أطل مؤخراً الجنرال اليمني القوي علي محسن الاحمر عبر مقال نشره احد المواقع الاخبارية التابعة له، ليحصي "مأثرة الثورية" ويذكر بها الجميع، تزامنا مع الذكرى الثانية لإعلانه الانضمام وتأييد الثورة الشبابية الشعبية السلمية ضد نظام علي عبدالله صالح ، الذي كان شريكه في الحكم طوال33عاماً، بصفته أخيه "غير الشقيق" وإبن قبيلته "الحمراء"، حتى ماقبل "الانقلاب الثوري" للواء الأحمر وخروجه بتصريحات صادمة للشعب اليمني ووسائل الاعلام العربية والمحلية والعالمية وكل متابعي المشهد اليمني، نفى من خلالها وجود أي صلة قرابة له بصالح واعلن من خلالها أيضا عن عدم انتماء "صالح" لقبيلته "آل الاحمر" باعتباره منحدر من أصل "عفاش". وقال مقال اللواء الاحمر أن تأييده للثورة ضد "صالح" كان "موقفا مفصلياً في تاريخ اليمن الجديد" وأنه هو من كتب نهاية حكم "المخلوع" وحلمه بتوريث السلطة لنجله "احمد"، لتكفله بانهاءه حكمه واسقاط دولته ونظامه، لكونه "حامي الثورة وساحاتها" من صنعاء ومرورا بتعز وذمار وانتهاءا بإب والمهرة.
واكد المقال الاحتفائي بالذكرى الثانية للثورة أن الجنرال الأحمر لايزال شوكة في حلق "مؤامرات ايران" والخصم اللدود لما أسماه ب"التمدد الشيعي" على مستوى الجزيرة والخليج وهي رسالة فهم منها مغازلته لدول الخليج لانهاء أي ضغوط على الرئيس عبدربه منصور هادي لارغامه على التجاوب مع كل مقتضيات وقررت هيكلة الجيش. ولم ينسى مقال الاحمر الذي نشره موقع "انصار الثورة" التابع له، اليومين الماضيين، أن يؤكد استمرار اللواء الاحمر - الذي مايزال يحتفظ بصفته كقائد للمنطقة الشمالية الغربية- في "الوقوف بوجه أي محاولات وأعمال تسعى للنيل من "سيادة اليمن وكرامته"ودون ان يتكفل سيادته بتوضيح ماتبقى للجيش اليمني وقائده الاعلى ورئيس البلاد وبقية قيادات تشكيلات الجيش والأمن الاخرى من مهام وطنية وعسكرية.
رجل "الدولة القوي":
وصفت وكالة يونايتد برس الأمريكية الشهيرة، الجنرال اليمني علي محسن الاحمر ب"رجل الدولة القوي"، وقالت أنه كان" رأس الحربة في حروب صعدة" وانه "مقرب من جماعة السلفيين في اليمن وكان أحد أذرع علي عبد الله صالح في تلك الحروب على جماعة الحوثيين في شمال اليمن، وأكدت أنه برز كرجل دولة قوي من أول عهد الرئيس اليمني السابق علي صالح، وعرف بالحسم حينما عمل على إفشال ما أسمته ب"الانقلاب العسكري" للحزب الناصري في اليمن، بقيادة عيسى محمد سيف، قبل أن تمضي مائة يوم على توليه الرئاسة، وحال دون استيلاء الانقلابيين على صنعاء حين كان علي عبد الله صالح في زيارة لمدينة الحديدة ومعسكر خالد بن الوليد في محافظة تعز"- وفق تأكيد الوكالة.
أرجأت موسوعة ويكيبيديا الحرة المعنية بأرشفه تاريخ المشاهير بالعالم سبب توتر العلاقة بين الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وعلي محسن صالح الأحمر (20 يونيو 1945 -)، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية حالياً والذي قالت "أنه كان يعد من أبرز رجال صالح، وعضدا له في نجاح الدولة وبسط نفوذها، قد بدأ قبل سنوات من ثورة الشباب اليمنية بسبب خصومات له مع اثنين من أبناء الرئيس، وأدى هذا التوتر إلى محاولة واضحة بقيادة صالح لقتل محسن بطلب من المملكة العربية السعودية لقصف موقع مزعوم لقادة من الحوثيين في صعدة بينما كان حقيقة هو مكان تواجد علي محسن.
وإلى ذلك أكدت مصادر عسكرية رفيعة مقربة من اللواء الاحمر ان محاولات العميد احمد علي عبدالله نجل صالح، للتدخل سابقا في الكثير من الجوانب العسكرية وسعيه للهيمنة على الجيش، وتجاوز الكثير من الأدبيات والقوانين العسكرية، كانت واحدة من أكثر اسباب الانقلاب الثوري للجنرال، واشعال بوادر خلافات قوية مع صالح وصلت في الثلاثة الاعوام الماضية، إلى درجة البحث من الأول عن فرص انتقامية من صالح ونجله، وانتهت بإعلان الجنرال الاحمر انشقاقه عن نظام صالح وتأييده لمعرف يومها ب"الثورة الشبابية السلمية" التي احتوتها مبادرة دول الخليج بصورة سياسية ازاحت صالح من رئاسة الدولة وبعض أقاربة ومقربيه من مناصبهم العسكرية وغيرها، وأبقت اللواء الاحمر في منصبه العسكري بقيادة المنطقة الشمالية الغربية وبضعف نفوذه القبلي والعسكري والاقتصادي السابق- حسب المصادر.
وقالت المصادر ان خلاف الجنرال الأحمر ظهر لقادته المقربين بصورة جلية، خلال مراسيم تشييع جنازات ضحايا جولتي الحرب الاخيرة على صعدة التي قادها اللواء الاحمر من على أرض المعركة وجبال صعدة، حيث كان احمد علي يتعمد فيها، تهميش دور اللواء الأحمر بتلك الحرب العبثية على صعده وتجاوز لوائح أسبقية رتبته وأقدمية خدمته العسكرية في استلام تمام فرق موسيقى التشييع العسكري بصورة مستفزة ومتعمدة، وفي ظل محاولة مستمرة من صالح لسحب البساط من الأحمر واعطاء الدور الاكبر لنجله احمد ضمن مخطط التوريث الذي أفشلته الثورة الشبابية الموأودة ثوريا، والتي قالت المصادر ذاتها ان اللواء الاحمر كان اول من استشعر خطورتها وحذر سرا القادة العسكريين المقربين منه، من نتائحها الكارثية على امن واستقرار ووحدة اليمن.
أسرار الانقلاب الثوري للاحمر: واوضحت ذات المصادر الأكثر قربا من الجنرال الأحمر ان تحذيراته تلك جاءت بعد ان رأى تكرار زيارات صالح المفاجأة للفرقة اخر عامين من حكمه، ومطالبته له في أكثر من مرة باطلاعه على اسلحة ومحتوى اكثر من مخزن و"هنجر" ذخائر بالفرقة وقبل سحبه وحدات عسكرية ومهام تدريب أكثر من حده امنية كانت تتلقى تدريبها بالفرقة، أخرها كتيبة قوات حفظ السلام اليمنية التي يتم ضمها إلى جهود الاممالمتحدة لحفظ السلام في المناطق المشتعلة بالعالم، اضافة إلى مطالبة العميد /احمد علي" باخراج الفرقة من مقرها وتسليمه للحرس، قبل ان تظهر فضيحة ويكليكس التي كشفت سعي صالح لتصفية الجنزال الأحمر في جولة الحرب السادسة بصعدة، عبر تقديمه احداثية خاطئة لقائد طائرة سعودية لقصف موقع قيادة اللواء الاحمر بصعده، قبل ان يكتشف الطيار بنفسه خطأ الاحداثية وهو ما أعتبره اللواء الاحمر سعيا حثيثا من "صالح" لتصفيته بنيران صديقه، لتسهيل عبور نجله سريعا إلى سدة الحكم واحكام قبضته على زمام الجيش، واعتبرت المصادر ان تلك الحادثة كان بمثابة القنبلة التي اوصلت خلافات الجنرال الاحمر مع صالح ونجله إلى مرحلة حرجة وغير مسبوقة اتضحت حقائقها بعد اعلانه الانضام للثورة ضد نضام "صالح" الذي عاد ليؤكد في حوار له مع صحيفة الجمهورية الحكومية انه كان يعتبر الرجل الاول فيه في كثير من الظروف.
نفوذ لامحدود:
بعد ان نال بحنكته وعن جداره "لقب حامي الثورة" و"قائد انصارها" و"حامي حماتها الثائرين العسكرين باليمن"، وتمكن من تقوية مداميك نفوذه وحضوره الطاغي، وتحكمه بزمام الامور كرئيس ظل لهادي، وقيامه بنشر قادته وقواته في كل أرجاء البلاد، بدءا بحماية مقرات وجمعيات حزب الاصلاح في الضالع ودمت وقعطبه ومرورا بذمار واب وانتهاءا بارساله كتائب ومجنديين وبشمرجه لحماية اراضيه وكبار مواليه العسكريين من ثورة البسط المضاد في عدن، وحتى ماقبل ان يخرج اخيرا عن لعبه "الثوري" الصامت، ليؤكد للملأ من على ترويسة "الشرق الأوسط" اللندنية انه "لن يرحل" من منصبه العسكري كونه الدرع الحامي للبلاد من ايران واعداء الثورة وبقايا نظام صالح الذي قال انه يملك الحق الحصري لكشف خطورة شفرات تكتيكاتهم الانقلابية على الرئيس هادي الذي قال انه ثائر من طراز رفيع ضد صالح وانه كان على تنسيق مستمر معه على انجاح الثورة ضد رفيق دربه وشريكه الاخر في حكم اليمن 33 عاما- كمايجمع متابعي المشهد السياسي اليمني المضطرب. وهو ما أثار دهشة وصدمة "صالح" الذي خرج اليوم الثاني ليعبر من على واجهة صحيفته اليومية "اليمن اليوم" عن استغرابه من اقرار اللواء الاحمر بالانقلاب عليه.
بين المنشق والثائر:
في الوقت الذي يتزايد فيه حضور الجنرال العسكري ونفوذه العسكري والسياسي باليمن، بصفته الثائر العسكري الأقوى الذي حمى الثورة وكان لدوره المؤيد لها ضد صالح ونظامه،وضع حدا لاصرار الأخير وتمسكه بالبقاء على عرشه وتجاهل مطالب الجماهير المليونية في اكثر من 18 ساحة ثورية باليمن، في ظل هذا يصر اعلام النظام السابق وادواته على وصفه باللواء المنشق تارة واخرى باللواء العجوز. في حين لاينسى الاعلام الحوثي ان يذكره بين حين وآخر على قناة المسيرة بصدقية وصفه لهم في تصريح متلفز له، ادلى به لقناة اليمن الفضائية، لحظة استراحة محارب، ظهر فيه مرتبكا من غبار معارك الجولة السادسة والاخيرة من قيادته الميدانية لحرب صعدة، وأطل فيه ببزته العسكرية كمن خانته تقديراته العسكرية، لحظة حرصه على ان يبدو قويا وهو يحتضن رشاشه القتالي الفتاك، قبل ان تخونه لغته اوتخذله ذاكرته، بصورة نالت اعجاب أعداءه الحوثيين ، ولقيت على مايبدو استحسان القائمين على الفضائية اليمنية يومها، حينما أظهرته وهو يصف الحوثيين ب"رجال لايخافون في الله لومة لائم"، وبصورة لايمكن تصور مرور الخطأ في عرضها على شاشة التلفزيون الرسمي لدولة تخوض اعنف لحظات معارك جولة حرب سادسة ضد عدوا سبق لرئيسها وان هدد وتوعد من اول جولة لتلك الحرب العبثية، بسحقه واجتثاثه من جذوره اليمن بوصفه مرض سرطاني خطير ينبغيى استئصاله من الجسد اليمني، وهو مالم يقوى عليه رغم استعانته بكل قوت وقدرات الجارة الجائرة وحلفائها واياه في الشرق والغرب.
الظهور والتمدد:
ولعل المخيف بالنسبة لثوار اليمن ان كل هذا النفوذ والحضور الاعلامي والسياسي القوي للواء الأحمر والمكلل بمنحه اخيراً درع الوفاء الثوري شكرا وعرفانا من شباب الثورة على دوره الوطني في انجاح ثورتهم ضد شريكه بالحكم علي عبدالله صالح الذي لم يبخل عليه بمنحه دفعة هجومية غير مباشرة، لحظة فرحته الثورية وابتسامته المتكلفة امام عدسة كاميرا تلفزيون الفضائية اليمنية التي حضرت لتواكب فعالية تكريمه ثوريا ولم تبخل عليه باعداد وبث تقرير وجزء محترم من كلمته الثورية بتلك المناسبة التي اعتبرها القائمين على الفضائية واعلام البلاد حدثا وطنيا مهما، سيما وانه جاء عشية استعداد "شعب الجنوب الانفصالي" للاحتفال بذكرى ما أسموها بيوم الكرامة التي يقولون انهم رفضوا فيه جميعا مرور مسرحية انتخاب الرئيس هادي رئيسا توافقيا وحيدا لرئاسة اليمن الموحد.
وجاء آخر ظهور اعلامي للجنرال الاحمر ،على شاشة الفضائية اليمنية تزامنا مع تزايد شائعات خلافاته مع هادي وتوارد أنباء عن رفضه قرارات الهيكلة والتخلي عن منصبه، وفي وقت حرص فيه أن يكون ظهوره وتكريمه المتزامن مع كل هذا الحضور والنفوذ،وهو على ذات الكراسي ومن على تلك الطاولات الموجودة في ذات مكتبه الواقع في مقر قيادة الفرقة بقلب صنعاء، ورغم القرارات الجمهورية الخاصة بالهيكلة التي اصدرها الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي في وقت سابق والتي قضت بإلغاء مسماها ودمج وحداتها اسوة بوحدات ألوية بالحرس الجمهوري التي يقودها العميد أحمد علي، نجل صالح.
أشد اعداء الماركسية:
وأكدت الموسوعة الحرة العالمية في آخر تحديث لمعلوماتها عن اللواء الاحمر، انه أعلن في يوم الإثنين 21 مارس 2011 ،بعد مذبحة جمعة الكرامة أثناء ثورة الشباب اليمنية، تأييدَه ودعمه -مع ضباطه وقواته - لثورة الشباب اليمنية ومطالبها ، وأكّد أن فرقته- تم إلغائها و دمج وحداتها مع القوات البرية في سبتمبر 2012 - ستؤدي واجباتها في حفظ وحماية صنعاء وأي منطقة توجد فيها إلى جانب القوات المسلحة اليمنية.مشيرة إلى ان الاحمر أتهم علي عبد الله صالح بالوقوف وراء محاولة فاشلة لاغتياله في صنعاء يوم 5 أبريل 2011 في ما سمّاها ب«المكيدة المدبّرة». وهي المحاولة التي تعرض فيها اللواء الاحمر لاطلاق نار عليه أثناء خروجه من البوابة الشرقية لمقر الفرقة تجاوبا مع وفد قبلي مزعوم جاء لاصلاح البين بينه وصالح.
وأوضحت الموسوعة ان الأحمر كان من أشد العسكريين الذين عملوا على التصدي للحركة العسكرية للجبهة الوطنية ذات الاتجاه الماركسي في حروبها للاستيلاء على الحكم، عبر إسقاط مناطق الريف من خلال حروب متفرقة بعد أن فشل الانقلاب الناصري سنة 1979 م وحتى 1984 م.وأوضحت ان اللواء الاحمر تولى قيادة المعارك التي دارت في محافظة صعدة خلال سبعين يومًا ضد الزعيم الشيعي حسين بدر الدين الحوثي الذي أعلن خروجه على الدولة، وحشد أنصاره لمواجهة الجيش، وانتهت الحرب بقتله في مطلع شهر شعبان 1425 ه/سبتمبر 2004 م. ولكنها عاودت بعد ذلك حتى صار عددها ست حروب إلى اليوم وكان علي محسن صالح هو رأس الحربة فيها دائما.