الحرب ظاهرة صحية ،تؤدي إلى صلاح وإستقرار المجتمع والحياة العامة فيه ،لكي تسير بشكلها الطبيعي في النماء والتطور .حيث قال الله تعالى : ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ ) ،لهذا سيظل الاختلاف سنة ماضية ،والتباين سمة الحياة ،والصراع والحرب جزء من الحياة البشرية لا تنفكان عنها بحال ،وغارق في الأوهام من يظن أن الحق منتصر بالحوار فحسب ،وأن منهج السلامه والهروب من الصراع يمكن أن يفضي إلى سيادة أو ريادة .كما إن الحرب ظاهرة إجتماعية ،هي الأشد عنفا والأكثر تأثيرا في مسار التاريخ وصنعه ،( لان التاريخ برأي كارل براون " مجرد حرب مستمرة في جوهرها بين المحظوظين والمالكين والفاتحين من ناحية ،والتعساء والمضطهدين والمسلوبين من ناحية أخرى " ) . فالحرب هي التي أطلقت حضارات وأنهت أخرى ،وتلعب دورا مهما في التحولات الاجتماعية ،وهي الأكثر فاعلية في الأتصال بين الشعوب وحضاراتها .حيث يقول « ماو» فى كتابه ( فى التناقض ) سنة 1937 : (إن الثورات والحروب الثورية لا يمكن تجنبها فى المجتمع الطبقى، وبدونها يستحيل تحقيق أى قفزة فى التطور الاجتماعى والإطاحة بالطبقات الحاكمة الرجعية ليظفر بالسلطة السياسية ) . -كما يقول « ماو» فى كتابه (حول الحرب طويلة الأمد ) سنة 1938 : إن الحرب هى امتداد للسياسة ولكن بوسائل أخرى، فحين تتطور السايسة إلى مرحلة معينة لا يمكنها أن تتطور بعدها بالوسائل العادية، تندلع الحرب كى تزيح العقبات التى تعترض طريق السياسة ) . - ويقول « ماو » ايضا فى (قضايا الحرب والاستراتيجية ) سنة 1938 : ( على كل شيوعى أن يدرك هذه الحقيقة : من فوهة البندقية تنبع السلطة السياسية ) .مما يعني إنه لا يمكن إصلاح العالم كله إلا بالبنادق والحرب .. فالحرب تؤدي عاجلا أو آجلا إلى دفع الدول الأكثر انغلاقا وعزلة إلى الانفتاح على الغير ،كالصين واليابان والمغرب في القرن العشرين .كما أنه في بعض الأحيان تكون الحرب حلا لأزمات اقتصادية .فعلى سبيل المثال في اليمن ،كانت الحرب هي الطريق الوحيد للتخلص من الموروث القبلي في التفرد بالحكم ،القائم على المحاصصة السياسية وتناوب الحكم بالترويض وداعي القبيلة ،كما أنها ظاهرة صحيه ستؤدي في نهاية المطاف إلى إنجاح عملية الهيكلة للجيش اليمني المنقسم عائليا وقبليا بين ركني النظام السابق ،ومنها إلى ولادة المواطنة المتساوية لكل أبناء اليمن ،بعد أن تضع الحرب أثقالها ونتحسس جميعنا ،في الأذهان والقلوب خطاياها .حيث أوجدت للجميع الفرصة التاريخية الناجزة ،لصياغة دولة المواطنة ،على قاعدة التشارك ،والمساواة .وأظهرت اهتماما إقليميا ودوليا واسع النظير باليمن أرضا وأنسانا ...