ما أن تبدأ الشمس بالميلان نحو الغرب وهي تترجل من ساحة القرية مستحية وعلى وجهها وشاح الحمرة تعلن اقفال يومها في تلك الجهة من البسيطة لتسطع في جهة أخرى منها , يستعد جلاس الطرقات في القرية لليلة يتسامرون فيها ولو كان على لحوم سكان القرية الذين يقضون نهارهم كداً في حقولهم الصغيرة حتى غروب الشمس ، يتركون أعمالهم في الأرض بعد أن تنهك أبدانهم يعودون للراحة والنوم حتى يتهيؤون لليوم التالي لكن الشلة المتخمة العاطلة عن العمل يقضون ليلتهم في السمر بالهمس واللمز على فتيات القرية واخبارهن ، لكن تلك الليلة كانت شديدة السواد واجتمع السمار ولم يكن بينهم مدبر جلسة السمر التي يقضيها الجلاس يقضون معظم ليلتهم ولا يعودون لبيوتهم الطينية إلا إذا اقترب السحر ، لكن الغائب لم يسلم من الطعن ولو كان كبيرهم فقد بدأ اللمز المهموس حيث انطلقت قهقهت أحدهم : صاحبكم اليوم لن يأتي فهو مشغول يلملم الفضيحة ومن الطرف الأخر تنطلق همسات ملتهبة : أبنته صاحبة الصون والعفاف وجدوها في حالة فاضحة مع العامل الذي يزرع أرضهم من بعيد تلوح صورة زعيم جلاس الظلام يجر قدميه يتسحب علّه يجد ما يشفي جرحه ليروي قصة عن عيوب الناس حتى لا يتكلم جلساؤه عن قصة أبنته وهو يلتفت شمالا ويميناً ويوشك أن يقترب وعيون الجلساء تلاحقه وفيها الكثير من التساؤلات وأفواههم متعطشة للحديث والخوض في التفاصيل ومعرفة القصة من أولها إلى منتهاها ، يندفعون في تساؤلات مبطنة: غيبة علينا وينطلق سؤال أخر: طالت الغيبة .. علَّ المانع خير بخل شديد ومحاولة الهروب من اسئلة الجلاس محاولاً قطع السنتهم عن الحديث: انشغلت بزواج ابنتي من ناحية المجلس يقاطعه صوت أحد نظراته لم تدعنا إلى الحفل وتناول وليمة الزواج على استحياء وبصوت منخفض مترهل يجيب: كان الموضوع مستعجل .. ولأن العروسين على سفر , حاولنا الاستعجال ينهض يحاول ترك المكان والابتعاد من موطن الاحراج ,, يترجل وهو يلتفت يمنة ويسرة وكلما وقعت عيناه في عيني أحد حاول التملص والهروب ويديه تقلب أدنية وما أن بدأ يغادر المكان حتى انطلقت الثرثرة والهمسات وهو يحاول الهروب من سماع تلك الهمسات الموجوعة ويتذكر الألم الذي كان يسببه للأخرين وهو يجر الخطى محاولاً الابتعاد.