بقلم: م/نعمة أحمد البيهي قاسمها النسيم :" إني لكِ لمن المخلصين " ، وقاسمتها الغيوم بالمرور الجميل ،وأسرفت العصافير لجوانحها بوعود الوفاء ، وحده هو من كانت على الدوام ترقبه. صديقين ظلا والزمان الطويل يجرجر عباءته : جعل أغصانها أرجوحته ، بنى لجوارها بيتا صغيرا من مياضير* وطين ، رسم قلبا عميقا على صدرها وخفق إذ أنصتت للدعاء الخفي!. وحده هو الذي عرفته جيدا ، يتكئ إليها بظهر متعبٍ...يعيد مواله ألفا ولاتمل ، يحكي لها عن رفاق مضوا ، وحبيبة فارقت ، وأمٍ تعد فطائر الصباح في تذكرها !، يحدثها عن طعم الفقد..لاذع ، وعن الصبر...مر !، تهبه فرسكا لعله _كما الماضي _ يجلو بعصائر الحلو منه المرار الذي استجد !. يأتي الشتاء يقتص من وريقاتها ،جرداء...كاليأس حين يعم ، تشرع أغصانها كجندي استسلم أخيرا إذ لم يجد وجهة للفرار. ورغم الصقيع تعلم أنه هو...وحده هو لن يستطيع أن يجيء إليها بفأس غدر كي يصطلي من حشاها ، وأنه هو وحده هو لن يسلمها _ على عللها_ لجور غريب . وأنه هو...وحده هو سيبقى وفيا لقلة الزاد من معصميها إذ يعود صيفٌ كليل ، وتعلم أنه هو...وحده هو قد لا يجد الظل من راحتيها ولن يتبرم ويبصق قريبا من عجف عودها . وترقب شيبا تسلل إلى فوديه ،وبضع تجاعيد حاصرت مقلتيه ونظرة منهما حائرة ، وترقب نفور العروق في يديه...يشير إلى الوادي القريب يتبرم من قلة الحصاد الوشيك ، يتحدث بكلام غريب عن الضنى والتعب...عن بلاد بعيدة تبتسم له ...لها طرقات معبدة ليست معفرة بالتراب ولن تدمي قدميه كهذه ! ، فيها خلق كثير...ليس كوحشة قلة الباقين هنا ، يحدثها طويلا ولمَّا تفهمه ، تسائله...لا يجيب ، تشعر أن شيئا تغير...وأنه هو _ وهو لها من هو _ قد يغيب ! * : أحجار صغيرة مسطحة تستخدم بين حجارة الكبيرة عند البناء *كاتبة وشاعرة جنوبية