اصبحت اليمن ومايدور فيها هذه الأيام بين الشرعية والانتقالي وأطراف أخرى متفرقة من جهاتهم المختلفة أشبه بسفينة توشك على الغرق بعد أن أصابها خرق تسبب في تسرب الماء إليها شيئا فشيئا بينما على متنها مجموعة من الركاب انقسموا بفعل ذلك الى عدة فئات. فأما الفئة الأولى منهم هي التي ستحاول الظهور أمام الآخرين وكأن الأمر لايعنيها ولازيخصها رغم انها تعي تماما بأنها غارقة لا محالة مع الغارقين أن غرقت السفينة بل ولربما كانت أول الغارقين فيها ومبرر هذه الفئة أن في السفينة ربان وعمال يتقاضون أجورا وينفردون بخيراتها وحدهم او يتقاسمونها بينهم البين وتقع عليهم مسؤولية سد الثقب الذي يتسرب منه الما وحدهم ودون انتظار المساعدة ممن لايتقاضى راتبا ولا يستفيد من خيراتها ولنطلق على هذه الفئة بعامة الشعب. أما الفئة الثانية منهم فتنقسم بدورها إلى مجموعتين تتشابهان في المضمون وتختلفان في الظاهر وامر هذه الفئة مثير للعجب وهي تشبه الى حد ما احدى قصص الحقد الرمزية التي سمعتها او قراتها من عدة مصادر فيما مضى من العمر عن رجلين كانا يركبان في سفينة من السفن أحدهما في مقدمتها والثاني في مؤخرتها وقد سعى الأول سعيه الحثيث للإيقاع بالثاني أو الانتقام منه بأي شكل من الأشكال وعندما ثقبت سفينتهما طلب الرجل الاول من الرجل الثاني مساعدته والتعاون معه في سد هذا الثقب اذ لم يكن بوسعه أن يسده بمفرده ودون تعاون الثاني معه الذي رفض ذلك وقد كان الثقب في مقدمة السفينة مايعني أن مقدمتها هي التي ستغرق قبل مؤخرتها كما يعني ايضا بان الراكب الذي رفض تقديم المساعدة لن يغرق الا بعد ان يكون راكب المقدمة قد غرق قبله واستمتع برؤيته وهو يغرق ومن شدة الحقد بين الرجلين فإن الرجل الثاني قد فضل الغرق بدلا من النجاة طالما أنه لن يموت الا بعد ان يموت الأول أن المجموعتين المكونتين للفئة الثانية، حالهما كحال الراكبين، بينهما حقد فظيع، ويتطور بشكل فظيع، ويهدد السفينة بشكل فظيع. إحدى المجموعتين هي التي تقود السفينة أما الثانية فتسعى لأن تحل محل المجموعة الأولى وهي على استعداد لاستخدام كل الوسائل للوصول إلى برج القيادة وأمر المجموعتين كأمر الرجلين الذين اشرنا اليهما عجيب غريب فالمجموعة التي تقود السفينة شغلها حقدها وبغضها للمجموعة الثانية عن قيادة السفينة بشكل سليم. وهذه المجموعة وفي إطار سعيها للقضاء على المجموعة الثانية فإنها تحدث ثقوبا كثيرة في السفينة ستؤدي إلى غرق السفينة بكاملها إذا ما ظل البغض والحقد هو الذي يحكم علاقتها بالمجموعة الثانية. بينما المجموعة الثانية بدورها تعمل لاستحداث ثقوب جديدة أو بتوسيع أي ثقب يظهر في السفينة لسبب او لآخر وذلك لكي تعجل بغرقها . وهذه المجموعة كالراكب "الرجل" الثاني فهي ترحب بغرق السفينة في أي وقت مادام أول ما سيغرق في السفينة هو مقدمتها حيث تتواجد المجموعة الأولى.. مشكلة المجموعة الأولى والمجموعة الثانية بأنهما لا تستطيعان أن تفرقا بين المخاطر التي قد تضر المجموعة الخصم وبين المخاطر التي يمكن أن تضر السفينة بكاملها حيث أصبحت هذه الفئة بمجموعتيها الأولى والثانية هي أكبر خطر يهدد السفينة برمتها. فالمجموعتان ونتيجة للحقد الفظيع الذي يحكم العلاقة بينهما لم يعد لهما من عمل إلا إحداث ثقوب جديدة في السفينة أو توسيع ثقوب أخرى موجودة وكلا المجموعتين تعتقدان بأنها ستضر المجموعة الخصم بإحداث ثقوب جديدة أو بتوسيع ثقوب قديمة متجاهلة بأن فعلها ذلك إنما يضر السفينة بكاملها ويعمل على إغراقها بمن فيها وبما فيها. دعونا نسمي المجموعتين المكونتين للفئة الثانية بالشرعية والانتقالي. الفئة الثالثة: وهذه كثيرا ما تشغل ركاب السفينة عن سد أي ثقب يظهر في سفينتهم بنقاشاتها وصراخها ومعاركها التي قد تعجل بغرق السفينة بدلا من حمايتها من الغرق وفي هذه الفئة من يقول بأن أي لعنة تصيب السفينة إنما هي بسبب المجموعة الأولى في الفئة الثانية وفيهم من يقول بأنه ما حل بلاء في السفينة إلا وكانت وراءه المجموعة الثانية من الفئة الثانية وفيهم من يحاول التلاعب بمشاعر ركاب الفئة الأولى فيقوم بتجييش بعض عامة الركاب على بعضهم الآخر. ومن النادر أن يركز أهل هذه الفئة على الثقب نفسه وإن حدث ذلك، فإنما يكتفون بتوزيع الأدوار على بقية الركاب دون أن يقوموا هم بأي عمل ميداني لسد الثقب فترى أحدهم يقول بأنه على الشرعية أن تفعل كذا لسد الثقب وعلى الانتقالي أن يفعل كذا، وعلى عامة الركاب أن يفعلوا كذا. أما هو فلا يطلب من نفسه أن تفعل شيئا لأنه يعتقد بأنه لم يخلق للأفعال وإنما خلق للقول وللقول فقط. دعونا نسمي هذه الفئة بنخب السفينة او مثقفوهاوناشطوها واعلاميوها.. الفئة الرابعة: وهي لا تتكون إلا عندما تصبح في مرحلة يأس شبه كامل من الفئات الثلاث وهي لا تتشكل إلا بعد أن يكون الثقب قد أصبح كبيرا والسفينة قد أوشكت على الغرق كما هو حال سفينتنا. وهذه الفئة يبدأ عددها قليلا ويتشكل في العادة من مجموعة أفراد منحدرين من الفئات الثلاث وأول ما تقوم به هذه الفئة عندما يصبح الثقب كبيرا كما هو حال ثقب سفينتنا هو أن تتجه فورا إلى مكان الثقب لسدة بكل ما هو متاح لديها حتى وإن اضطرت لسدة بأجسادها وبأرواحها وذلك لكي لا تغرق السفينة وهذه الفئة تظل دائما جاهزة لسد أي ثقب وذلك في انتظار أن يعود ركاب السفينة إلى رشدهم ويتعاونون بشكل حقيقي على حماية سفينتهم من الغرق وهم سيعودون حتما إلى رشدهم طال الوقت أم قصر. وهذه الفئة عندما تتقدم إلى الثقب باعدادها القليلة وبوسائلها المحدودة إنما تريد بذلك أن تؤكد على ثلاثة أمور أساسية: أولهما : أن التوجه بشكل مباشر إلى مكان الثقب في السفينة ومحاولة سده هو العمل الذي يجب أن يبدأ الآن وقبل أي عمل آخر وهذا من باب ترتيب الأولويات. ثانيهما: أن مجرد ذهاب فئة قليلة بوسائل محدودة إلى ثقب كبير هو أفضل ما يمكن فعله الآن لإشعار الفئات الأخرى وخاصة منها من يمتلك الوسائل لذلك بأن عليه أن يفعل شيئا ما لسد الثقب المخيف. ثالثهما: أنه لم يعد من الممكن أن يظل الكل ينتقد الكل وأن يظل الكل يحمل المسؤولية على الكل دون أن يفعل أي واحد من الكل أي شيء من أجل سد الثقب الذي اتسع كثيرا ولدرجة مخيفة إن هذه الفئة تريد أن تخرج من عباءة الكل ومن عقلية الكل إنها تريد أن تواجه الثقب بعقلية جديدة وبوسائل إبداعية تختلف عن الوسائل المعهودة فلا يمكننا أن نواجه الأزمات بنفس الوسائل التي أنتجت تلك الأزمات ولا يمكننا أن نواجه المخاطر التي تهدد البلاد بنفس الوسائل والعقليات التي أحدثت شرخا كبيرا في وحدتنا الوطنية. دعونا نسمي هذه الفئة بفئة العقلاء والمخلصين الحريصين على استقرار البلاد وسلامتها ووحدتها الذين تم تهميشهم من قبل الفئات الاخرى ولكن ما ذا يمكن أن تفعل الآن هذه الفئة.. هل يمكن أن تسد الثقب وتنقذ السفينة من الغرق ؟