لحرب افرزت بيئة مع الاسف الشديد رديئه جداً، وخلقت واقع لم يتصوره المواطن في عدن من فساد فاق بكثير فساد ما قبل الحرب. وخدمات تفتقر الى مصداقية القائمين عليها نتيجة عدم وجود رقابة ومحاسبة ووجود نيابات ومحاكم تبت بسرعة في قضايا تمس خدمات المواطن ونهب مقدارات الدولة والمال العام دون حسيب او رقيب وهل هدا متعمد ام مقدر ومكتوب. وزاد بشكل كبير نتيجة لعدم مساس لاي شخص منهم بتهمة الفساد وتقديمه للنيابة والمحاكمة ، وهدا ما زاد من توسع نفود الفساد وانتشاره بشكل مخيف . توقع الكثير منا بعد الحرب الظالمة على الجنوب وتحرير عدن من مليشيا الحوثيين و المخلوع صالح ان عدن ستستعيد عافيتها من جديد كما كانت سابقاً دولة النظام والقانون ، وستنهض مؤسساتها الأمنية والخدمية بسواعد ابنائها ورجالها الشرفاء كدولة مدنية. لم اتوقع والكثير منا ان تكون المناطق المحررة ومنها عدن كعاصمة مؤقتة ، حجم الفساد في مرافقها الخدمية كالكهرباء والمياة والنفط والصحة وغيرها ... يفوق فساد ما قبل الحرب بكثير جداً جداً . حتى عزف الكثير من الكوادر والقيادات الوطنية الشرفاء من ان يتبؤو اي منصب في ظل وضع هش وغياب للمؤسسات الأمنية والقضائية كالنيابات والمحاكم، والأمن السياسي والقومي كأجهزة مرتبطة مع بعضها البعض بغرفة عمليات واحدة ماسكة زمام الدولة لا يستطيع اي مواطن كان من كان ان يخرج عن النظام والقانون في ظل هده المؤسسات التي تعرف مجال عملها ، ترفع تقاريرها وتتلقى تعليماتها من قيادة مشتركة عليا مسيطرة على جميع مديريات محافظة عدن ومؤسسات الدولة ككل. تحيل اي فاسد او متقاعس في عمله الى النيابة ويقدم للمحاكمة ، وتحيل اي ضابط او جندي تعدى على اي مواطن او مؤسسات الدولة لمحاكمة عسكرية. ولا تتدخل مؤسسة أمنية في مجال مؤسسة أمنية اخرى . فالجيش لا يمكن ان يتدخل بالأمن الداخلي ، والأمن الداخلي لا يتحرك ألاٌ بعمليات أمن عدن ووزارة الداخلية . لهذا علينا جميعاً ان نعيد النظر لتغيير هدا الواقع المؤلم الدي يعاني منه الجميع . فغياب الأخلاق هي من اظهرت الفاسدين ، والبلاطجة ، والخارجين عن القانون.
وأكَّد الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - على ضرورة ارتكاز بناء الإنسان ونهضة الأمم على مَكارم الأخلاق والحُرِّية الإنسانيَّة، بل لفتنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى أنَّ مكارم الأخلاق وبناء الإنسان هي رسالة الأنبياء والرُّسل - عليهم صلوات الله وسلامه - عندما قال: ((إنَّما بُعِثت لأتمِّم مكارم الأخلاق)) وعندما مدحه ربُّه وأثنى عليه، قال في حقِّه: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]. فهل قادرين نحن الجنوبيين ان نخلق شراكة حقيقية مع الكل وليس مع أنفسنا فقط وتغيير هدا الواقع ووضع لبنات اُسس الدولة المدنية دولة النظام و القانون كخطوة للاف ميل . هل سنعيد بناء ما دمرته الحرب ، بناء الإنسان قبل الأوطان. كما قال الشاعر احمد شوقي:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت … فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا.