في خضم حديثه عن مرحلة الكفاح المسلح في عدن ،اخبرني بانه ذات يوم قدم اليه مجموعة من الفدائيين،باعتباره احد القيادات الميدانية المعروفة لهم ،ليبلغوه بأن لديهم معتقل بتهمة الجاسوسية للانجليز ،وقال وذهبت الى المكان المحتجز فيه،وتحدثت معه بطريقة مؤثرة في محاولة لتأنيب الظمير من جوانب وطنية واخلاقية،وقلت له كيف لك ان تتعاون مع احتلال يقتل اخوانك ويحتل ارضك وينهب ثرواتك و و و الخ، من المفردات الموجعة، وحين شعرت انه تأثر بحديثي ،اخبرته بأن العقوبة لهذا العمل هي الاعدام ،ولكنني سأتخذ قرار اخر وعلى مسئوليتي ،واطلق سراحك الان بشرط تبغى على علاقتك مع الانجليز ومن موقعك تستطيع تقدم لنا المعلومات،وبذلك تكفر عن ذنبك وتخدم وطنك، وتتحول الى ثائر مثلك مثل هؤلا الذي امامك ،فأبدا استعداده ورحب بالفكرة ،واخبرتة بان الفرقة تستطيع احضارة في اي وقت اذا ماحاول التمرد.. عقب هذه التصرف من قبلي استنفر احد الرفاق من القيادات الميدانية لجبهة التحرير عندما علم بذلك ، واخذ مني موقف بل واخذ يتوعدني لماذا اطلقت سراح العميل المثبوته عليه التهمة،وتأزم الموقف فيما بيننا، حتى وصل لقائد قطاع العمل المسلح في عدن ،ولكن عقب ايام قليلة من الواقعة سرب لنا ذلك الرجل معلومات مهمة ،حيث اخبرني في رسالة مستعجلة اوصلها الى الدكان الذي تحت منزلي مفادها، "غدآ سيتم تفتيش منزل رقم 68 ومنزل رقم 69 بالمنصورة" وهذه المنازل مخزنة داخلها اسلحتنا،وعلى الفور تم التعامل مع المعلومة بجدية من قبلنا ،وتم نقل الاسلحة الى مواقع اخرى، وفي اليوم الثاني تم تفتيش المنازل واثنا محاصرتها للتفتيش صادف وصول قائد قطاع العمل المسلح في محافظة عدن الشهيد القائد سالم يسلم الهارش الله يرحمه ،والذي كان قادم من تعز حيث كان في مهمة وطنية،واثناء مرورة شاهد البيوت محاصرة بقوات الامن ،وذهب الى والدي في منزلة بالقاهرة (الشيخ عثمان)ليخبره بالامر، وهو في موقف الحزين المصدوم ،حيث قال له ،كارثة حلت بنا يابن غيثان ،خير ان شاءلله ،ايش حصل ،فقال البيوت الذي داخلها اسلحتنا، تحت قبضة الانحليز ،فقال رديت عليه ببرود وقلت له تفضل نشرب الشاهي اولآ والامور ستكون على مايرام ،رد علي ،يأخي اين الراحة بعد هذه المصيبة، ثم اخبرته بأن السلاح قد تم نقلة بالامس الى مكان اخر ،وما ان اكملت حديثي الا وظهرت عليه علامات السرور ،وتنفس الصعداء واحتظني وهو يردد الحمدالله ،الحمدالله.
واخذ ييقول،ولكن كيف تم ذلك..؟
فاخبرته بأن الرجل الذي اطلقت سراحة قبل ايام ،هو من اوصل لنا المعلومة ،وعلى الفور تعاملنا معها،فقال والله خير مافعلت ،فاردفت له بأنني لن اتسامح مع القائد فلان الذي استنفر وتوعد حين اطلقت سراحة ،وقال لايهمك ،لك مني ان يأتيك الليلة الى منزلك ويقدم اعتذاره ،وفعلآ تم ذلك ، مع التحفظ على اسم ذلك القائد.
المعنى من تلك الواقعة بان الانتصار للوطن يظل الخيار الممكن للجميع ،مهما بلغ حجم الخذلان ، اذا ما اراد الشخص واذا ما اتيحت له الفرصة .