لم يبق للحديث معنى،ولم يبق للكلمات جدوى ،ولم يبق للإنسانية أي قيمة أو أهمية أو حرمة،فلا معسول الكلام سيحيي قلوباً ميتة، ولا الغلظة والشدة والقسوة ستثمر في صحراء قاحلة وأرض بور انتهكتها سنوات يوسف العجاف.. فقد وصلت لقناعة تامة أن النفخ في القربة (المثقوبة) لن يعيدها لشكلها ووضعها الأول،وأننا سنظل ندور في حلقة مغرقة ولن نصل فيها لنهاية أبدا،فلأستجدى والاستعطاف والنوح كالثكلى والأرامل لن يغير شيئاً في هذا الواقع المثخن بالمآسي والنكبات والأزمات والمصائب التي تتوالى تباعاً..
ولهذا يمكنني القول بأنها قد رُفعت الجلسة ولن يعود القاضي وحاشيته ولن يستأنف الحكمة ولن تجدي المرافعات، فقرارهم قد صدر وبات المحكوم عليها ينتظر اللحظات التي سيُعلق فيها بحبل المشنقة أو يوضع عنقه تحت (المقصلة) أو أن يحيى بائساً تائهاً وجسدٍ خاوٍ مسلوب الإرادة وقبلها الروح والحياة..
لا ترتجي أملاً في أن يستقيم عودك على يدي هؤلاء،ولا تتوسمي خيراً فيهم،ولن يلوح في سماؤك أطيافاً تبشرنا بغدٍ جميلٍ باسماً ضاحكاً،او بحاضر مزدهر يحمل بين تلابيبه عِوضاً عن سنوات الكد والألم والحرب والجوع والفقر وتدني الخدمات، أتدرين لماذا? لأنه صدر الحكم، فكان قاضيك وقاتلك هو ( أبنك )..
ليس من اليوم أو الأمس، بل منذ سنوات حينما جعلوكِ مرتع خصبٍ للإرهاب والفوضى والعبثية،ومسرحٍ للمناكفات والمكايدات والمماحكة والقتل والدم والدمار،وسوق نخاسة يُباع ويشترى فيها الضمير والأخلاق والهوية وحتى الانتماء..
جميعهم حتى (هو) أرادوا أن تكونِ كبش فداء،وقربان تأكله نار (خساستهم)،لانهم يدركون تماماً أنكِ خاصرة الوطن وقلبه (النابض)،ولهذا مارسوا طقوس سياستهم النتنة فيكِ ثم أصدروا حكمهم ورفعوا الجلسة..
الحكم قاسٍ.. وواقعك أشد قسوةً وإيلاماً،لكننا سننتظر الفرج ولكن ليس منهم بل من الذي يقضي ولا يُقضى عليه،وحينها سنصدر قرارنا وسنرفع الجلسة ليمضي حكم العدالة والحق ويذهب هؤلاء للجحيم..