لا أظن بأن هناك من سيختلف معنا حول أزمة الكهرباء في عدن وحاجتها من الوقود اللازم لتشغيلها ، بأنه أزمة مفتعلة ، وهو أمر لا يحتاج ولو لقدر ضئيل من التفكير لإدراكه ؛ وهو توجه يقف خلفه النظام القديم جناح الرياض ، وربما صنعاء . صحيح أن الفساد جزء من اللعبة ، ولكن قسم من هذا الفساد لا يمكن عزله عن ملعوب النظام القديم . وهو توجه هدفه تأسيس مزاج ساخط في عدن والمحافظات المجاورة ضد السلطة المحلية والأمنية ، أملاً في تحول ذلك السخط إلى فوضى ، هذا علاوة على ما يرافقه من حملات إعلامية شعوا ضد محافظ عدن ومدير أمنها ؛ كي يجعلوا من كل ذلك ذريعة للتخلص من تلك القيادات ، وإحلال قيادات ضعيفة وتابعة لهم ، على غرار ما جرى مع رئيس الوزراء خالد باحاح . كي يكتمل مشروع إعادة إنتاج النظام القديم في الجنوب . وهو توجه ليس بجديد ، بل كان وارداً في أجندتهم المستقبلية ، وهو أمر كان يدركه كثر من المهتمين بالسلوك السياسي لتلك القوى ، إذ كان همهم وقتئذٍ تأمين عدن بعد أن فشلوا في تامين أنفسهم بوصفه ضرورة وجودية . ومع ذلك كان في نيتهم التخلص منهم في وقت لاحق بعد أن يتحقق ما يصبون إليه . وهي لحظة يبدو أنها قد بدأت تلوح لهم كما يضنون . وهو اصطفاف هدفه الإجهاض على المشروع الجنوبي ، بما فيه المستوى الأدنى من أطروحاته . أن ما حدث من تقاعس قيادات الدولة عما يجري في عدن ، أمر ينم عن فقدان الشعور بالمسؤولية تجاه شعبهم في عدن وحولها ، سواءً أكان رئيس ، أو رئيس وزراء وحكومة بما فيهم وزير كهرباء ، إذ يرون الناس تتلظى بسبب ارتفاع الحرارة . ووفاة من توفى منهم من ذوي الأمراض المزمنة ، والناس تصرخ أين الملبي . وهم منصرفون عنهم ، غير عابئين بما يكابدونه ، وكأن الأمر لا يعينهم . حيث لا يعنيهم سوى موضوع الشماليين في عدن فقط ، وهذه عدمية مفزعة جداً ، حين تستخدم معاناة الناس أداة في اللعبة السياسية . نعم أقول ذلك لأنني أعلم علم اليقين أن توفير فرابه العشرون ألف طن ديزل ومثله مازوت ، أمر يمكن أن يقوم به كثر من التجار ما دون الكبار . فهل يعجز أولئك الهوامير عن توفير مثل ذلك المبلغ ؟ . علماً بأن شركة العيسي لنقل الزيوت يشاركه في ملكيتها الرئيس هادي ومحسن وهي مما تم تملكه من المؤسسات العامة بعد حرب 94 م . وقد ورد ذلك في قائمة مؤسسات التي تم الاستحواذ عليها . وهي قائمة عُرضت في موقع عدن الغد . ولولا مبادرة الإمارات التي أخجلتهم لربما استمروا في الصمت . إن معاناة كهرباء عدن كان بالإمكان وضع حلول لها مبكراً من خلال السماح بنقل مائة ألف برميل مثلاً من الضبة وتحويلها إلى المصافي ، ويعطى لحضرموت نصيب منها كي تواجه التحديات التي تواجها السلطة المحلية بسبب غياب الموازنة التشغيلية بما فيها مشكلة الكهرباء . لكن بدلاً عن ذلك كان أصنام الرياض عينهم على الغلة لبيعها وتحويل عوائدها إلى ميزانية تشغيلية في الرياض للإنفاق بها عليهم وعلى الحاشية الواسعة الملحقة بهم . على شاكلة ال 150 ألف دولار من عائدات ميناء عدن التي تم كلفتتها . وهو ما كان سبب في مجي بن دغر للمكلا ولكنه لم يفلح في مسعاه . ومع ذلك نقول للناعقين وجلهم من منطقة جغرافية معينة في الشمال وهم ، بالمناسبة لم يتحدثوا بكلمة عن معاناة عدن ، وكأنهم يتلذذون بالمأساة . نقول لهم إن النعيق يمكن أن يؤتي أكله ، ولكن مشروطاً بوجود قوة مادية على الأرض ، أما غير ذلك فيشبه النفخ في قربة مخرومة ، فالأفضل أن تتجهوا لإعادة كرامة تعز التي مرغتموها بالوحل ، بعد أن جردتموها من نخوتها . وكذبتم على التحالف بأنكم الرقم الصب ، وانتم لا تساوون الرقم الأضعف في المعادلة . فرموز السلطة المحلية في عدن وحولها عصية عليكم وعلى من تحملون المباخر لأجلهم . لأنهم هم من عزز التحالف لا أنتم ، حيث كانوا ومازالوا الرقم الصب في المعادلة.