منذ أن بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة مشاركتها العسكرية والإنسانية ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، ارتكز النهج الإماراتي على قيم التضامن الأخوي الصادق، وعلى التضحية والفداء، فقدمت قوافل من خيرة جنودها الأبطال شهداء في معارك أثبتت صلابة وعزيمة قواتنا المسلحة في أوقات الشدة، بالإضافة إلى أن الإمارات كلما حررت مناطق وأراضي جديدة من الانقلابيين كانت تقوم فيها بأعمال إنسانية وجهود جبارة لإعادة تأهيلها وتوفير الأجواء الطبيعية لحياة سكانها، وهذا ما تم على نطاق واسع في المحافظاتاليمنيةالجنوبية التي وقع على عاتق القوات الإماراتية تحريرها بالاشتراك مع المقاومة الجنوبية. نعيد التذكير بهذه البديهيات لأن التطاول على الإمارات والتشكيك في دورها يتكرر. لكن عندما نعرف من يقف وراء التطاول وإطلاق الإشاعات وتسويق الأقاويل المغرضة ضد الجهود الإماراتية، ندرك دوافعه لذلك.. إنه تيار الإخوان المتأسلمين الذين وضعت لهم دولة الإمارات حداً وكشفت مؤامراتهم وطرق ابتزازهم. ومن يتطاول على الإمارات من الفرع الإخواني اليمني هم مجموعة تفرغوا للهذيان من فنادق تركيا وغيرها، دون أن يقدموا لبلدهم أي جهد يذكر سوى المكايدات الإعلامية والكتابات الحاقدة، بل كانوا مساهمين في تمدد الحوثيين، بدليل فشلهم في حسم أي معركة في المناطق التي يدعون القتال فيها، بينما أصبحت حرب استعادة الشرعية بالنسبة لهم فرصة للارتزاق والمتاجرة والبحث عن غنائم ومواقع حكومية وهمية. وأبرز مثال على التطاول الإخواني ضد الإمارات ما تثرثر به إخوانية مغمورة حصلت على نوبل بالخطأ، وتكرس وقتها ومالها من إسطنبول للهذيان بشكل يثير سخرية المتابعين المنصفين الذين يحاولون تنبيهها إلى أنها تكتب بحقد وتجهل تضحيات الإمارات وما قدمته حتى الآن من أجل اليمن.
ومن خلال مواقف متراكمة وردود أفعال متشابهة، نلاحظ أن تيار الإخوان المتأسلمين في اليمن هم الطرف الوحيد الذي يعمل على تشويه دور الإمارات، بدليل إطلاق العناصر الإخوانية المقيمة في تركيا حملة مسعورة ضد الإمارات على مواقع التواصل الاجتماعي طوال الأيام الماضية، تحت مبررات وادعاءات كاذبة. وإذا أراد الإخوان المفلسون وغيرهم أن نذكرهم بالخلفيات التي يتحرك على أساسها الجنوبيون من تلقاء أنفسهم فلا مانع. لكن هل يتذكر الإخوان أن أحد قادتهم أطلق فتوى بتكفير الجنوبيين وإباحة دمائهم في حرب عام 1994؟
لقد تابع الجميع المستجدات التي أسفرت الخميس الماضي عن إعلان تشكيل مجلس انتقالي سياسي لتمثيل أبناء جنوباليمن، بعد أسبوع من صدور إعلان عدن الذي وصفه الجنوبيون بالتاريخي. وإذا كان الناس في جنوباليمن يثقون بالإمارات، ويرفعون صور شيوخها في تجمعاتهم، فهذا يدل على تقديرهم لجهود الإمارات في تحرير المحافظاتالجنوبية، أما بخصوص ما يعلنونه من خيارات سياسية وما يشكلونه من تكتلات ومجالس فهذا شأن يخصهم، ولا يمكن لأحد أن يملي عليهم ما يفعلونه. وفي النهاية هذا شأن داخلي إذا أراد الجنوبيون الانفصال فهم أحرار. ويمكنهم الاستفتاء على أي خيار يتخذونه سواء الانفصال أو الانتقال إلى شكل فيدرالي، وبخاصة أن الوحدة الاندماجية التي تمت عام 1990 كانت بقرار من السياسيين ولم يكن لشعب الجنوب أي رأي في قرار الاتحاد.
أحدث مثال على أهمية دور الشعوب في اتخاذ القرار عندما رأت بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث لم يقرر ذلك رئيس الحكومة، بل حدث استفتاء شعبي قال فيه البريطانيون كلمتهم. ونرى أن المجتمع في جنوباليمن هو من يقرر الانفصال أو الشكل الاتحادي، أما دور الإمارات فيحتكم إلى الأهداف الواضحة للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن. مع العلم أن الشرعية هي جوهر ومبدأ يتجاوز الأشخاص والأسماء، ودعمها لا يتناقض مع انتقاد من يمثلونها في الوقت الراهن، ويبدو أن المرحلة القادمة تتطلب لمصلحة الشرعية ذاتها تغيير الواجهات التي فشلت حتى الآن في استثمار الانتصارات على الأرض.