تشهد المحافظة الساحلية شرق عدن حراكًا ملفتًا لتنظيم القاعدة المتشدد ،بعد أن دخلتها قوات موالية للرئيس اليمني /عبدربه منصورهادي ،مدعومة بمقاتلين محليين في 14 أغسطس/آب الماضي ،ضمن حملة عسكرية واسعة أطلقتها قوات الأخيربدعم مباشر من التحالف الذي تقوده الرياض،وقالت أنها تهدف لطرد عناصر التنظيم الجهادي الأبرز في جزيرة العرب من محافظة "أبين" رابع كبرى مدن جنوباليمن على ساحل البحر العربي. هذا الأخير أحكم سيطرته على أبين بُعيد حملة مُماثلة قبل عام ،أفضت في النهاية إلى طرد حلفاء الحرب في اليمن من الأطراف الساحلية لزنجبار العاصمة ،وبلدات شقرة والعين ،ولودر المديرية الأكبر شمالي شرق أبين. وعاود التنظيم الجهادي الظهور مجددًا وأعلن مسؤوليته عن عديد هجمات ضرَبت حواجز تفتيش لقوات لواء الحزام الأمني التي تتلقى دعمًا مباشرًا من أبوظبي صاحبة الدورالأبرز جنوبًا ضمن التحالف الذي تقوده السعودية منذ مارس/آذار 2015. وفيما بات الهجوم بالسلاح الخفيف والمتوسط يأتي أولًا..تنوعت عمليات التنظيم الأخرى ،مابين نصب كمائن لأفراد في قوات الحزام الأمني ومقاتلين محليين ويحدث ذلك غالبًا بالسلاحين الخفيف والمتوسط. وبالتوازي زرع الجناح الإسلامي المتشدد عبوات ناسفة في خمس مناسبات وفجّرها عن بعد ،في مواقع تمركز للقوات ذاتها.
__حوادث الإنفلات الأمني • لكن مركبة مُفخخة تحمل وسم الحملة الأمنية أنفجرت في مبنى للقضاء ،يقع في مسقط رأس الرئيس اليمني صباح ال11 من سبتمبر/أيلول الفائت ،قبل أن تُسقط العشرات بين قتيل وجريح. كان الحادث الأخيرهو الأكثر دموية حتى الآن والأول من نوعه ،كما أنهُ الأول أيضًا في قائمة طويلة من هجمات شنها متشددو التنظيم ،بعد دخول القوات الحكومية لعاصمة المحافظة قبل أربعة أشهر ونصف. وبالتوازي شن مسلحون يعتقد أنتماءهم لتنظيم القاعدة هجومًا بالأسلحة الخفيفة على مبنى المحافظة القديم وسط زنجبار العاصمة ،قبل أن يندلع بعدها تبادل كثيف لاطلاق الناربين القوة المهاجمة من جهة وقوة من الحزام الأمني كانت مرابطة في المكان ذاته ،خلف عديد جرحى من الجانبين. لكن عناصر مرتبطة بالتنظيم في الوضيع شرقي أبين ،لغّمت مبنى محكمة المديرية قبل أن تفجّره وهو ذات المبنى الذي هاجمه التنظيم بمركبة مُفخخة قبل يومين من تفجيره. في ال13 من سبتمبر/أيلول الفائت ،بُعيد يومين من العملية الانتحارية في الوضيع قُتِل جنديان وأصيب ثالث في هجوم بالأسلحة الخفيفة شنه مسلحون يُعتقد إنتماءهم للقاعدة ،على مدرسة حكومية في بلدة العين شمالي شرق لودر. في ال20 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي ،قُتِل أربعة من جنود قوات لواء الحزام الأمني في هجوم بالأسلحة الخفيفة شنهُ مسلحون يُعتقد إنتماءهم لتنظيم القاعدة على حاجز تفتيش في بلدة عمودية غربي زنجبار العاصمة. في صباح ال27 من أكتوبر/تشرين الأول الفائت ،عُثر سكان محليون على جثة مواطن في العقد الثالث من عمره مرّمية على الخط الواصل بين مديرية الوضيع وبلدة الخديرة ،ويرجّح أن عناصر مرتبطة بالتنظيم المتشدد أختلفت مع هذا الأخير قبل أن تختطفه من منزله وتغتاله فيما بعد ،لكنها بالتزامن أصابت شقيقه. في ال14 من نوفمبر/تشرين الثاني ،أنفجرت عبوتين ناسفتين في حادثين منفصلين ،الأولى سُمِع صدى صوتها وسط سوق المدينة ،لكن الثانية أنفجرت بالقرب من حاجز تفتيش قرب محطة كهرباء المدينة. وفي ال19 من نوفمبر/تشرين الثاني،أُصيب جندي بجروح خفيفة في إنفجارعبوة ناسفة وسط حاجز أمني في الأطراف الشرقية لبلدة العين التابعة لمديرية لودر. وبالتزامن..قُتِل جنديان وأصيب ثلاثة آخرون في إنفجارعبوة ناسفة في مركبة عسكرية قبالة مبنى إدارة أمن لودر. في ال28 من نوفمبر/تشرين الثاني ،أغتال مسلحون يعتقد أنهم من القاعدة القيادي في التيار السلفي "الخضر المعلّم" في بلدة العين المتاخمة لمديرية لودر عند السلسلة الجبلية الأطول جنوبًا. في ال12 من ديسمبر/كانون الأول ،أنفجرت درّاجة نارية مُفخخة رُكِنت بمحاذاة مركبة عسكرية أثناء مرورها في أحد شواع مديرية لودر،أصيب مواطن بجروح خفيفة في الحادثة التي تعد الأولى من نوعها من بين سلسة عمليات التنظيم المتشدد. وفي ال4 من يناير/كانون الثاني،أُصيب 2 مقاتلين محليين بعدما هاجم متشددون حاجزًا أمنيًا في منطقة "خبر المراقشة"،عند البوابة الجنوبية لمديرية الوضيع. وبالتوازي نصب مسلحون يعتقد أنهم من القاعدة كمين مسّلح في بلدة "مرّون"،لقوة من التدخل السريع بُعيد ساعات من تنفيذها حملة مداهمة أمنية وصفتها مصادر محلية متطابقة بالفاشلة. وبالتوازي قُتل 2 مقاتلين سلفيين برصاص شقيق قائد قوات التدخل السريع قبالة مشفى حكومي بعد خلاف نشب بين الطرفين على خلفية فشل المداهمة التي قادها شقيق الأخيرعلى مواقع تمركز متشددين إسلاميين في الريف الساحلي لأبين ،لكن الحادثة لا تحمل بصمات إرهابية. في ال13 من يناير/كانون الثاني ،نصب مسلحّون يعتقد أنهم على صلة بتنظيم القاعدة كمين مُسلح للقيادي في قوات لواء الحزام الأمني/مازن قهس ،في بلدة "امّصرة" الريفية بالقرب من سلسة جبال العرقوب ،قُتل أحد مرافقي الأخير في الحادثة التي أوقعت ثلاثة جرحى ،لكن القيادي الشاب نجى سالمًا. وفي ال15 من يناير/كانون الثاني ،شن مسلحون متشددون هجومًا بالسلاحين الخفيف والمتوسط على حاجز تفتيش مثلث كهرباء لودر قبل إن يقتلوا 4من أفراد لواء الحزام الأمني ويصيبوا ثلاثة آخرون. وبالتزامن نفّذت عناصر مسلحة هجومًا بقذائف الهاون على مواقع عسكرية في جبلي" يسوف وعكد"، المتاخمين لمديرية لودر من الشمال والشمال الشرقي. وفي ال18 من يناير/كانون الثاني،أندلعت مواجهات بالسلاح الخفيف والمتوسط بين مسلحين مجهولين وأفراد من قوات الحزام الأمني ،في محيط موقع أمني كانت العناصر ذاتها قد هاجمته قُبيل إندلاع المواجهات التي خلفت قتيلين من الجانبين. وبعد يوم واحد من الليلة الدامية في زنجبار،قُتل مسلح محلي وأصيب آخرفي هجوم شنهُ مسلحون مجهولون على موقع تمركز مقاتلين محليين في مبنى خفر السواحل الواقع في بلدة "شقرة" على ساحل البحر العربي. وفي ال28 من يناير/كانون الأول ،نصب مسلحون يعتقد أنهم على صلة بالقاعدة كمين مُسلّح لقائد قوات الحزام الأمني في لودر"رشدي العلواني"، وأردوه قتيلًا في الحال وثلاثة من مرافقيه. مساءًا في ذات اليوم نفذت عناصر مسلحة قصفًا بقذائف الهاون على مواقع متفرّقة ،لكن مصادرأمنية قالت إن القصف طال مبنيي المحافظة وشرطة المدينة وسط زنجبار العاصمة.
يعتقد مراقبون مهتمون أن ثمة عديد أسباب لفشل الحملة الأمنية التي أطلقتها القوات الحكومية اليمنية في محافظة "أبين" الجنوبية ،وتلقت دعمًا مباشرًا من الإمارات التي تقود إلى جانب العربية السعودية تحالفًا عربيًا منذ مارس/آذار2015 ،ضد تحالف الحرب شمالًا (الحوثيون وصالح) ،لكن التحالف ذاته تطوّر وأصبح يقود عمليات عسكرية ضد فصائل تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية في مدن جنوباليمن. أنشئت أبوظبي في عدن وأمتد الأمر لاحقًا إلى المدن المجاورة لها شمالًا وشرقًا (قوة أمنية) ليست رسمية سُميت "بالحزام الأمني" والأخيرة كانت على رأس الحملة العسكرية التي دخلت أبين في 14 أغسطس/آب الماضي ،إلى جانب عديد تشكيلات شعبية ،لكن القوة المدعومة إماراتيًا كانت الأبرزعلى المستويين العسكري والأمني. هنا يقدم السبب الأبرز نفسه! يرى مراقبون أنه من غير المعقول إعادة الخطأ ذاته مجددًا ،في أبين والإعتماد على فصائل وقوات شعبية ليست رسمية لا يُعرف ماهية الإنتماء والتوجه السياسي لأفرادها ،كما كان حاصل من قبل مع اللجان الشعبية قبل أعوام في المحافظة نفسها. يرى مراقبون إن إسناد مهمة تأمين المحافظة الجنوبية الأكثر إختراقًا من قبل النظام السابق لقوة ليست رسمية ولا مسار واضح ومحدّد لإستراتيجياتها هو الخطأ الأكثر فداحة! ،إذ أنهُ من غير المعقول إحكام السيطرة على محافظة شاسعة المساحة ومترامية الأطراف و تحوي أكبر تناقضات الحرب والسياسة ،بواسطة جهاز أمني ناشئ ليس لديه الخبرة الكافية لضبط إيقاع الأمن ،كما أن ثمة حديث يُدار حول الإنتماء الحقيقي لأفراده الذين لا يملكون أرقامًا عسكرية مما يجعل إرتباطهم المهني والروحي للجهاز على المِحك. للمهنية ومن باب الإنصاف قامت قوات "الحزام الأمني" بحملة مداهمات أمنية ناجحة ضد مواقع لمتشددين إسلاميين في مدن "زنجبار وجعار" مركز المديرية الأكبر غربًا ،و"لودر" في الشمال الشرقي ،لكن ذلك لا يعني إهمال تشكيل أو إسناد مهمة تأمين المحافظة لقوة حكومية رسمية تُدرّب وتراقب تحت إشراف حكومي ويجب الإنتقاء الجيد لأفرادها ،إذ إن وجود قوة رسمية لايعني حلًا شاملًا بالضرورة، لأن ثمة نكبات صدرت من رأس الهرم الحكومي. _تتمدد أسباب فشل الحملة الأمنية إلى خطأ ثانً لا يقل فداحة عن الأول. تقول مصادر محلية إن قيادة قوات الحزام الأمني أقامت حواجز تفتيش في عديد بلدات في المحافظة ونشرت فيها مقاتلين محليين لا يتمتعون بالخبرة الكافية ومن دون أي تعزيز بشري أو عسكري ،ما جعلها في الغالب عرضة لهجمات التنظيم المتشدد في أكثر من مناسبة. ما الذي يدفع قوة أمنية تتولى مهمة تأمين محافظة مضطربة لنشر أفرادها بلا دعم بشري أو عسكري ،خاصة إن البعض منها يقع بالقرب من مناطق مشبوهة! الحديث عن غياب الدعم البشري لا يعني إلا شيئًا واحدًا وهو إن بعض حواجز التفتيش لا يتجاوز أفرادها العشرة أفراد!!! ،وغالبًا يصبح لدى الواحد منهم عشر طلقات نارية وهي لا تفي بالغرض فيما إذا هوّجم المكان من قِبل أي فصيل مسلّح!! أحد أكثر الأسباب إحراجًا هو الإختيار العشوائي لأفراد الحزام الأمني لذا لا غرابة في إن البعض من مُجنديه صغار في السن ولا يتمتعون بالحس الأمني الكافي والخبرة العسكرية للمساهمة في تأمين أبين. فيما بات البعض منهم متجاوزًا للعمر القانوني للتجنيد من كبار السن وهو عامل آخر لا يبدو مساعدًا.
_الحملة الأمنية في أبين فشلت قبل إن تبدأ. يرى قطاع واسع من المهتمين بالشأن الأمني في أبين إن حملة طرد تنظيم القاعدة من المحافظة فشلت قبل إن تبدأ. إذ أنها لم تتخذ مسارًا تصاعديًا تراتبيًا في تطهير المحافظة ،بدلاً من قطع المحافظة ذهابًا وإيابًا في خط طويل ومن بعدها العودة دونما إنجاز فعلي للهدف الأسمى. الحملة الأمنية لم تبدأ أولًا في التطهير الفعلي ،بما معناه (التعقّب والترصّد) لعناصر التنظيم بعد كل بلدة أو منطقة تدخلها القوات الحكومية ،أتخذت مسارًا طويلًا يبدأ في "زنجبار" وينتهي في "لودر"،لكنها لم تلتفت بعناية وتركيز للجيوب على جهتي الخط الذي قطعته كاملًا في يوم واحد. الحملة ذاتها أتجهت بخجل لريف الساحل وهو المعقل الأبرز للتنظيم في المحافظة وتجاوزته إلى مدن "أحور والمحفد"!! هنا تصبح الحملة فاشلة ولا يحضر سوى المثل القائل"وكأنك يا بوزيد ما غزيت". ثمة عديد أسباب وحقائق للفشل الأمني في أبين سنستعرضها لاحقًا ،لكن هناك حقيقة واحدة تتجلى الآن وليس بعد وهي إن المحافظة الجنوبية قاب قوسين أو أدنى من السقوط مجددًا بيد تنظيم القاعدة المتشددّ. *من صالح محوري - تقرير خاص بصحيفة "عدن الغد"