"هذا فندق وليس سجن" هي العبارة التي استخدمها وفد من نواب البرلمان الإيراني في وصفهم لسجن إيفن سيء السمعة الذي زاروه يوم الاثنين الماضي، وهو أكبر السجون التي يحتجز فيها سجناء سياسيون في إيران. وقال صفر نعيمي أحد أعضاء الوفد بعد قضاء ست ساعات داخل مجمع السجون بالعاصمة طهران:"من اليوم فصاعدا سأطلق عليه اسم فندق إيفن وليس سجن إيفن".
ولكن في السنوات الأخيرة شكا العديد من سجناء الرأي الذين ألقي القبض على غالبيتهم في الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الأخيرة عام 2009 من الأوضاع التي عانوها داخل إيفن.
ففي الشهر الماضي كتب عشرون سجينا رسالة مفتوحة إلى رئيس السجن ينتقدونه فيها لعدم سماحه للسجناء المرضى بتلقي العلاج اللازم، وقالوا إن تجاهله المزعوم لهؤلاء السجناء المرضى تقف وراءه "أسباب سياسية". ويبدو أن زيارة أعضاء البرلمان الإيراني للسجن تأتي لدحض مثل هذه الادعاءات.
وأكد محمد رضا محسني ساني وهو أحد النواب الأربعة الذين زاروا السجن أن "السجناء ليس لديهم شكاوى من الأمن أو الصحة أو التغذية أو الإمداد بالمرافق داخل السجن"، في حين شدد نعيمي على أن مستشفى السجن على أعلى مستوى ويقدم المطبخ طعاما جيدا كما أنهم يقدمون قائمة طعام متنوعة.
وأضاف نعيمي أنه التقى سجناء سياسيين آخرين محتجزين في إيفن من بينهم فايزة هاشمي رفسنجاني ابنة الرئيس الإيراني الأسبق أكبر هاشمي رافسنجاني، وقال إنها :"كانت واحدة من السجناء القليلين الذين تذمروا من الطعام في إيفن". وتقضي فايزة رفسنجاني عقوبة السجن لستة أشهر في إيفن لمشاركتها في الاحتجاجات المناهضة للحكومة و"نشر دعاية معادية للدولة".
ووضعت إبنة الرئيس الأسبق في سجن انفرادي الشهر الماضي ومنعت عنها الزيارات لخرقها النظام العام للسجن، لأنها تظاهرت ضد الأوضاع في عنبر النساء.
وعلق صفر نعيمي بالقول إن "الطعام في السجن أفضل من الطعام في بيتي، وإذا كانت فايزة تتذمر من الطعام فإن هذا يعود إلى أنها تعودت على تناول أنواع من الأطعمة لا يتناولها الناس العاديون". وضعت فايزة رفسنجاني في سجن انفرادي الشهر الماضي بسبب احتجاجها ضد الأوضاع في عنبر النساء بإيفن. وقال محمد رضا جالايبور الناشط السياسي الإصلاحي الذي قضى خمسة أشهر في السجن الإنفرادي في إيفن بسبب دعمه للزعيم المعارض مير حسين موسوي في الانتخابات الرئاسية عام 2009، إن المشكلة الرئيسية في إيفن ليست في المرافق ولكن في الطريقة التي يعاقبون بها وهي وضعهم قيد الحبس الانفرادي، وكذلك في عدم السماح لهم بإجراء مكالمات هاتفية أو الزيارات العائلية أو الخروج.
وقال جالايبور لبي بي سي :"في الحبس الانفرادي يواجه السجين صعوبة كبيرة في التنفس في ظل الجو الخانق وفرض عزلة عليه عن العالم الخارجي والضغوط التي تمارس عليه من قبل المحققين، فالمسألة هنا لاتتعلق بالطعام أو النظافة، فالضغوط النفسية أكثر من الضغوط الجسدية".
وأضاف أنه ربما تكون مستشفى سجن إيفن قريبة من تطبيق المعايير المطلوبة، ولكنها تفتقر لفريق يعالج بعض الأمراض.
وقالت زهرة رحيمي، وهي زوجة أحد أقدم السجناء السياسيين في إيران يدعى أبو الفضل قادياني، في تصريح لبي بي سي إنها تخشى على حياة زوجها، خاصة وأنه كاد أن يصاب بأزمة قلبية العام الماضي في إيفن، وهذا يرجع إلى إعطاءه جرعة من دواء خاطئ وهو ما سبب له المزيد من المشكلات الصحية.
وتحدثت رحيمي عن قضية هدى صابر، وهي صحفية إيرانية وناشطة ومناضلة قديمة، توفيت في إيفن بأزمة قلبية بعد استمرار إضرابها عن الطعام لسبعة أشهر وقالت :"إن هذا حدث لأن الأطباء لم يفعلوا مابوسعهم لإنقاذها". وأعربت عن خشيتها من حدوث شيء كهذا لزوجها أو لسجناء آخرين بسبب هذه الظروف القاسية.
يقضي أبو الفضل قادياني عقوبة السجن لست سنوات بسبب إهانته للقائد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وقد تم نقله منذ أيام إلى سجن "قزل حصار" خارج طهران بسبب استمراره في توجيه انتقادات للسطات في كتابات من داخل السجن.
وتقول زوجته :"إنه الآن في نفس العنبر مع مدمني المخدرات والمهربين والقتلة".
أكثر من 100 رسالة احتجاجية وجدت طريقها إلى خارج سجن إيفن خلال السنوات القليلة الماضية، ولكن السجناء الذين أرسلوها لايزالون يعاقبون حتى الآن بإحالتهم إلى سجون أخرى في إيران.