فشلت القوة العسكرية الشمالية في إخضاع الجنوب وعادت من حيث أتت وهي تجر أذيال هزيمة نكراء ألحقتها بهم المقاومة الجنوبية الفذة. جحافل الغزاة لم تعد موجودة في الجنوب، لكن حربا أشد شراسة وأكبر ضررا بالمواطن الجنوبي لازالت قائمة في محافظات الجنوب وعاصمتهم عدن.. حرب سلاحها (افتعال أزمات الخدمات) ومنفذوها مسؤولون ارتبطت مصالحهم الفاسدة بالمخلوع صالح ويستميتون لضعضعة انتصار الجنوبيين (معنويا) تمهيدا لإسقاطه عسكريا في مرحلة لاحقة. شوارع واحياء العاصمة عدنوالمحافظات الجنوبية الأخرى تحولت برك لمستنقعات المجاري الطافحة، والنتيجة انتشار غير مسبوق لأمراض حمى الضنك والملاريا والتيفوئيد والكوليرا، والتي تحصد في كل يوم أرواح بريئة أكثر مما حصدته قذائف المليشيات. الكهرباء في انقطاع تعدى بكثير الانقطاعات خلال فترة الحرب، وضحاياها بالعشرات من مرضى القلب والضغط والسكري والربو، الذين لا يقوون على تحمل الحرارة بسبب حالاتهم المرضية.. وأسالوا المستشفيات في عدن عن الحالات التي تصلها خلال انقطاعات الكهرباء. المشتقات النفطية ليست أكثر من (أزمة مفتعلة) بحسب تأكيدات مسؤولين في تصريحات صحفية نشرتها الصحف خلال الأشهر الفائتة، ومع ذلك لا تحرك الحكومة الموجودة في معاشيق ساكنا ل (سحب مفتعلو الأزمة من قفاهم) كما كانت تعمل المقاومة الجنوبية خلال فترة الحرب مع كل من يعبث بالأمن أو الخدمات، وكل ما يصدر عنها وعود بحل أزمة هي الأساس تباركها بالصمت عن من يرتكبونها لإظهار عدن بمظهر العاصمة الفاشلة. حرب قذرة هذه التي نعيشها الآن في الجنوب.. وفصولها ستستمر وتتفاقم طالما وأن الشارع الجنوبي صامت ومكتفي الدعاء على المتسببين فيها أو كيل الشتائم لهم. لكن السؤال الموجه إلى الشارع الجنوبي: هل الدعاء والشتائم كفيلة بإنهاء معاناتك ومسلسل الإذلال والتركيع الذي تتعرض له. الدعاء والشتائم لم يهزموا قوات المخلوع والحوثي، ولم يحرروا عدن والجنوب ويستعيدوا لنا الكرامة والعزة، بل من صنع كل ذلك هو الدعاء والشتائم ولكن مصحوبة بالعمل والتضحية، والمقاومة.. مقاومة بالسلاح، مقاومة بالعمل، مقاومة برفض العبث بحياة الجنوبيين من قبل أيا كان. الصمت من قبل مسؤولين بحكومة الشرعية على ما يحاك بحق الجنوبيين من مؤامرة لهزيمتهم معنويا جريمة، لكن لأولئك ما يبرر صمتهم من مصالح الفساد. أما الصمت الذي لا يمكن تبريره فهو صمت المواطنين الجنوبيين أنفسهم على ما يتعرضون له من أزمات خدمات ومعيشية مفتعلة تعصف بحياتهم، واستمرار هذا الصمت يجعلنا نحن الجنوبيين مشاركين في الجريمة ضد أنفسنا.. فهل حانت لحظة انهاء استراحة المحارب واستكمال الانتصار أم للصمت بقية.