أزمة مابعد سن الطفولة أو المراهقة هي العمر الفاصل بين مرحلة الطفولة والرشد أي أن هذه المرحلة تقاس بالزمن وبالتحديد هي الفترة العمرية الممتدة من سن الخامسة عشرة إلى الخامسة والعشرين؛ وتختلف هذه المرحلة من شخص لأخر في بداياتها ونهاياتها ويلعب المجتمع وعاداته دورا كبيرا وبارزا في تكوين صفات تلازم الفرد لباقي عمره ففي مجتمع تباح فيه العلاقات الجنسية المحرمة تجد المراهق يبادر لحالة من الفوضى والإدمان والجنوح مهما كان هذا المجتمع مفتوحا ويباح فيه كل شيء وهو خلاف ما يعتقده الباحثون الغربيون ويجعل كلامهم ضربا من الخيال وأوضح مايدل عليه حالات الاغتصاب المتزايدة وتعاطي المخدرات والقتل والانتحار،أما في مجتمعات أخرى مع وجود تربية سليمة تجده يمر من هذه المرحلة بهدوء تام ولا تؤثر فيه البثة، إلا أن قياس مرحلة المراهقة أو أزمة الخروج من سن الطفولة مختلف بالنسبة للذكور والإنات فمعلوم أن الإناث تدخل في المراهقة قبل الذكور،لماذا البيئة مؤثرة؟ لأن الميول يتم استدعائه بتصرفات ومشاهدات وكلمات وأفعال وكل هذه العناصر توجد بشكل أو بآخر في البيئة المحيطة،فطفل صغير لا يعرف ماهي العلاقات الجنسية فيتم تعليمه إياها عن طريق المشاهدات، فهو يستثار بشكل من الأشكال ويحاول التقليد وهكذا يحصل في كل العادات والتقاليد،لذلك كان لفهم الشخصية الإنسانية مساحة واسعة في العلوم النفسية والاجتماعية فهي نقطة مراقبة الباحثين وتفتح الأفق على نحو تكوين نهضة علمية أو تدمير مجتمع معين. الفروقات بين مصطلح المراهقة والبلوغ. المراهقة في لغة العرب مأخودة من كلمة راهق وتعني القرب من الشيء،وفي علم النفس فهي تعني اقتراب الفرد من نضوج جسماني، وعقلي،واجتماعي،ونفسي، إلا أنه لا يمكن لأي باحث أو متخصص في هذا المجال أن يقول أو يدعي أن المراهقة هي مرحلة نضوج تام،فهي لا تمثل النضوج الكامل بل تؤدي إلى النضوج لاحقا،أما البلوغ فهو ظهور علامات معينة في كل من الذكور والإناث ويبدأ من سن الخامسة عشر،وهذه العلامات معروفة،فالبلوغ هو أول علامة لما يعرف مصطلحا بسن المراهقة؛ إذا فالبلوغ مرادف للمراهقة والمراهقة هي البلوغ والبلوغ هو المراهقة، وقد سبق وبينت أني أتعامل مع هذا المصطلح كمصطلح فقط للتقريب بإعتباره أصبح مشتهرا ليس أكثر وهذا لا يعني أن كل ما يحدث في سن المراهقة هو جائز وصحيح من وجهة نظر علم النفس والاجتماع بل إن كثيرا من علماء النفس يشبهون هذه المرحلة بالعواصف والكوارث الغير منضبطة وهذا وفقا لمجتمعاتهم؛ ولنحدد الأمر بشكل أكثر دقة فالبلوغ يختص بالنمو الجنسي والعضوي وأما توابع سن البلوغ فهي المراهقة فهي تشمل الجانب النفسي، والاجتماعي، والتصورات، والقناعات، وكل هذا خاضع للبيئة وما يتلقاه الفرد في مجتمعه،لهذا فإنه لا يستهان بعملية التعليم والتنشئة والوعي المجتمعي. ولأن الأمر يحتاج لتوضيح أكثر أعتقد أنه لا بد من زيادة في بيان تقسيمات ما يمر به الإنسان في مرحلة المراهقة: الشباب من بداية سن الخامسة عشرة إلى سن الخامسة والعشرين لا يمرون بنفس الصعوبات والتحديات بل حتى لا يفكرون بنفس نمط التفكير، فهم مختلفون حتى في الرغبات، والنوازع الجنسية، وكل هذا يعتمد على التربية وما يفعله هذا الشاب في نفسه، فهو الملآم الأول في كل التبعات والكوراث التي قد تحل به نتيجة لعدم وعيه الكامل بهذه المرحلة وخطورتها، كما أن التعليم في مدارسنا لا يعط للطالب صورة عن هذه المرحلة وخطورتها ولا يبين له ماينبغي، ويزداد التعقيد حال عدم معرفة الوالدين بخطورة هذه المرحلة وأثرها فيما بعد على ولدهم الصغير،لهذا نلآحظ مراهق موصوف بالبلطجة وكثيرا ما يحب القسوة والألعاب العنيفة، وآخر؛ يحب الهدوء والانعزال وملتزم أخلاقيا وقانونيا، وآخرين عديمي الأخلاق لا يلتزمون بالنظام ويسعون للفوضى ويرتكبون المحرمات كل هذا لأنهم لا يعون مالهم وماعليهم وليسوا طامحين نحو بناء شخصياتهم بشكل إيجابي،وسبق وبينت أن كل هذا يعود للتربية والبيئة المحيطة،فالمراهق هو نحن ولو بوجه من الوجوه فهو يعكس صورة للبيت الذي تربى به أو البيئة المحيطة بهذا البيت أو الرفقة الذي يخالطها وهكذا... وعلى هذا فهناك صورا للمراهقة نقسمها كالآتي: 1- مراهقة مضطربة: يكون فيها المراهق متناقضا متبعا للإملاءات المجتمعية وما يفرضه هذا المجتمع؛ متناقض مع نفسه تناقضا شديدا. 2- مراهقة هادئة مستقرة: يميل فيها المراهق إلى الاستقرار في جميع التوجهات منها العاطفية وتخلو من التوثرات والانفعالات،كما يكون ذو علاقة طيبة للغاية بالمحيطين به، ويتصف المراهق بهذا النمط بالعقلانية والإتزان. 3- المراهقة المنحرفة: وهنا نرى المراهق يميل للإنحرافات بمختلف أشكالها وما الانحراف الجنسي إلا صورة واحدة من تلك الصور؛ فهو يقدم على كل شيء يمثل تمردا وانحرافا. 4- المراهقة العدوانية: وفي هذا النمط يكون المراهق عدوانيا يميل للاعتداء الجسدي ويتسلط على أقرانه، ويحب أن يملي عليهم الإملاءات والتحكم بهم ويعتقد أن هذا تكوين لشخصيته. 5-مراهقة مرضية: يتسم فيها المراهق بالخوف والقلق مع رغبة دفينة بالانحراف الجنسي الداخلي الذي لا يتحكم به كنتيجة لعدم ضبط نفسه وصدقه معها، وغالبا ما يكون هؤلاء ضحايا لأنواع متعددة من الاعتدءات منها الاغتصاب والاستغلال بمختلف أنواعه،وفي أغلب الأحيان يتسلط عليهم مراهقوا النمط العدواني والمنحرف. والآن لنتحدث عن مظاهر النمو في سن المراهقة والميول المختلفة: 1-النمو الجسمي: ويكون سريعا في سنوات المراهقة الأولى، يهتم فيها المراهق اهتماما شديدا بجسمه وشكله، ويميل ميلا واضحا لأصحاب الأجسام الجذابة والقوية ويسعى لأن يكون مثلهم قدر الإمكان، كما أنه في هذه السنوات يكون حساسا للنقد وبالذات ذلك النقد المتعلق بتصرفاته وقناعاته الشخصية وبمظهره العام فهو يرى نفسه لا مثيل له. 2- النمو العقلي: له نمو عقلي ممتاز ومنتظم ولا سيما في السنوات الأولى والوسطى من المراهقة ويزاد الذكاء في المراحل الأخيرة حال تم الاهتمام به بشكل جيد ويرافقه طول عمره ويؤثر على حياته فيما بعد، إلا أن كل شخص له مقدار محدد وانتظام محدد ومدة محددة ولهذا تظهر الفروق الفردية بين التلاميذ في فصل واحد. 3- يستطيع المراهق استيعاب عدد كبير من المشاكل المعقدة والطويلة بكل سهولة ويسر. 4- وللمراهق ميول رياضية، وأخرى اجتماعية، ومن أوضحها الميول الجنسية والتي يجب ضبطها والانتباه لها قبل أن تخرج عن السيطرة. مشاكل المراهقين: يعاني المراهقين من عدة مشاكل تتمثل في وحدة التعامل مع الأخرين مما يجعل بعظهم يتعرض لضربات موجعة من المجتمع حال عدم اهتمامه بإصلاح هذه الناحية، ومن هذه المشاكل التوثر والعناد والعصبية،وكثير من المراهقين لا يكترثون بمشاعر الآخرين، ولا يحبون الاستماع للنصيحة، ولهم طرق خاصة ملتوية نحو تحقيق مطالبهم، كل هذا وأكثر يحصل حال عدم تربية المراهقة على التعاليم الدينية،وجملة هذا التوثر، والقلق، والعناد، والعصبية، قد يأخد المراهق بعيدا نحو التمرد والجنوح تلو الجنوح حتى يجد نفسه مرميا في السجون، ودائما ما يشكو كثير من المراهقين من عدم فهم الأسرة لما يفكرون به ويدعون أنهم يفكرون بنمط قديم وهذا قد يكون وقد لا يكون، وغالبا ما تكون هذه التصرفات نتاج عدم فهم الأسرة للولد المراهق أثناء مراحله الأولى بالتحديد من الخامسة عشرة إلى التاسعة عشرة فتظهر صراعات بين المراهق ووالديه قد يكون هو سبب مباشر وقد يكون تحجر عقل الوالدين والعائلة هو السبب، وهذا بحث مستقل يطول الحديث عنه، كما تظهر مشاكل جنسية عديدة تحتاج للكلام والحديث عنها بنوع من الوضوح والجراءة ليدرك الأهل ما يفعله أبناءهم من وراء ظهورهم فكثير من الأهل يرغبون في تكذيب هذا أو تناسيه والسبب أنهم لا يعرفون طريقة ما لصرف أبنائهم عن هذا،فبجانب مشكلة السقوط الجنسي والذي هو نتيجة لإهمال التزكية والتربية الدينية أو هو نتيجة لعدم رغبة الفرد المراهق البعد عنه أو إظهاره، تنشأ مشكلة التمادي والمبالغة بالعادة السرية التي تتعب عقل المراهق وتجعله ضعيفا عقليا وجسمانيا وقد تتطور في هذا العصر إلى الجنوح بسبب وسائل التواصل الاجتماعي الغير منضبطة وبالتاكيد فإن أمر هكذا لا يستطيع سوى قرار من الحكومة أن يضبطه، يضاف إلى هذا مشاكل نفسية كالوسواس القهري، وصفات الشخصية النرجسية، والانطوائية السلبية، والخجل الغير مبرر، والاكتئاب والقلق، وما يشابه هذه المشاكل، كل هذا يجعل من مرحلة المراهقة أزمة حقيقية بعد سن الطفولة؛ فقط الشباب الذين يحضون بالتربية الدينية الإسلامية السوية يكونون أكثر هدوءا وانسيابية وتمر عليهم هذه المرحلة بسلام.