الخطاء الذي وقع فيه صالح عندما توجه إلى عدن بمعية الحوثيين ، لا يمثل رأس هادي قيمة عند الرياض أو ابوظبي بقدر كلفة قيمة سقوط عدن بعد صنعاء في قبضة الثوار الجدد ، الثوار الجدد رقصوا في وقت سابق على حدود السعودية بمناورات عسكرية تحمل دلالات أن القادم في المنطقة سيتعدى كل الخطوط الحمراء وسيرسم القادم عنوة بعيدا عن هويتها فكان من المعقول أن تتغطى سماء اليمن والجنوب بطيران التحالف العربي مستهدفا تمرد صالح و الحوثيين . النظام القديم انتهى وصعد من تحت ركام الحرب قوة جديدة ومن دونها لن يتوقف الصراع ،في الأصل ليست السعودية بحاجة لمثل هكذا حرب إلا أن الحرب أصبحت الخيار الوحيد على طاولة الحل ، وشكلت هذه الحرب معالم جديدة لمستقبل بعيد عن الضبابية الموحشة فكان من غير المعقول والمرفوض أن تسقط عدن مرة أخرى ويعلن منها نهاية التحالف العربي على يد القوات القادمة من مأرب الإخوانية . الوثائق التي بداءت تتسرب عن تحالفات إخوان اليمن مع إيران على قاعدة مشتركة وهي القضاء على عدوهم المشترك السعودية سبق أن أكدتها ركود الجبهات الذي يسيطر عليها الإخوان واستهدافهم الممنهج لحليف السعودية القوي الإمارات وتسليمهم مناطق برجالها والعتاد للحوثيين ، حجم الضحايا من السودانيين و الإماراتيين والسعوديين والمقاومة الجنوبية التي تم حصارها وقتل من قتل واسر من اسر منها صنعها التحالف الخفي بين الإخوان و الحوثيين وأكد ذلك الحوثيين أنفسهم أن هناك إشارات ايجابية من الإصلاح اليمني يتم رصدها بدقة من قبلهم . في مجمل هذه الحرب لم تخسر السعودية كثيرا ، الملك سلمان بن عبد العزيز في كلمة خلال افتتاح أعمال السنة الرابعة من الدورة السابعة لمجلس الشورى تحدث أن : المملكة تعرضت ل 286 صاروخا بالستيا و 289 طائرة مسيرة ولم تؤثر هذه الاعتداءات على التنمية وحياة المواطنين والمقيمين بل أن السعودية حققت انجازات تنموية ضخمة ومستمرة في طريقها لتحقيق المزيد من الانجازات عبر رؤية 2030م وتم تصنيف المملكة هذا العام من قبل البنك الدولي كأكثر الدول تقدما و الأولى إصلاحا من بين 190 دولة . الفقر والموت والنزوح والجوع والعطش والدمار صنعه اليمنيون بأنفسهم ، الحوار المباشر مع السعودية الذي يطلبه الحوثيين لن يصب مطلقا في رسم قبضتهم على كل الأرض مقابل طمأنة ومكاسب سعودية في اليمن أكانت بعيدة أو قصيرة المدى ، عمق السعودية وتغلغلها في الأروقة العالمية للدفاع والقرار جعلها على امتداد العقود السابقة العاصفة في مأمن لذا ليس ببعيد ما ذهبت إليه الإمارات عندما تحدثت صراحة أنها تثق بقدرة المملكة في إدارة أزمة الحرب في اليمن . بعيدا عن بنود اتفاق الرياض بين الانتقالي الجنوبي والشرعية اليمنية برعاية المملكة العربية السعودية إلا أن هذا الاتفاق بداء يلامس صراحة مكمن الجراح والألم ، وتم تعاطيه مع القوة الحقيقية التي خرجت من تراب المعارك بايجابية ، خسرت الشرعية لأنها لم تحسن التصرف بالأشياء الثمينة التي وضعت تحت تصرفها بل عبثت بها ، ولم يكن متوقعا أو في حسبان المعارك أن تصعد في الجنوب قوة موازية فجرتها مظلومية شعب ، وهذه القوة غيرت جميع معادلات السياسة والاتفاقات والحلول . السعودية في هذه المرحلة تؤسس لسلام واسع وفق حلول غير مربكة مستقبلا واستطاعت بتفاهماتها مع الأمريكان التغلغل حد إحداثها تصدعات عنيفة في عمق إيران وإرباكها لكل أدواتها وركائزها في دول عدتها إيران توابع لها ، وعلى مستوى لحمتها الخليجية تؤسس برعاية عمان والكويت ترميم البيت الخليجي ، كل هذه المسارات تتقاطع في نقطة ألا وهي حماية السعودية لنفسها ولدول الخليج والدول المجاورة والمنطقة برمتها ، لذا جاء خطاب الملك سلمان في الدورة السابعة لمجلس الشورى محذرا إيران عندما قال : إن النظام الإيراني عليه أن يختار جانب الحكمة وان يدرك انه لا سبيل له لتجاوز الموقف الدولي الرافض لممارساته إلا بترك فكره التوسعي والتخريبي . من يؤمل على دخول الشرعية اليمنيةصنعاء مخطئ ، ومن يضن أن أفعال أنصار الله الحوثيين العسكرية في البحر وعمق السعودية سيدعمها للوصول إلى الحكم المطلق مخطئ ، ومن يضن أن فتح السعودية قنوات مع الحوثيين ضعف مخطئ ، ومن يضن أن مشاركة الانتقالي الجنوبي في وفد الشرعية للحل النهائي دون أخذه النصف من هذا الوفد للجنوبيين مخطئ ، ومهما تمترست الشرعية اليمنية خلف مخرجات حوار صنعاء وآليتها التنفيذية المزمنة فلن يسعفها أي حوار قادم على إعادة الحرب إلى نقطة البداية بل إن قشرة الوحدة تحطمت تماما كما وصفت هذا الأمر مجلة فورين افيريز الامريكية في احد تقاريرها