ثلث السكان الذين يعيشون على ارض "اليمن" يعانون من جوع دائم ولم يتبقى لهم إلا إحدى ثلاث إما الثورة او الهجرة او الموت, هذا ما ورد في تقرير إحدى المفوضات التابعة للأمم المتحدة في منتصف العام الماضي , ثلاثة خيارات وضعت امام الشعب وبطبيعة الحال كان قرار الثورة وخيارها هو طريق الشعب ومسلكه وان اتى الأمر مصادفة وعلى حين غرة تفاجئ بها الشعب قبل غيره حيث انطلقت ثورة شعبية شبابية كبيرة اتت كحلقة في مسلسل ثورات شعبية سبق وان اجتاحت المنطقة العربية برمتها . على خلاف الثورات العربية في مصر وتونس ... كان عمر ثورة اليمن هو الأكبر وأمدها هو الأطول وفصولها كانت هي الأغرب وبين نقطة بدايتها ولجة حاضرها استصعب على أي كان ان يتخيل اليوم كيف ستكون نهايتها !! ... مائة واربعة وسبعون يوما هو عمر ثورة اليمن وكبر الرقم بطبيعة الحال محسوب على الثوار لا لهم . طوال هذه الفترة الطويلة تفننت السلطة بطرق واساليب وحيل ساعية بجد لكبح جماح الثورة وآخر تلك الاساليب كان انتهاجها لسياسة إفقار وتجويع وتضييق وعقاب جماعي ضد الشعب وبمعرفة حقيقتين إحداها قلة الوعي لدى شرائح في الشعب والثانية حقيقة نظام ماكر يجيد دوما إمتصاص الصدمات بل والذهاب بعيداً في إستغلالها ليستفيد هو منها بدل العكس فقد وفر عمر الثورة المديد مساحة اكبر للنظام لممارسة الاعيبه متلاعباً بعقليات البعض عاكسا حقيقة الواقع في ان البلاء الذي حل بهم مؤخرا ما كان له ان يتم لولا الثورة وكأن الثوار هم من اصبحوا يديرون الوزرات ويتحكمون بإيرادات الدولة ونفقاتها . موخرا شهدت البلاد أزمة وقود تجاوزت مسألة إنعدامها الى الحديث عن إرتفاع سعرها وإن كان الحديث حول الأمر لا يزال يأخذ فيه ويرد إلا ان حقيقة نوايا السلطة في هذا الأمر معروفة فقد روّجت السلطة من سابق لما قيل انه تقرير صادر عن البنك الدولي حول أسعار الوقود باليمن وانخفاضها عن مستوى السعر العالمي بحوالي 60% , وبحسب مواقعها قالت السلطة ان الإستمرار بدعم مشتقات الوقود هو سبب التدهور الإقتصادي وما ينعكس عنه من تدهور واضح في كل الأصعدة متناسية ان الرفع السابق لمشتقات الوقود لم يزد الاقتصاد إلا تدهوراً والحالة المعيشية للمواطنين إلا فقراً وحرماناً . في الحقيقة ان سياسات الحرمان و الإفقار والتجويع والعقاب الجماعي التي تنتهجها السلطة هي جزء متصل إستبدادياً بما تعمل فظنها ان قرقرة بطون الشعب الجائع ستشوش فكره وتعرقل مساراه وتلهيه عنها ومن كان همه في بطنه ففي الخوف والجوع مدعاة الذلة والخضوع . بسياسات الإفقار والعقاب الجماعي قد تستكين الشعوب لكنها لن تخضع وتستسلم , التجويع ليس حل بل مشكلة والإفقار ليس علاجاً بل معضلة , من ظن انه بتجويع الشعوب سيخضعها فهو واهم ومن ضن انه وبإفقارها سيجعلها مستسلمة فهو حالم , الشعوب ليست كلاباً تجّوع لتتبع وليست اسوداً تروض لتعرض , قد تحتمل الشعوب لزمن ضياع سيادتها وقد تستصبر عن إحتلال ارضها وقد تحتسب نهب ثروتها وقد تغض الطرف عن طغيان الضالمين وعربدة المحتليين لكنها لم ولن تحتمل ان تصبح لقمتها موضع خيار و لن تسمح بإن تصبح قرقرة بطون اطفالهم مسموعة فقرقرة البطون تمحو صحوة العقول وكما قيل فالفقر يبعث عن فضيع الأمر , لن يرضى الشعب كله ان يصبح بفقره وهو في وطنه ممتهن فالفقراء في وطنهم غرباء "وليس في الغربة عار إنما العار في الوطن الإفتقار"