يقف وديد ملطوف وهو مصور بتلفزيون عدن مساء يوم ال 26 من مارس 2016 أمام بوابة تلفزيون عدن في الذكرى الأول لاندلاع الحرب 26 مارس 2015 . منذ ذلك الحين غادر ملطوف والعشرات من موظفي التلفزيون الحكومي الوحيد في عدن مقر عملهم العتيق وتوقف البث عقب أسابيع من اندلاع الاشتباكات في عدن . ومنذ ذلك الحين باتت قناة "عدن" الحكومية ووسائل إعلام رسمية أخرى تبث من خارج اليمن . لاتبعد عن تلفزيون "عدن" وكالة الانباء الحكومية الرسمية سبأ كثيرا هي الأخرى لاتزال مغلقة حتى اليوم . وفي المعلا يقف العشرات من عاملي مؤسسة 14 اكتوبر الحكومية بداخل مؤسستهم دون ان تتمكن الحكومة من إعادة اصدار الصحيفة التي تعد احد اعرق المؤسسات الصحفية في مدينة عدن . ورغم مرور 8 أشهر على تحرير مدينة عدن إلا ان عدم قدرة السلطات على إعادة اصدار الكثير من وسائل الإعلام الرسمية بات يشكل احراجا كبيرا للحكومة الشرعية . مع انتهاء كل شهر يقف "وديد ملطوف" أمام محل صرافة صغير بعدن لاستلام مرتبه الذي غالبا مايتعثر . يقول:" ملطوف" خلال جلوسه عصرا بمقهى شعبي بالتواهي لعدن الغد :" حتى اليوم لانفهم لماذا لايتم إعادة تشغيل التلفزيون عدن باتت مؤمنة بشكل كبير وحان الوقت ان تعاود السلطات إعادة البث من عدن. يحاول قسم التحقيقات والاستطلاعات في صحيفة "عدن الغد" الاجابة عن السؤال الاكثر اهمية في عدن اليوم ..
عراقيل توقف إعادة البث في ابريل من العام 2015 غادر اسامة عدنان وهو مقدم برامج حوارية بتلفزيون عدن مدينته صوب العاصمة السعودية الرياض. التحق الرجل هناك بطاقم القناة وباشر عمله وسط حالة من الارباك التي يؤكد أنها تتجدد دائما . مؤخرا بات "عدنان" نائبا لرئيس قناة تبث من مدينة جدة ويبحث طاقمها عن نفقات لسداد ايجار الفندق الذي ينزلون فيه أسامة عدنان نائب رئيس قناة عدن الفضائية (في الرياض) يتحدث عن "ترويج بعض الجهات الرسمية بان هناك مشاكل وعراقيل توقف اتخاذ قرار إعادة بث القناة من موقعها الأصلي في العاصمة عدن مجرد وهم وغير منطقي" . وعند سؤالنا له حول ما يروج له البعض بأن توقف عمل قناة عدن الفضائية من داخل عدن يعود لدواعي أمنية بحسرة أجابنا : "إن ما يدحض حقيقة القلق الأمني هو عدم توقف بث القناة أثناء الحرب حتى تمكن الغزاة من الدخول إلى مدينة التواهي وإحكام سيطرتهم عليها وتحديدا مبنى التلفزيون" أما بالنسبة للجانب المادي والذي تزعم بعض الجهات بأنه أحد أسباب عدم اتخاذ قرار إعادة بث القناة من عدن , يقول "عدنان": "مرتبات الموظفين كبقية المرافق الحكومية مازالت تصرف من البنك المركزي في صنعاء وحسب الاتفاقيات الدولية لا يمكن إيقافها من الانقلابيين –حد وصفه-. متابعون شككوا بنوايا الحكومة ومدى مصداقيتها في إعادة تفعيل وسائل الإعلام الرسمية من العاصمة المؤقتة عدن , حيث يروا بأن:" تصريحات المسئولين في الحكومة والمؤسسات الإعلامية تقول بأنهم يبذلوا قصارى جهدهم من أجل إعادة تفعيل كل وسائل الإعلام الرسمية (المرئية , المسموعة والمقروءة) من العاصمة عدن، إلا أن أداء هؤلاء المسئولين لا يشير مطلقاً بعزمهم تفعيل وتنشيط وإعادة فتح هذه المؤسسات من عدن. وبالرغم من أن بعض هذه المؤسسات لا ينقصها الكثير لمعاودة العمل من عدن مثل صحيفة 14 أكتوبر التي هي بحاجة فقط للمواد الأولية للعمل (ورق ، وصفائح طباعة معدنية أو ما تسمى بليتات وكذلك أحبار) , ناهيك عن إذاعة عدن ووكالة الأنباء اليمنية (سبأ) فهي لا تحتاج لأي شي لإعادة العمل مجرد الموازنة التشغيلية , وهذه الموازنات التشغيلية أقل مما يتم صرفة في الرياض على أصغر نشاط إعلامي لتلك المؤسسات. تلفزيون عدن أيضآ الذي يحتاج فقط لإعادة ترتيبه إدارياً بعد تعيين ثلاثة رؤساء للقطاع وكل قرار يدعي لنفسه الشرعية ومن هنا فإن متطلبات إعادة تنشيط تلك المؤسسات بسيطة جداً وطبيعية أن تتكفل بها الحكومة في ضل الظروف العادية ناهيك عن الحالة الصعبة التي تمر بها البلاد وتحتاج لكل جهود الإعلام الرسمي بشكل ملح , ولو كلف الحكومة هذا الأمر أضعاف ما كانت تمنحه لهذه المؤسسات قبل الحرب، لذا وبالعودة لموضوع (الجدية) فهذه المسألة –بحسب المراقبين- عادة لا تقرأ من خلال تصريحات صحفية بل بالأداء العملي، وعلى أساس ما طارح من معطيات فالحديث عن الجدية (ضرباً من الخداع). ويقوم وزير الإعلام اليمني محمد عبد المجيد قباطي بجولات متعددة لدول خليجية لجلب دعم المؤسسات الإعلامية الرسمية. وفي هذا السياق أعلن وزير الإعلام عن توجهات حكومية لإنشاء مدينة إعلامية متكاملة في عدن , بدعم من دول مجلس التعاون الخليجي. شهادة كادر من تلفزيون عدن تلفزيون عدن الذي يبث حاليآ من المملكة العربية السعودية , يعد أقدم تلفزيون في الجزيرة العربية , وفي محاولة لإغلاقه بشكل نهائي تعرض لنهب ممنهج منذ تسعينيات القرن الماضي امتدادا لمخطط طمس الهوية الذي انتهجته السلطات حينها وما التخريب الذي طال أعرق قناة إعلامية في الجزيرة العربية ببعيد عن هذا المخطط والمنهجية ( هكذا يرى كثيرون في عدن ). مهندس محمد غانم رئيس قطاع تلفزيون عدن السابق في تصريح خاص ل"عدن الغد" يقول: هناك إمكانية كبيرة لإعادة البث من العاصمة المؤقتة عدن , فمازال عدد من الأجهزة قادرة على العمل , ولا توجد مشكلة على الإطلاق لإعادة بث قناة عدن , فهناك كادر عنده مقدرة على تشغيل القناة بكفاءة واقتدار , كما أن أجهزة البث الفضائي –بحسب غانم- لازالت سليمة وممكن تشغيلها بأي لحظة. وأضاف غانم: "لا توجد إرادة سياسية لإعادة تشغيل القناة خوفا من السيطرة عليها سياسيا وحرفها عن اتجاهها السياسي , ويرى بان المانع من إعادة بث القناة هو قرار سياسي بيد صانع القرار نتيجة لضغوط المحيطين به" , ويقول أيضآ:" هناك من يصور لصانع القرار إن إعادة بث القناة من عدن سيحرفها تبني خطاب الشرعية إلي تبني خطاب الانفصال وهذا سيحرج الشرعية أمام التحالف والعالم" , مشيرا: "هناك قوي سياسية ضاغطة لا ترغب في عودة البث من عدن لحسابات سياسية هي تتخوف منها وخوفها إن تتحول القناة إلى مناصرة قضايا الجنوب والجنوبيين وكذا فضحها إعلاميا. هذا ويرى موظفون بقناة عدن فضلوا عدم الكشف عن أسماءهم: أن ضعف وزير الإعلام اداريآ في تسيير شؤون الوزارة , وتراخيه في التعامل , أعطى لمنتسبي أحد الأحزاب السياسية ذريعة لفرض سيطرتهم على قناة عدن" , ولعل عجزه فرض قرار تكليف نائب لرئيس قناة عدن الذي رفضه مدير القناة دليل على ضعفه. اكتوبر فصل أخر من المعاناة. عند ال12 من ظهر كل يوم ينصرف العشرات من موظفي صحيفة 14 اكتوبر بعد ساعات من الجلوس على مكاتبهم . يقول "حامد الشعبي" لعدن الغد وهو موظف في قسم المتابعات الصحفية :" مثلما ترى نحضر كل يوم ونقضي ساعات دونما عمل . يقضي الشعبي وزملاته ساعات طويلة في الحديث عن الشأن المحلي وغالبا مايطرحون الكثير من الاجابات للكثير من الاسئلة لكن الاجابة عن التساؤل الاكثر اهمية وهو متى ستعاود صحيفتهم الصدور لا وجود لاجابة له . في الطابق الرابع من المؤسسة تجلس خلف مكتبها "نادرة عبدالقدوس" تطالع عدد من الاوراق كل صباح وتضع عدد من الامضاءات هنا وهناك . عملت "عبدالقدوس" قبل سنوات طويلة في هذه المؤسسة وباتت اليوم تقف على رأس ادارتها لكن في ظروف صعبة . لاتألوا "عبدالقدوس" جهدا في طرق ابواب كثيرة لمسئولين بهدف طلب يد العون لإعادة اصدار الصحيفة لكن دون جدوى حتى اليوم . تقول نادرة عبد القدوس في تصريح خاص ل"عدن الغد" تقول: إننا نأسف عندما ينظر وزير الإعلام لحلم بعيد كإنشاء مدينة إعلامية في عدن , بعيدا عن الواقع الذي هو بحاجة صيانة وترميم للمباني الحكومية الحالية , وفي وقت تعاني فيه وسائل الإعلام الرسمية شحه في المواد التشغيلية ودمار وتخريب. وأضافت عبد القدوس: "كان يفترض بوزير الإعلام أثناء مكوثه في العاصمة عدن أن يزور المؤسسات الإعلامية الرسمية ولو مرة واحدة لتلمس مدى التخريب فيها , ويقوم بطلب تقاريرنا عن احتياجاتنا في تلك المؤسسات" , وأردفت: أثناء لقاءنا بالوزير الذي لم يقم بزيارة مؤسسة إعلامية عريقة ك14 أكتوبر أثناء إقامته بالعاصمة عدن , وعند شرح احتياجاتنا بالمؤسسة , والذي كنا نتوقع إن يقدم لنا الدعم اللازم لاستئناف العمل , وحل كافة مشاكل المتعاقدين تفاجئنا أن يقول لنا: "إن حاجة مؤسسة 14 أكتوبر 10 صحفيين فقط والبقية لسنا بحاجتهم قوموا بتوزيعهم على المرافق الحكومية الأخرى" , وهو ما اضطرني لتقديم استقالتي الذي رفض محافظ عدن قبولها. لماذا لاتزال غالبية الصحف ووسائل الإعلام الحكومية مغلقة ؟ عبد الرحمن أنيس مدير تحرير صحيفة 14 أكتوبر الرسمية يقول: المشاكل المتعلقة بإعادة إصدار صحيفة 14 أكتوبر ترتبط بدرجة رئيسية بالجانب المادي , حيث تفتقر المؤسسة حاليا للمواد التشغيلية والمواد الخام المرتبطة بإعادة الإصدار كالأحبار والبليتات وغيرها , كما تفتقر المؤسسة ايضآ للموازنة التشغيلية. موضحا بان: "محافظ عدن وجه بصرف مبلغ لتسيير عمل الصحيفة الذي بالكاد سيكفي للإصدار خلال شهر واحد"