تحكم قوي التحالف في المشهد السياسي الجنوب عمل على فلترة الحراك لما يوافق أمن ومصلحة دول التحالف وما يوافق من جهة أخرى المقاومة الجنوبية حينما حماها التحالف من ذاتها ومن أكل بعضها ولكون قوى الحراك الجنوبي تعد أمتدادا طبيعيا للحركة الثورية الجنوبية بسلبياتها وايجابياتها , فعملية التأكل هذه بدأت بعيد اعلان (قانون تصفية الاستعمار) حينما حصل وقتئذ اقتتال دامي في عدن في يناير عام 1966 قتلت فيه الكثير المنخرطين في الحركة , حصل ذلك قبل ان تحوز هذه القوى السلطة ,وعندما استلمت هذه الحركة في 1967 السلطة أصبحت تقتل بعضها بعضا لتصبح الحرب بين تجنحاتها أمرا موسميا , وما أشبه اليوم بالبارحة حينما تتصارع وتتلاسن هذه القوى الثورية قبل أن تقبض سيطرتها على السلطة في الجنوب فعندما كانت السلطة بيد هذه الحركة لم تلتفت للتنمية بقدر التفافها الى صراعاتها البينية طبعا كل تلك الصراعات كانت وفق رغبة توافقية بين قطبي الحرب الباردة في النصف الثاني من القرن الماضي . وبرغم ان الحرب الباردة الراهنة ليست كسابقتها إلا ان الصراع بين هذه الفصائل كما شاهدناه عيانا في عمليات المناكفات السياسية والتخوينات في السنوات الأخيرة , ليصبح ذلك الصراع ثقافة ثورية متأصلة بل الأسواء من كل ذلك أن الغلبة تكون دائما للأكثر تشددا من القيادات , هذه الثقافة جعلت قيادات الحراك تستمد بقاها من انصياعها لرغبات القواعد , فأي عملية لترجيح المصلحة والمنطق من قبل القيادات تؤدي ثقافة التشدد إلى انفضاض القاعدة العريضة من حول ذلك القيادي الذي حاول ان يرجح مصلحة الوطنية . لذلك تم العمل بذكاء من خلال السياسات والتجاذبات بين التحالف و الرئيس عبدربه من خلال إدارة النزاع بين أفكار الانفصال و-مناورات- افكار ترشيد الوحدة . كما ان الواقع السياسي في الماضي القريب جعل كل اسباب القوة والتنظيم والدعم الداخلي والخارجي يحوزها حزب الاصلاح دون بقية القوى السياسية في الجنوب التي كان الجميع يتأمر عليها ويستثمر تشددها لما يدمرها. إلا انه بحسب التغيرات الدراماتيكية بالنسبة لعلاقة التحالف وكذا السلطة اليمنية التقليدية بابنهم المدلل حزب الاصلاح الذي قلبوا عليه مؤخرا ظهر المجن ليتحول اهتمام قوى التحالف عنه إلى ضرورة ترشيد قوى الحراك الجنوبي وتأهيلها بدلا عن حزب الاصلاح وهو ما تم في قيام ودعم المجلس الثوري الجنوبي ..وهذا جعل الحراك المنطوي تحت هذا المجلس مرنا ويالتالي مؤهلا للعملية السياسية في الجنوب خاصة بعد ان أصبح حزب الاصلاح اليوم فطيما بعكس ما كان عليه في الأمس القريب , ليمون المشهد السياسي اليوم مناسبا ومواتيا للطرفين الحراك ممثلا في هذا المجلس من جهة ودول التحالف من جهة أخرى كوصية ومؤهلة للجنوب الذي أدمنت قواه السياسية على التخبط لأكثر من نصف قرن مضى.فالمجلس الانتقالي اليوم يمثل مرحلة نضج للقوى السياسية الجنوبية تدرك أهمية الشراكة مع الجيران.