اعتقد كثير من المراقبين والمهتمين بالشأن اليمني انه بمجرد ان تغيّرت فجأة وعلى نحو غير متوقع ، لهجة الخطاب السياسي للحوثيين نحو المملكة السعودية من الحدة الى الاعتدال فأن ذلك –بحسب اعتقادهم- يبشر بانفراج في حالة الحرب التي تعيشها اليمن منذ عام ويزيد ان (حوار الكويت) سيحسم كل الامور بمجرد التقاء وفدي الشرعية والانقلابين وجها لوجه لكن هذه الاعتقادات لم تكن على قدر كاف من الصوابية السياسية انها مجرد نرجسية محليين ومراقبين فإذا هناك انفراج في حال الخصومة الحاسمة بين الحوثيين والمملكة السعودية وتخفيض نسبة السخونة في علاقتيهما فأن الامر لا يعني ان الحوثيين سيكفون عن اذاها على المدى البعيد او ان الازمة السياسية المعقدة والخطيرة وحالة الاحتراب الداخلي التي لا تزال مستمرة في اليمن وستتوقف ، فالسعودية لديها مشروع (مشروع قديم) في اليمن سيبق ثورتي سبتمبر 1962 واكتوبر 1963، وتعاملت من زمن بعيد مع (الشمال) ومع (الجنوب) -كل على حدة – وفق المشروع وسياسة المملكة التي ارساها مؤسسها المرحوم الملك عبدالعزيز ال سعود وعلى نهجها يسير ابناءه في توارث الحكم وتنفيذ وصيته في التعامل مع الغير –وهي سياسة ثابتة – وان مرت عليها دهور والمملكة لا شك منزعجة جدا الى حد الخوف من النمو الحوثي المتسارع وخاصة في مناطق الشمال وبالذات المحافظات المجاورة لها وهكذا بالنسبة للحوثيين فلهم ايضا مشروعهم العقائدي الذي يعرفه الجميع وهو مشروع النفس الطويل ويحظى بالدعم الايراني المباشر وبمباركة الحوزات و الآيات ويعتمد على توسيع دائرة الاتباع والنصار من خلال عمليات الاستقطاب المكثفة في اوساط الشباب بالذات المرأة ايضا والتمدد الى المملكة ودول الخليج عامة عبر (بوابة اليمن) وما يخوضه الحوثيين الان من حرب على الارض الا لتحقيق هذا الهدف لكن في حقيقة الامر ان تغير لهجة الخطاب السياسي الحوثي نحو المملكة ومنها ما جاء على لسان الناطق الرسمي للحوثيين عبدالسلام بأن (نجران وعسير اراض سعودية) انما اقتضت ذلك حالة الانهاك التي وصل اليها الحوثيين رغم صمودهم الطويل في الحرب وثباتهم على الارض لهذا اتجهوا قبل ان تحل بهم الهزيمة الى سياسة المهادنة المفاجئة مع المملكة التي تنفذ مع دول التحالف (عاصفة الحزم) في اليمن وهي الاولى من نوعها على مدى التاريخ والسعودية كما يبدو تبحث عن حالة من التقارب والطمأنينة مع الحوثيين عبر رؤوس وشيوخ القبائل المعتبرين لديها وخاصة في مناطق التماس الحدودية تملأ به الفراغ الذي تركه الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر ودون تعثر توقف (عاصفة الحزم) في حال تلكأ الحوثيين ولم يلتزموا بتنفيذ قرار مجلس الامن الدولي رقم (2216) ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وهي منطوقة متكاملة لأعاده السلام والامن والاستقرار واستعادة الدولة في اليمن والحفاظ على امن المنطقة بكاملها اما بشان ما يتحدث به الحوثيون عن مظلومية شعب الجنوب فهذه كذبة جديدة من اكاذيب ابريل فهم اول من دخل اراضي الجنوب بقوة السلاح في بداية ابريل 2015م عند انفجار الحرب وبدعم من حليفهم صالح الذي سخّر لهم قوات (الحرس الجمهوري) عدة وعتاد وافراداً وتعاون انصارهم ومؤيديهم واتباعهم في الداخل وعبثوا بكل شيء جميل فيه وقتلوا الابرياء والعزل من المدنيين وقصفوا منازل الاهالي الامنين ودمروها على رؤوس ساكنيها وبنفس الاسلوب الذي جرت به حرب 1994م حينما غزا الشمال الجنوب ودمر شعب بأكمله ونهب ثروثه وارضه وجباله وبحاره وهاهم الجنوبيين ينهضون من جديد بعد ان ضربوا اروع امثلة البطولة والتضحية في الدفاع عن ارضهم وعرضهم وثروتهم واخرجوا الحوثيين وقوات المخلوع صاغرين اذلاء ويخوضون اليوم معركتهم الاخرى مع القاعدة وسط انتصارات عظيمة في حضرموت وابين وعلى المملكة ان تدرك جيدا – وهي تدرك ذلك- ان الحوثيين وصالح لا ذمة لهم ولا وثوق فيهم ولو حلفوا داخل الكعبة