عصر اليوم فتحت الإيميل بعد انقطاع لمدة بضعة أيام فإذا بي أعثر على رسالة خاصة من الأستاذ العزيز الدكتور نمير العاني وهو مفكر عربي عراقي من العيار الثقيل ! أكيد تتذكرون هذا الاسم الذي كان ذات يوم في جامعة عدن وفِي دولة الجنوب الآفلة كلها رمزاً أكاديمياً وفكرياً رفيع الشأن، إنه الدكتور نمير مهدي حمد العاني الذي تلمذنا وزملائي الاعزاء وزميلاتي العزيزات على يديه -كان عددنا قرابة الثلاثين طالباً وطالبة إذا لم تخني الذاكرة - منذ العام الأول لدراستنا الجامعية في العام الأكاديمي 1982-1983م في قسم الفلسفة والاجتماع ، كلية التربية العليا جامعة عدن، كان الأستاذ نمير أشهر من نار على علم! في عدن إذ يعد من أفضل الأكاديميين العرب في العلوم الإنسانية والاجتماعية الذين عملوا في مؤسستنا الأكاديمية الفتية جنباً إلى جنب مع أستاذنا العزيز أحمد نسيم برقاوي والدكتور طيب تيزيني والاستاذ جيلي عبدالرحمن والأستاذ مبارك خليفة والأساتذة الإجلاء عبدالرزاق عيد وخضر زكريا وعبدالشافي صديق وعبدالسلام نور الدين وحامد خليل وغيرهم من الأساتذة العرب الذين عملوا في جامعتنا على مدى سنوات . ومن ذَا الذي لا يتذكر الأستاذ نمير العاني في مطلع ثمانينيات القرن الماضي وهو الأستاذ الأكاديمي والمفكر الإنساني الذي أتُهم حينها زوراً وبهتاً بأنه هو من كتب (وثيقة العمل) للرئيس علي ناصر محمد حينها مع الشهيدين زكي بركات وفاروق علي أحمد اللذان كانا صديقان له كما كان يتردد في تلك الأيام! وأتذكر أن الدكتور نمير كان قلقا من تلك التهمة الباطلة التي كادت تؤدي بحياته في أحداث يناير المؤسفة ، إذ سافر بعدها مباشرة إلى روسيا وعمل أستاذا للفلسفة المعاصرة في جامعة سان بطرس بورج الشهيرة ثم عاد إلى عدن بعد عام 1990للتدريس في برنامج الماجستير وكان من حسن حظي أن أكون من طلابه في برنامج الماجستير ثم غادر عدن بعد حرب 1994م إلى روسيا فانقطعت عني اخباره، فكم كانت سعادتي غامرة حين وجدت هذه الرسالة الوحيدة من الأستاذ الذي أعتز وأتشرف بالتلمذ على يديه منذ سنة أول جامعة. إنه رمزاً فكرياً أكاديمياً عربياً يستحيل نسيانه والرموز تظل خالدة في القلب والذاكرة! البروفيسور نمير العاني أخبرني إنه عثر على عنواني عبر العالم الافتراضي بالصدفة البحتة كما جاء في رسالته الكريمة بينما كان يبحث عن عنوان الاستاذ الدكتور يعقوب قاسم عميد كلية التربية والعلوم الحالي فشكرا له لأنه كان سبباً رائعاً في التواصل مع استاذي العزيز نمير العاني الذي أعتز وأتشرف بتواصله الكريم وبشهادته الغالية ! وما أجمل أن يلتقي التلميذ بأستاذه بعد ثلاثة عقود ونيف من الزمان !