في ظل الغثيان المر الذي تتقيأه مجارى الصرف الصحي في مديريات وأحياء عدن؛ لا يمكننا إلا أن نقول إن من سابع المستحيلات أن تتحقق النظافة المطلوبة في هذه الظروف الهدامة، ولاسيما مع انتشار الأوباء كالكوليرا، والتيفوئيد، والملاريا، وحمى الضنك، ذلك أن هذا الوضع المربك، الهدام قد أصبح كالمعول المسلط على كل جهود النظافة، التي ينهض بها صندوق النظافة وتحسين المدينة بالعاصمة المؤقتة. لقد صارت هذه الجهود بسبب ما يصيب خدمات الصرف الصحي، من الإهمال كالعصف، أو كالغبار المتطاير في مهب الريح العاصف، ذلك أن تفجر المناهل في الشوارع والحارات، ودون استثناء؛ يحيل كل الجهود المبذولة إلى عدم تام، وتصبح العملية بالكامل، كقول القائل: (مخرب غلب ألف مدار). لذلك لابد أن تدرك مؤسسة المياه والصرف الصحي خطورة ماقبلته على نفسها من المهام، وأن تنهض بها بأمانة، وإخلاص، بعيدا عن افتعال الإختناقات، أو اللامبالاة، ولاسيما في هذه الظروف البيئية الشديدة التي غدت تهدد حياة السكان بالخطر، لانتشار ما ذكرنا من الأمراض الفتاكة، والتي تنتعش مع تكدس المياه المكشوفة، أو تكدس المياه القذرة، مع القمامة المتعفنة جراء ماخالطها من مياه الصرف الصحي، والتي يصعب معها القيام بواجب النظافة كما ينبغي، لصعوبة الإزالة، وتلوث الشوارع. لكل ذلك نقول: إن الواجب يقتضي أن تنهض المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي، وتعد العدة لمواجهة أوقات الذروة، من خلال مسؤوليها، ومراقبيها لشفط المياه قبل اندفاعها إلى الشوارع والحارات، على الأقل مؤقتا ريثما تتجاوز البلاد أوضاعها المتردية، وريثما يتم إقرار مشروع جديد للصرف الصحي، بعد أن ولد المشروع السابق كسيحا، ونهبت موازنته، وبقيت حليمة تندب حكايتها القديمة، لأن المحافظة ظلت كما كانت، وكأنك يا أبا زيد ماغزوت. إن جهدا كهذا سيكون من شأنه، ودون ريب، مساعدة جهود صندوق النظافة الدؤوبة، وسيؤدي بتكاتف الجهود، وتكاملها المطلوب أصلا إلى ضمان الحد المطلوب لأداء الواجب في مواجهة هذه الأمراض، وحماية حياة الإنسان من الأخطار المحدقة، مالم فإننا نحذر، ولن ينفع الندم إذا وقع الفأس في الرأس.