران العودة، لحين اكتمال عقد الرجوع من غربتي. سألني صديقي ماذا عن الجنوب؟ بعد نفس عميق ثرثرت قائلاً: الجنوب روح كنت أرسمها في أحلامي وطناً نرتمي في حضنه آخر الوجع، نرتديه معطفاً إذا ما بردنا، نتنفسه هواء إذا ما ضاق النفس، نسكبه ملحاً على آخر الجراح ولا نبكي ولا نتألم، فقط نبتسم لأن ابتساماتنا ضوء سينير النفق لحين وصولنا. قلت لصديقي فجاءه : سأعود يوما للجنوب الى الأبد . قال لي: بل سترحل، لكن إلى أين وهو ينزف؟ قلت: بل سأعود، سأعود كما كل العائدين إلى الجنوب بعد حين، سأحمل قلبي ودفاتري، كل أشعاري التي كتبت فيه وعنه، سأحمل نبضاً ما خف يوماً ولا استقال، سأحمل أنفاسي، هواجسي وأحلامي وبعض الأمنيات وليس كلها، ففي هذه الأرض سأترك عطري مبتلا بالتراب. سأعود معهم، لن يوقفني شيء أبدا، ولن يهتم أحد آنذاك بالتدقيق في هويتي الجنوبية لان ملامحي من ملامح جبال الجنوب. ورسم الجنوب ينثرقسماته على وجهي، وتلك الابتسامة هي من وحيه، أنا أشبهه أعرف ذلك هو مني وانا من نفحات انفاسه. حب الجنوب لا يماثله حب اخر يتلبسني في كل حرف وسطر وقصيدة وديوان وكتاب، يجسدني أطيافه حين أقف على باب تاريخه . سألني صديقي باسماً: هب انك على مشارف عدن للتو تشاركها عيدها ؟ استرسلت ثرثرتي دون انقطاع قائلا: عدن آآآه عدن الجنوب ، سأقرأ الفاتحة لروح ابناءها وارتل بضع آياتٍ أحفظها من سورة الفرقان. سأقبل ترابها، وأنحني لأهمس في جوفها، اشتقتك ما مر الزمان مرا في بعدك. اشتقتك ما امتد الوجع في أضلعي اثناء الغربة. اشتقتك وأنثر قبلات كنت اخزنها في قلبي ريثما ألقاك اشتقتك أماً وأباً، عائلة وأصدقاء، اشتقتك وطناً، اشتقتك أرض العودة والانتهاء. ظن صديقي أني لن أتوقف عن هذياني باسمها فقال لي : كل الذين أحبوها ما رأوها رؤيا العين، قتلهم شغفهم بها، ماتوا وهم يطلبون ودها. حبها قاتل يا صديقي، حبها قاتل هذه الأرض المستحيلة، لا أحد عاد من عشقها حياً. قلت : يا صديقي هذا الحب هو ما يبقينا أحياء، هذا العشق الفطري للأرض المستحيلة هو ما يجعلنا نرسم أحلامنا هناك في السماء وليس في الأرض. عدن جنتنا، وقودنا، نبضنا، خفقان قلوبنا التي لا تهدأ، نبض عروقنا التي لا تجف منها الدماء، عدن عنوان ثورتنا، عدن زهرتنا، شمسنا والقمر. هي عقيدتنا الوطنية وقبلة كل الثائرين . يا صديقي تعلمني عدن الحب، تعلمني الحياة، تعلمني أن أؤمن بالله وبها كل يوم أكثر. وأنا لازلت على عهدي بها ولا زالت بوصلتي لا تشير إلا إلى عدن. تهنئه : اجمل تهنئه لكل أبناء الجَنُوب بهذه المناسبة الغالية وتهنئه خاصه لنفسي ولابني محمد ناصر ربنا يحفظه الذي يصادف عيد ميلاده يوم 30 نوفمبر .