إن قضية الوحدة الوطنية من أولى القضايا التي أٌثير حولها بعض الجدل والاجتهادات المتعددة ، وخاض فيها الخائضون ، حتى تجلت بالدعوة الصريحة إلى أننا جميعا في هذا الوطن الجنوبي الغالي مواطنون جنوبيين ، بغض النظر عن أصولنا ومنابعنا ومحافظاتنا .... وأننا جميعا متساوون في الحقوق والواجبات ، وأن من يعبث بهذه الوحدة الوطنية ، أو يثير حولها المشكلات والانقسامات فإنه يعتبر خصم لدود لكل أبناء الجنوب . إن ترك المجال لأي فرد أو جهة تعبث بالتماسك الوطني الجنوبي ، ستكون نتيجته غير محمودة علينا جميعا ، وما زالت هذه القضية بحاجة إلى تعميق في النفوس وبالشعور والتعاطف والألفة وترسيخ التسامح والتصالح بين الجنوبيين عامة – حيث وأن هذا السلوك يلعب دورا بارزا في ترابط أفراد المجتمع . وهنا لابد من قطع الطريق على كل من تسول له نفسه بتعميق الخلافات وشق الوحدة الوطنية وبث بذور الفتنة بين أبناء الجنوب وإثارة الحساسيات وافتعال المشاكل. قدم الجنوبيون ولا زالوا يقدمون آلاف الشهداء والضحايا ، وهناك الآلاف أيضا من الجرحى والمعاقين ينتظرون أن تبدي الحكومة استعدادها لتقديم العلاج والاهتمام بهم – وكذلك ينتظر البعض دفع رواتبهم وتوظيف من يطالبون الحصول على وظائف رسمية وليس مجرد دفع الإعانات . نحن بحاجة إلى إرساء مفاهيم واتجاهات تقوم على المثّل والقيم ، لا على التسلط والانتقام ، وإهدار قيمة ووجود الآخرين . لقد قام شعبنا في الجنوب رجالا ونساء وشبابا وكل جماهير الجنوب بالتصدي للحرب القذرة التي شنت عليه ، وكانت المقاومة الجنوبية رمزا للنضال والبطولات ، وهم من حققوا الانتصارات التي ينعم بها شعبنا ، فعلينا أن نعتز بأمثال هؤلاء . لابد من أن نوحد جبهتنا الداخلية ونحافظ على الوحدة الوطنية ، وأن ندافع عن أرضنا ، وأن نمارس التسامح والتصالح عملا وسلوكا ، حتى يتحقق مستقبل الجنوب وأهله . ولكي لا نظل نعيش الخطأ ولا يستطيع تصويبه فأننا نناشد بالكف عن المماحكات والتوقف عن ممارسة الشحن المناطقي وعدم الدفع بالأمور إلى منزلقات خطيرة نحن في غنى عنها . اليوم يمكننا القول : بان الوعي والحيطة وحسن النوايا صفات يجب أن نتحلى بها جميعا ، ولقد آن الأوان أن نوقف مثل هكذا سلوكيات ، ونؤكد بان التسامح والتصالح سلوكا وممارسة وليس أقوال . والله من وراء القصد ..