" رحلت عنا جسدا وبقيت فينا روحا مسكونه بمشاعر الوفاء" في مثل هذا التاريخ 10 مارس 2015م صدمت مشاعرنا برحيل الأخ والصديق وزميل حياة الطفولة ومراحل سنوات الدراسية الابتدائية والاعدادية والثانوية والخدمة العسكرية، الفقيد المغفور له بمشيئة الله ابن عمي " عبد الحميد أسعد العريمي" عن عمرا ناهز الخامسة والخمسين عاما، ومع أيماننا المطلق بقضاء الله وقدره، وأن الموت حق على عباده اجمعين، وأن عمر الإنسان مكتوب عليه في لوح محفوظ، لا يعلم متى سيختاره رب العرش العظيم إلى حواره، ومتى وأين سيكون ذلك اليوم الموعود له بالرحيل، وقد جاء في محكم كتابه الكريم بسورة النساء آية (78) ۞ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ۞ صدق الله العظيم.
والأن الإنسان بطبيعته يحب الحياة ويرغب في أن يعيش فيها ليحقق أحلامه وأمانيه، فقد اتصف فقيدنا الخالد (عبد الحميد أسعد العريمي) في حياته بالتواضع والقناعة وعفة النفس وحب الخير لأهله وأبناء شعبه الجنوبي، وكان مناضلا يتطلع بشوق ولهفة ويتمنى مثل غير من المناضلين الأوفياء والصادقين لأهداف قضية شعبهم التحررية، بأن يعيش إلى ذلك اليوم الذي ترحل فيه جيوش البغي والاستكبار اليمنية من أراضي محافظات الجنوب، وكان شعوره المتحمس تملئه الثقة بحتمية حدث ذلك من خلال مشاركته الفاعلة في مختلف الفعاليات السياسية السلمية المناهضة لأساليب الاحتلال اليمني وبطشه واستبداده الهمجي ضد أبناء الجنوب الأحرار، منذ أن حلت عليهم كارثة الحرب الإجرامية في 94م، وبصورة أكثر دموية واستخفاف وجبروت بعد انطلاقة الحراك السلمي المجيد في يوليو 2007م.
ولكم كان فيقيدنا الراحل يتابع بقلق مجريات الأحداث المحلية والعالمية ، ويناقش بحماس الثائر المتلهف ليوم الخلاص من رجس الاحتلال، بل ويتساءل عن موعد حلمه وحلم أبناء شعبه في استعادة دولتهم الدنية المغدور فيها... لكن الأقدار وحكمة الله سبحانه في خلقه شاءت له ولغيره من الشهداء الأبرار والأبطال المناضلين، أن تصطفيهم أرادة العزيز الجبار، قبل أن يتحقق حلمهم ولو جزئيا مثلنا، تاركين حلمهم وأمنياتهم عهدا على أبناء شعبهم الأوفياء ليستكملوا مهمات التحرير واستعادة دولة النظام والقانون والعدل والمساواة، التي للأسف دمرها وانتقم من قيمها المدنية والحضارية، نظام القبيلة اليمنية المتخلفة، وعاث في أرض شعب الجنوب نهبا وفسادا وغلو وتطرف إرهابي، ما زال ضارب اطنابه وجذوره العدوانية والانتقامية حتى يشاء الله في تمكين أبناء الجنوب من اقتلاع تلك الملوثات العقيمة، ويهتدي بتعاون ودعم الشرفاء والكرماء من أشقائنا العرب، وبتضحيات ومساهمات أبنائه المخلصين من تحقيق حلم الشهداء وكل من رحلوا عنا إلى عالم الخلود الأبدي، في تأسيس مداميك الدولة الجنوبية المستقلة..
تغمد الله فقيدنا عبد الحميد أسعد العريمي وكل شهداء الجنوب بواسع الرحمة والغفران وأن يسكنهم في جناة تجري من تحتها الأنهار، وينزلهم منزلة عباده الأتقياء والمؤمنين. فهم السابقين ونحن اللاحقين .. وأبنائك وخوانك ولأهك وذويك ومحبيك الصبر والسلوان .. إن لله وإن إليه راجعون..