إن العنف ضد الآخرين ينم عن اعوجاج في الشخصية،وفي أغلب الأحيان يكون مرده إلى الحرمان والأحباط التي عانى منه الفرد خلال فترة طفولته، لهذا تنشأ بعض شخصيات الأطفال ضعيفة إجتماعيا ونفسيا إن صح التعبير،ولا تستطيع أن ترى المختلف عنها بشكل سوي، والاختلاف وارد في كل شيء إلا أنه لا يعني أن كل خلاف هو خلاف حقيقي فقد يكون الحق مع أحد الأطراف والانحرافات الفكرية أو الأفكار المبرمجة سياسيا تحتاج لغطاء الاختلاف حتى يكون لها نصيب في المجتمع ومع هذا لابد من أن يكون الشخص المختلف عنا فيه أشياء من الشخصية السوية وهذا أمر مفروغ منه ولتتبيث مانريده لا بد أن نحاوره بهدوء وبحجج عقليه مقبولة. على أولياء الأمور معرفة أن مرحلة الطفولة خطرة على أبنائهم وعليهم التعاطي مع هذا الأمر بشكل جدي ومدروس،كما لها رواسب قد تكون سيئة للغاية ترافقنا حتى الكبر وقد تؤثر في حياة أطفالنا مستقبلا،فالأطفال الذين يتعرضون للاغتصاب والتعنيف والترهيب ورؤية مشاهد الحروب والكوارث والأموات والقتل هم ضحايا بكل معنى الكلمة ولا أستطيع إلا أن أبدي تعاطفي المصحوب بالصلوات والدعوات فأمور كهذه قد تؤثر في الطفل مباشرة ولو في وقت لآحق،بيد أن التربية الدينية تجعل الشخص يتغير من شيء غير محبب بعيد عن الاستقامة إلى شيء محبب ومرغوب فيه وقد أشرنا مسبقا أن منهج الاسلام أكثر مرونة وقوة في التأثير من مناهج الأديان الأخرى،وعلى هذا فلا أستبعد أن تقوم بعض الجهات التي تفقه فن العلوم الاجتماعية والنفسية على محاربة منهج الإسلام العظيم أو تسعى لتحجيمه وحصره في صورة معينة من الصور والأخير هو الأقرب إذ لا طاقة ولا سبيل إلى غيره،هذا لكونه المنهج المؤهل للبقاء حال سقوط أكبر ممالك العالم وأقوى اقتصادياتها وهذه بحد ذاته عدوانية على أمة بكاملها. ولنقترب أكثر من فهم وتحليل الشخصية العدوانية لابد من الاطلاع على نظريات مختلفة في مجال دراسة سلوك العدوان والعنف وساعطي ملخصا لها مجتمعة كالآتي: 1-السلوك العدواني يقود للكراهية، ثم التحطيم، ثم التدمير وإشاعة ثقافة الموت، وهو الذي يعني القساوة وضياع معاني الحب في القلب وضموره واستبدال كل هذا بأنواع مختلفة من الكراهية التي تبقى مكبوثة في الداخل حتى تسنح الفرصة. 2-عندما تخرج الكراهية وتجد فرصتها للظهور للعلن فإنها تأخد صورا مختلفة ومتعددة كالتعصب في الرأي،وإلغاء كل مخالف حتى لو كان على صواب والتحريض عليه وعلى عدم سماعه،وقد تظهر بصورة اغتصابات عدوانية مع شرعنة ذلك وقد يكون السبب تعرض المغتصب للاغتصاب في سن مبكرة وهذا بعيد كل البعد عن فلسفة المعصية والذنب بل هو سلوك منحرف غاشم وظالم وعدواني ضد شخص لا ذنب له، إنقاما من المجتمع الظالم القاسي كما يعتقد، وهذا خطأ وغير صحيح ويكون اجراميا عندما يرافقه شعور بالراحة والرضا، كما أنه غير مبرر فالمجتمع لا يحكم عليه أحد أفراده أو مجموعة منه ارتكبت حماقة في حق أحدهم، كما لا تؤخد صورة عن مجتمع ما من المجتمعات عبر الطبقة الحاكمة مثلا. 3-قد يظهر السلوك العدواني على صورة غيبة ونميمة مرافقة للسب والشتم وسبب هذا ارتباط السلوك العدواني بالشعور بالدونية والتهميش *وسنتحدث إن شاء الله في مقال لآحق عن الشخصية الدونية،* وقد يصل السلوك العدواني لاغتصاب النساء البالغات وضربهن بالأيادي أو القتل حتى كل هذا تعكسه مرحلة الطفولة والبيئة والأسرة وسلسلة التجارب الحياتية المختلفة وقد لخص الاسلام كل هذا الأبحاث والنظريات في قول النبي-صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. فكيف لشخص سوي الشخصية أن يصل إلى هذه التجارب إلا عبر أحدهم. 4-السلوك العدواني بكل صوره يعتبر خلل في الشخصية وسلوكا مرضيا،وتكمن الخطورة في أن الانسان يكتسب ويتعلم السلوك العدواني بنفس الطريقة الذي يتعلم فيها أنماط السلوك الأخرى كالمحبة والأخوة وقبول رأي الأخر، والصدق والأمانة. وقد لوحظ أن بعض الأباء يشجعون أبنائهم على ممارسة العدوانية والقساوة وخاصة في الأرياف إعتقادا منهم أن هذا ماتحتاجه الحياة القاسية فيتفلت الولد من بين أيديهم وتصاغ شخصيات لا يرغبون بها، لذلك فلا يصيبك العجب كيف للبعض أن يختار مناطق الريف قبل المدينة من أجل تكوين مقر حزبي وواضح أنها لحاجة في نفس يعقوب تنزه النبي الشريف عن أمثال هؤلاء والمشكلة والكارثة العظيمة حين يؤطر هذا السلوك العدواني بإسم الجنس والعرق والقوميات أو اللون والشكل والمسميات الدينية المختلفة كما تفعله الآن تيارات اليمين المتطرف في القارة العجز وبقاع العالم المختلفة من تشريع للسلوك العدواني على مراى ومسع حكومات تلك البلاد وبغطاء سياسي ولولا أن الساسة هناك يرغبون بظهور نزعة قومية كهذه لما كانوا سمحوا لهم بالظهور علنا وبمثل هذا الشكل لأنهم يقيسون أبعاد الهجرة المسلمة للغرب وهم خائفون من سقوط مبادىء المواطنة والعلمانية التي أسسوا لها في ضل زحمة معتنقي الدين الإسلامي كونه منهج لايهتم بعرق معين بقدر ما يأخي بين المنتسبين إليه أي كانت جنسياتهم وأعراقهم. 5- نلآحظ دائما أن الشخص العدواني غالبا ما يعاني من التجاهل والعزلة والحرمان، وأسوأ ما يمكن حصوله أن تصل العدوانية في شخصية أحدهم إلى حد معاداة مجتمع بأكمله مع اختفاء مشاعر الذنب وهذا وارد وقد أتبتثه دراسات قديمة وحديثه رغم أن المجتمع في كل مكان هو خليط من الأفكار المختلفة وإعطاء حكم عليه كاملا غلط فاحش. كيف أعرف صاحب الشخصية العدوانية؟ 1-ينظر إلى عينيك مباشرة. 2-قد يكون جريئا. 3-لا يفكر بالنتائج العامة والهدف الأكبر على المدى البعيد. 4-خلوه من مشاعره الحب وصفات الرحمة. 5-الشكل ليس ضابطا فقد يكون ذو منظر حسن وجميل الشكل،وخدها قاعدة فالشكل الخارجي لا يعبر عن مضمون الشخصية إلا أنه يعطي إيحاءات فقط. 6-يحب التسلط ويتلذذ في تعذيب الحيوانات وتمزيق الدمى والألعاب المجسمة. 7-كلامه متناقض وبشع ومليىء بالكراهية البعيدة عن الموضوعية لأنه لا يفكر إلا بكل مافيه دمار. 8-ليس موهلا لثقافة البناء والتعمير. كيف يمكن علاج الشخصية العدوانية؟ ينصح باستشارة شخص مختص إلا أننا قد نستخدم وسائل مثل النصح والارشاد وقد يتطلب الأمر أحيانا المواجهة بشكل عنيف للغاية حتى يشعر صاحب هذه الشخصية بالخطر الواقع عليه لامحالة وهنا يمكن لهذا الشعور أن يساهم في هدوءه بعض الشيء. صور عن الشخصيات العدوانية 1-تجار المخدرات كأفراد في البداية،ثم تمكن هؤلاء الأفراد من الانتقال إلى التكوين الجماعي كما حصل من تحول واضح في البلدان الأوروبية والأمريكيتان وظهور عصابات مافيا. 2-الصورة العرقية المتمثلة في العداوة القائمة بين السود والبيض في الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي تشهد تصاعدا ملحوظا هذه الأيام في ضل حكم دونالد ترامب وزرع الكراهية في ضل قيم المساواة المزعومة في فترة حكمه. 3-الصورة الفكرية القائمة على تسفيه رأي المخالف بغير حجة ولادليل وأدنى درجة انصاف كما يفعله بعض الباحثين والمغكرين. 4-الأعتداء الجسدي ومظاهر القتل المختلفة في جميع بلدان العالم وظهور تجارة الأعظاء البشرية ويعد هتلر شخصية عدوانية للغاية وقد قلت عنه في أحد المقالات السابقة أنه شخصية كاريزمية إلا أن هذا لا يخفي عدوانيته. والصور كثيرة ومختلفة وخاضعة للبحث والتوسع....