يتمتع الجنوب بكل موارد القوة، ومقومات الدولة لديه الموقع الهام والموانئ ذات الموقع الحيوي، وبوابة لأهم الممرات المائية الدولية، وتختزن أرضه ثروات طبيعية هائلة، ويحظى بجوار عربي استراتيجي لأكبر دولة عربية "السعودية"، ويمثل خاصرة عربية، وواجهة للجزيرة العربية على البحر العربي والمحيط الهندي وخليج عدن. كل المقومات الطبيعية التي من شأنها جعله دولة قوية موجودة، ينقصها الاستفادة منها وتسخيرها لتعود بالنفع على المواطن الذي لا يجهل ما يملكه بلده من أهمية الموقع، لكنه يندب حظه في غياب الدولة التي بإمكانها تسخير كل هذه الموارد وانعكاسها الإيجابي على حياته. على امتداد البحري العربي تتوزع عدة موانئ جنوبية ومناطق حيوية إبتداءً من ميناء نشطون في المهرة، مروراً بميناء المكلاء وبلحاف، وميناء عدن وجزيرة ميون وباب المندب وهي شبكة موانئ تجعل من الجنوب نقطة التقاء بين الشرق والغرب، والمحطة الأهم في طريق الحرير الصيني، ومن شأن الاستفادة منها وتسخريها ضمن هذا الطريق التجاري العالمي أن يجلب للجنوب استثمارات عالمية تجعل منه منطقه جذب تجارية عالمية، تُنشأ فيها المناطق الحرة على امتداد هذه الموانئ ناهيك عن الإيرادات المتوقعة من جعل هذه الموانئ محطة "ترانزيت" للسفن التجارية المتجهة عبر طريق الحرير من بلد الإنتاج "الصين" إلى البلدان المستهلكة، والعكس أيضاً. سقطرى أيضاً حكاية لا شبيه لها، مميزاتها كثيرة، أهمية الموقع، ندرة ما تكتنزه من ثروات، محطة جذب اقتصادية وسياحية لا مثيل لها، نقطة التقاء وعبور تجارية، إمكانية إنشاء موانئ عالمية، كلها عوامل تجعل منها درّة العالم السياحية والاقتصادية، ومورد كبير لنهوض البلد. وإضافة إلى أهمية الموقع الجغرافي للجنوب تكتنز أرضه ثروات طبيعية في النفط والغاز والثروات المعدنية بمخزون هائل، وماستثمر عنه من إنشاء المدن الصناعية الكبرى، والصناعات التحويلية، كذلك تُعد الأرض الجنوبية أرض خصبة للثروة الحيوانية والزراعية، قادرة على صنع اكتفاء داخلي، مع فائض التصدير للخارج في كثير من الأصناف الحيوانية والزراعية، مع إمكانية استغلال الإمكانيات المادية التي ستتوفر حينها في إنتهاج عامل "الصناعات الزراعية" بما يحقق وفرة الإنتاج. ولا تقتصر ثروات الجنوب على الثروات الطبيعية، بل إن ثروته البشرية أيضاً تُمثّل عامل قوة بإمكانها أن تُسهم في نهوضه، وهي ثروة بشرية كبيرة تنتشر في عدة دول في بلدان الاغتراب، وأثبتت نجاحها في العديد من المجالات وخصوصاً في الجانب التجاري الذي أمتاز فيه الجنوبيين عن غيرهم، وكونوا إمبراطوريات تجارية عريقة في بلدان الجوار وشرق آسيا، وسيكون لهم إسهامات كبيرة في نهضة بلدهم، وتعزيز قوة اقتصاده، والسعي للاستثمار فيه، حال وجود الدولة التي تدعم وتحمي الاستثمار. واحد وخمسون عاماً مرّت بالتمام والكمال منذُ الاستقلال عام (1967م) وطوال هذه السنوات لم ينعم الجنوب بحقه في الاستفادة من ثرواته، لم تُحقق دولة ما بعد الاستقلال هدفه هذا، ولم تحققه دولة ما بعد الوحدة أيضاً. سنوات طويلة والأجيال تترقب ميلاد دولة تحمل همّ وطنها، وإسعاد مواطنها، دولة تُقدر وتستغل ما تمتلكه جغرافيا أرضها من أهمية الموقع، وغنى الثروات ووفرة الموارد التي من شأنها جعل الجنوب دولة تتبوأ مكانة مرموقة عالمياً، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.