إهداءً لكل الجرحى المنسيين . أيها القابع خلف قضبان الألم . المضحي بأقدامك كي يستقيم الوطن : اصمت عن جراحك طويلاً ورتل بصمت أبيات الندم ... فالسلطان لازال منشغلاً كثيراً عن معاناتك !!. فلتصمت الآن .... فالوقت ليس مناسباً للحديث عن الألم . أيها الساعي نحو تحقيق الهدف ضاعت قناديل فرحتنا بين تفاصيل الوجع .. وغارت قصة فجرنا المنشود في أعماق جرحك النازف .. أيها الجريح المارد : لقد رددوا على مسمعك روايات التضحية . وفي رأسك حرصوا على رسم خارطة الوطن . لكنهم تخلوا عنك ... وفي قدميك تناسوا فاجعة موتك البطيء .
أيها الفاقد لأجزاء من بعضك ..
اصمت عن جراحك ... فالحديث في عصر الوهم جريمة لا تغفر . وبلبلةٌ تستهدف مكانة السلطان ، وتشكك في قدرته على انتزاع الخارطة . ففي قاموس " الديماغوجيين " لا توجد كلمة " الآه " . وفي دستور أتوقراطيتهم كتبوا " أن التأوُّه من الجراح مؤامرةً عظمى تهدف للتجيش على السلطان . فلتصمت عن جرحك أياماً وشهوراً ولتطبق شفتاك سنيناً . كي يستمتع العامة بالاستماع لقصة الفوز بالأميرة النائمة وقبلة التنين الأخيرة . التي يرويها لهم ماسحي أحذية السلطان . أيها الجريح القادم من بين ركام الانتصار وأكوام المآسي . لأجلك قد عقدوا جلسة سرية في محكمة غير علنية .. وفيها قد أقروا .... أن لا تتحدث .. أن لا تنطق كلمةً .. أن لا تقول " آهٌ يا وجعي ، وآهٌ من صمتكم على وجعي " . وقرروا أن لا تتأوه أبداً . ولتبتلع مأساة غصاتك كثيراً وادخل الكوخ العميق ... كي تبكي فيه بلا دموع وتنثر في أرجائه هسهستك .
فالدموع في زمن الموميا مؤامرةً هي الأخرى . تستهدف مكانة السلطان . وتعرِّي حقيقة الخليفة البعيد عن جغرافيا الحلم وخارطة الوجع . أيها المسجونون بلا سجان ، الميتون بلا مقبرة . تألموا بصمت وإياكم أن ترفع أصوتكم .. فالخليفة لازال ينثر جلنار ربيع الوهم . والسلطان لازال يروي للرعية قصة فوزهم القريب ... بتلك الأميرة النائمة . عبدالله فضل الحسام