في عام 1972م من السنين الخوالي جاءنا السيد علي ناصر محمد على ظهر طائرة مروحية هليوكبتر لإفتتاح مدرسة كورة العسعوس الإعدادية بمركز الوضيع من أيام الحكم الشمولي. وحينها كان يشغل علي ناصر محمد رئيساً للوزراء ووزير الدفاع ووزيراً للتربية والتعليم حامة طائرة الرئيس ناصر على قرية كورة العسعوس ونحن مشرائبي الأعناق باتجاه الطائرة. فهبطت على مساحة وفناء مدرج المدرسة فأطل علينا ناصر وصفقنا طلبة وطالبات حتى التهبت الأكف وهالنا واعجبنا كبر جسمه وضخامة جسده فعدونا بأتجاهه ولم يستطع الحراس أن يحولوا بيننا وبينه فأشار للحراس أن يكفوا عنا. بعدما وضعنا الرئيس وسطنا مشكلين طوق وحلقة كأنها معصم اليد شيعنا الرئيس ناصر حتى بوابة المدرسة فأمرنا الأستاذ صالح امنقي رحمة الله عليه رئيس الإشراف التربوي بالدخول إلى الصفوف تفقد ودار ناصر على الصفوف. ومن تدابير الأقدار فقد اختار الدخول إلى شعبة بوكنت احد طلابها فأخذ الأستاذ علي ناصر محمد طبشور اخضر وكتب على السبورة بخط وعنوان ادهشنا جماله مراحل الثورة الوطنية والتحرر من ربقة الاستعمار الرجعي وعند المغادرة تمنيت على مساعد المأمور عبدالله بن عبدالله الحنشي أن يقدمني لرئيس ناصر بقصد مساعدتي فحاول ولم يستطع. نتيجة إزدحام الوفود المرافقة لناصر فانبرى لي مساعد مأمور مركز مكيراس سابقاً العم عبدربه جحلان العوذلي وقد دفعني الرجل من مؤخرة رقبتي بقوة كدت اوقع على وجهي. لولا مساعدتي من بعض الوفود المرافقة لرئيس ناصر فأنا يتيم ونحيل الجسم وشوف جسمي نحيل من جور ماحل بي .. وعظامي هشه جراء سوء التغذية التي كنت اعاني منها انحنا الرئيس علي ليسمع مني وقد كان طولي لايتجاوز حقيبتين دبلوماسيتين أي لا أتجاوز خاصرة الرئيس ناصر فتلعثم لساني واصطكت أسناني فتاتات ولم استطع أن انطق ببنت شفه فترفق بي الرفيق ناصر أيما ترفق وشجعني قائلاً حبه حبه ياشاطر. فأخبرته وبالكاد عن مشكلتي أنني يتيم ومحتاج إلى إعانة شهرية وحينما فهم المعنى أحالني على وزير الاقتصاد علي سالم البيض الذي كان يمشي خلفنا وكان البيض وسيم و مسترسل الشعر الهندي ويقال به يمنة ويسرة وعلى الفور أمر لي بإعانة شهرية وحشر في جيبي 120 شلن أي سته دنانير حاولت رفضها فصاح الرجل في وجهي وبلكنة حضرمية راقت لي واستعذبتها وظللت ارددها عقود من الزمن حين قال لي وآخوي كنك بالقرم بي تطلب اعانه شهريه وترفضها .. خذها ولمان تتوظف ريعها علينا وقد علمت فيما بعد. أن الرئيس ناصر قد أمر لي بصرف مواد غذائية .. وقد أقلتني إلى قريتي سيارة المأمور علي حسين لهطل طيب الله ثراه وغفر الله ذنبه سيارة لاند روفر اكرر سيارة لاند روفر وتخيل الفرحة والابتسامة وهي ترتسم على وجه ومحيا أمي الأرملة والجميلة وأخواني الأيتام الثلاثة .. ونحن نستلم المواد الغذائية والتي كانت غريبة علينا من ذيك الأيام دقيق استرالي وسمن هولندي وشاهي من سيلان وسكر فرموزة ولبن دانو ومعلبات كثيرة وفرش وبطانيات وثيرة الله على ذيك الأيام وعلى زمن ناصر و قل للزمان ارجع ...!