تحل على اليمنيين الذكرى ال54 للثورة اليمنية التي قامت في 26 أيلول/سبتمبر 1962 وأطاحت بنظام حكم الإمامة الذي كان سلالياً عنصرياً محصوراً في الأسر الهاشمية أو من يطلق عليهم "السادة". ووجه رئيس الحكومة الشرعية، أحمد عبيد بن دغر، دعوة لليمنيين في مختلف أرجاء البلاد لإقامة الاحتفالات بهذه المناسبة، تأكيداً على رفض مشروع الانقلابيين التآمري ضد الثورة والنظام الجمهوري. في المقابل، لوحظ أن وسائل الإعلام التابعة للحوثيين كرست برامجها عشية ذكرى ثورة 26 أيلول/سبتمبر لتناول ما يطلقون عليها ثورة 21 أيلول/سبتمبر، وهو اليوم الذي اجتاحت فيه ميليشياتهم العاصمة صنعاء بدعم من المخلوع علي عبدالله صالح. وتعد ذكرى ثورة 26 أيلول/سبتمبر بمثابة محطة جديدة يدين من خلالها اليمنيون المشروع الانقلابي الذي لم ينقض فقط على السلطة الشرعية وإنما أطاح بأحلام اليمنيين وطموحاتهم في بناء دولة مدنية قائمة على الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية. وكانت ميليشيات الحوثي قد عمدت، العام الماضي، وعبر ما يسمى باللجنة الثورية العليا، إلى تجاهل هذا اليوم الوطني وإصدار قرار تضمن اعتماد يوم 21 أيلول/سبتمبر "ذكرى اجتياحهم لصنعاء" كعيد وطني وإجازة رسمية. ورغم أن زعيمهم، عبدالملك الحوثي، دأب على إلقاء خطابات في مناسبات مختلفة، إلا أنه لم يفعل ذلك في ذكرى ثورة 26 أيلول/سبتمبر سواء العام الماضي أو هذا العام، ما يؤكد حقيقة الاتهامات الموجهة للحركة الحوثية بالسعي للانقلاب على الثورة اليمنية الحقيقية والنظام الجمهوري الذي أقامته. من جانبهم، ينظر مراقبون إلى أن هذه الذكرى تمثل أيضاً إدانة للمخلوع صالح، الذي ارتكب جريمة الخيانة العظمى بحق ثورة 26 أيلول/سبتمبر عبر تحالفه مع ميليشيات الحوثي المتمردة. فقبل تلك الثورة في 1962 كان صالح مجرد فلاح يرعى الأغنام في قريته بمديرية سنحان جنوبصنعاء، ولولاها ما كان له الانضمام إلى الجيش والتدرج في المناصب العسكرية حتى أصبح رئيساً للبلاد في 1978 وحتى 2011م. وكانت جماعة الحوثي قد برزت كميليشيات مسلحة متمردة في حزيران/يونيو 2004 حين واجهت الدولة وخاضت معها ستة حروب بين 2004 و2010. كما عقد المخلوع، يوم 15 أيار/مايو 2005 "وكان حينها لا يزال رئيساً"، اجتماعاً بالعلماء من رجال الدين وأعضاء مجلسي النواب والشورى أطلعهم خلاله على وثائق تخص أحداث التمرد الحوثي في صعدة. وقال صالح في خطابه الشهير خلال ذلك الاجتماع: "هذه ميليشيات تشكلت وأرادت الانقلاب على النظام الجمهوري وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وهذا ما أثبتته الوثائق التي دلت على أن هناك انقلاباً كاملاً على النظام الجمهوري ورفضه تماماً وإعادة النظام إلى ما كان عليه في الماضي، وهو ما لا يقبله شعبنا على الإطلاق حيث قدم نهراً من الدماء التي سقطت على صخرة الوعي الوطني منذ تفجير ثورة 26 أيلول/سبتمبر" وقام نظام صالح، في أيار/مايو 2007، باستدعاء السفير اليمني بطهران احتجاجاً على الدعم الإيراني للعصابة الحوثية. لكن صالح، وبعد خروجه من السلطة مطلع العام 2012 نتيجة الاحتجاجات الشعبية وما تمخض من تسوية سياسية تضمنتها المبادرة الخليجية، وضع يده بيد المتمردين الحوثيين سعياً للانتقام من خصومه السياسيين. من جهتهم، يرى محللون أن ميليشيات الحوثي ما كان بمقدورها التوسع خارج معقلها في صعدة والزحف إلى صنعاء ثم التمدد إلى المحافظات والانقلاب على السلطة الشرعية لولا الدعم الذي قدمه لها المخلوع مالياً وعبر قوات النخبة الموالية له، والقبائل التي اشترى ولاءاتها خلال فترة حكمه وأنصار حزبه المؤتمر الشعبي العام، الذين انخرطوا تحت مظلة الجماعة الحوثية وقاتلوا إلى جانبها. والأكثر من ذلك أن صالح ظهر مؤخراً بتصريحات تناقض ما كان يتحدث به حين كان رئيساً، إذ راح ينفي أي وجود لإيران في اليمن وأنها لا تدعم الحوثيين، مرحباً في الوقت ذاته بالتحالف معها. وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي، محمد سلطان، ل"العربية.نت": "في هذه المناسبة يجب أن يكون هناك تحرك شعبي وتوقيع وثيقة مليونية للمطالبة بمحاكمة صالح بجريمة الخيانة العظمى كونه كان يستهل كل ولاية رئاسية بأداء اليمين الدستورية متعهداً بحماية الثورة والحفاظ على النظام الجمهوري، غير أنه نكث بالقسم وتعاون مع المتمردين الذي كان يؤكد هو أنهم يسعون للانقلاب على ثورة 26 أيلول/سبتمبر وعلى النظام الجمهوري".