هناك نظرية سياسيه تقول ان المسائل المتعلقة بالحروب يجب الا تترك بأيدي العساكر لوحدهم كما ان اقرار الحروب يجب الا تترك بأيدي السياسيين لوحدهم وتعرضت هذه النظرية للولاءات فقالت أن من يتمادى بتدمير الأوطان ومواردها يعتبر ناقص في ولاءه للوطن. ولكن هل الحرب التي تلتهب اليوم في اليمن والتي تجاوزت عامها الثالث هل هي بأيدي السياسيين المحليين أم أنها بأيدي التحالف العربي ( الأمارات والسعودية) أم هاتين الحليفتين مجرد وكلاء لإمبريالية السموكونج.
وكيف يمكن معالجة هذه الحرب ووقف لهيبها وهل سيأتي الحل بأيدي اليمنيين انفسهم أم بأيدي القوى الخارقة للحدود ومن اجل منهم ذلك علينا دراسة الواقع اليمني برمته في ماضيه وحاضره حتى يطلع المرء بحصيلة كافيه من العلم والمعرفة يتم من خلالها بلورة الأزمة القائمة والتي خلقها اليمنيون انفسهم ولم يعرفوا كيف يطلعوا منها.
والسؤال الحيوي القائل هل الشعب اليمني في الدولتين الموحدتين وريثان للصراعات القومية والحروب الداخلية وأدت إلى اشتعال الحروب بينهما مرة بين الجمهورين والملكين واستمرت صراعاتهم حتى عام 1967م وانتهت بتسوية سياسيه بينهما ولكنها لم تقود اليمن نحو السلام.
وفي الجنوب قامت صراعات داخليه قادتها ايدلوجيا واحده وحزب واحد وانتهت الدولة الايدلوجية دون ان يستتب السلام في اليمن.
ثم قامت دولة مركزيه وحدويه برأس واحد وسيف واحد وأحكمت سيطرتها على اليمن قرابة ثلاثون عاما ولكنها لم تجلب السلام وأطاحت جماعة الحوثي بالحكومة الشرعية وسيطرت على العاصمة (صنعاء) ونواحي كثيره في اليمن ولكنها بانقلابها على الشرعية أثارت على نفسها الحروب وعلى اضدادها ولم تجلب السلام لليمن.
وتدخلت دولتي الجوار في حلف عسكري عربي لاستعادة الشرعية لليمن ولكن تدخلها في الشأن اليمني لم تجلبا لليمن السلام بل لازالت الحرب قائمه من أجل تحقيق الشعار (عودة الشرعية) دون أمل في استرجاعها .
وتدخلت اطراف دولية وبعث المجتمع الدولي بثلاثة من المبعوثين الدوليين لم يفلحوا في حتى جلوس المتخاصمين على طاولة المفاوضات ثلاثة منهم من جنسيات عربيه والرابع المبعوث المستجد من اوربا (بريطانيا ) ولايزال المبعوث الجديد يحاول فتح ثغره تؤهل عملية السلام المرور منها ولكن لازالت المحاولة تأخذ مجراها بين اروقة المتخاصمين لعل وعسى ان تنفتح النافذة التي ظلت مغلقه على عملية السلام والحرب الدائرة اليوم في اليمن لم تحل تعقيدات ورواسب اجتماعيه عالقة في الطبيعة البشرية لليمنيين بل ان استمرارا وقودها لم تصفي الرواسب التي ظلت عالقة في قاع المحيط الاجتماعي.
ماذا ستنتج هذه الحرب من (نظام سياسي) يأتي بعد انتهاء الحرب سواء بقرار دولي او بقرار الفرقاء في اليمن بعد أن ذبحت الأرواح وسفكت الدماء ووصل النحيب إلى كل زوايا اليمن.
والقادة السياسيون اصبحوا في الوقت الحالي يحتلون مكانه ثانويه من حيث السلطة بعد الجنرالات العسكرية ووضعوا انفسهم مع الجزاء والعلماء ورجال السلك الدبلوماسي في خدمة ذهب الحلفاء بينما رجال أعلامهم يتحدثون وكأنهم غير مخلصين للسلام.
والواقع اليمني الحالي أبقى اليمن ضمن دائرة الإخضاع وضمن ثقافة سلفيه ماضويه ومنغلقة نسبيا وبين آخرين (جبليون) غير منفتحون ويعانون من الأميه المطبقة والقبلية وربما يضاف إلى ذلك حراسة وخدمة المصالح الخارجية.
وما يجري اليوم في المناطق المحررة هو اليوم واقع محلي ذات صبغه فوضوية لا يتغير من داخله ويرجى تغييره من الخارج واصبح مدمرا ويعيش على توازنات داخليه مؤقته .
وماذا يتوقع المخرج من حرب يأتي بعدها (نظام سياسي) قد ألف اليمنيون انظمة مطابقة له هل يتوقع الجميع مجيء نظام سياسي كونفدرالي لجمهوريات قبليه قائدا وعلى كل جزء من القبيلة يوجد شيخ والقضاء يقوم به قائد كل قبيلة.
وهذا المجتمع الريفي والقبلي والأبوي لم يبلغ بعد درجة من التطور ويوجد فيه أناس أكثر فقرا من غيرهم.
أو أن الشرعية تعود برئاسة هادي والذي لم تعترف به الجماعة الانقلابية في صنعاء ولا تعترف بسلطان الشرعية بل تصور الرئيس هادي على أنه كان (سجينا) لدى جماعة الحوثي ولا تعترف بسيادة الأسير.
أم ان دويلات منتظره قيامها كتلك الدويلات التي قامت في الجنوب تحت تسمية دويلات اتحاد لجنوب العربي .
أم ان مؤتمر جنيف سيأتي بإضافة جديده للنظام السياسي في اليمن وإدخال منظمات المجتمع المدني والأحزاب سيؤدي إلى انبثاق حكومة تكنوقراطية تعبر بها المضيق السياسي وتدعم استقرارها وتطورها القوى العظمى.
او حكومة يديرها زعماء (القناديل ) في كل من الشمال والجنوب وهم معرفون انهم من طبقة (السادة) التي حكمت اليمن في سابق أوانها.