بعد سنوات طويلة قضاها خلف القضبان تنفس أخيرا الأسير الجنوبي البطل أحمد عمر العبادي المرقشي نسائم الحرية وأفرد جناحيه ليطير في فضائها الرحب حرا طليقا شامخا كشموخ النايفات الجنوبية الشماء، ومحلقا في قلب عدن العاصمة منتشيا فخورا بين أهله ومحبيه ووسط أبناء شعبه. زهاء عشر سنوات أو ما يقاربها ظل الأسير المرقشي حبيس قفص الاتهام الكيدي ظلما وعدوانا سعيا من النظام البائد إلى مقايضة مؤسسة الأيام الجنوبية التي كان الأسير يتولى حراسة مقرها في محاولة لثنيهم عن الصدح بالحقيقية التي أرعبت أساطين الطغاة، لكن هيهات لهم الوصول إلى مبتغاهم فلا السجن ولا السجان وصل إلى مراده وحقق غاياته في كسر إرادة السجين ظلما وعدوانا.
عقد من الزمن هتفت خلاله جماهير شعب الجنوب من إقصاه إلى إقصاه بهتافات الحرية للأسير المرقشي وشهدت معظم المدن والمناطق مسيرات حاشدة واعتصامات متعددة تطالب بالإفراج الفوري عن أسرى الجنوب وفي مقدمتهم البطل المرقشي الذي كان يقابل ذلك الوفاء بوفاء يضاهيه وأكثر فكان ينقل باستمرار تحياته وتقديره لجماهير الشعب الوفية ويحيي صمودها في مختلف الساحات ويشيد بالزخم الشعبي المتدفق بل ويشاركهم مهرجاناتهم وحشودهم المليونية عبر رسائلة الوطنية الخالصة.
هكذا ظل الأسير أحمد عمر العبادي المرقشي ثائرا مقاوما وصامدا خلف القضبان وكاسرا قيود واغلال وعنجهية السجن والسجان، حتى جاء الفرج مؤخرا لينتزع حريته من براثن المليشيات بفضل الله تعالى ومن ثم بحنكة رجال المقاومة الجنوبية الذين أبرموا عملية تبادل الأسرى ليتم تحرير المرقشي مقابل 33 أسيرا.
ولعلنا هنا نستحضر حجم الظلم والقهر الذي تجرعه أسيرنا المحرر في زنازين صنعاء طيلة كل هذه السنوات من التغييب والإعتقال،تجرع فيها فصول من المعاناة والتعذيب والتهديد والحرمان،وهو الذي تمنى الموت يوما ما خلف القضبان بسبب كل تلك المعاملات اللا إنسانية، لكنه ورغم ذلك قاوم وصبر كثيرا وهو يتجرع صنوف من المعاناة اليومية طيلة فترة سجنه الطويلة في معتقلات أرضية لا تصلها حتى أشعة الشمس وفي ظل ممارسة أعنف أساليب التعذيب والتضييق والحرمان مما فاقم من حدة معاناته الجمة، ناهيك عن المعاناة التي تجرعها أولاده وأهله وأصدقائه أيضا.
ونحن هنا وأمام هكذا لحظة تاريخية لا يسعنا إلا أن نبارك لأسيرنا المحرر ولشعبنا الوفي بهذه المناسبة التي جعلت من الفرحة فرحتين والعيد عيدين فكانت أجمل عيدية لأسرة المرقشي ولأبناء الجنوب كافة.