لا شك أن الشارع اليوم في المحافظات الجنوبية، يشهد غليان غير عادي، فالناس لم تعد تحاصرها الحرب التي تدور رحاها خارج وحول محافظاتهم ومناطقهم، ولكن أصعب ما يحاصرهم هو فقدان الأمان وضياع الأستقرار، فلم تكتف الحكومة بضرب شعبها بالمشكلة المزمنة والمقيتة والتي لاتزال أثارها الموجعة قائمة ومستمرة وهي مسألة ضعف الخدمات الأساسية، بل داهمته بغلاء وارتفاع الأسعار ليقع تحت وطأة الجوع القاهر، فالعملة المحلية تتضارب أمواجها في بحر التجار، تجار السلطة وتجار العملة. لقد أمعنت الحكومات السابقة والحكومة الحالية، في تكبيل الشعب بمعضلة مؤرقة، شديدة القسوة، لا ترحم وهي معضلة، ضعف وتهاوي الخدمات الأساسية، والتي أرهقته وحملته أثقالها الموجعة، ولسنوات طويلة، حتى قطع الأمل في الخلاص منها وحتم عليه التماشي مع قسوتها، ومجاراة تقلبات وتيرتها. ويبدو أن الحكومة الحالية تعمل على تابيد أغلال تهاوي الخدمات على شعبها، فحال تلك الأغلال يزداد ضيقا وأحكاما يوما بعد يوم. ومع ذلك نجد أن بعض سكان عدن ومن باب العلم بالشيء، تعمدوا مراقبة اجراءات الحكومة وأساليب إدارتها لقضية بعض الخدمات الهامة، وعرفوا ما تحدثه الحكومة من عبث في هذه القضية، وما تقوم به من معالجات عقيمة الجدوى، لم تفض لشيء نافع، ولم تمكنها من كبح تهاوي تلك الخدمات، التي لا يزال تدهورها مستمر وعلى رأسها خدمة توفير الطاقة الكهربائية التي هي نبض الحياة، فحولتها الحكومة إلى قبض للحياة. والعجيب أن ما اكتسبه البعض من المدارك والمعلومات، كان للحكومة نصيب فيه، فقد أنجرف الكثير منهم بتلقائية ودون وعي، ليتقمص دور المدافع عن حدة تدن الخدمات من خلال الجنوح لتبريرها وعرض الأعذار الواهية، بينما هي في حقيقتها خيبات تعكس فشل الحكومة وعجزها، وتعبر عن تعمدها باستمرار وتصاعد الضعف في الخدمات، ومع ذلك، ما يقوم به البعض عند حديثهم على صفحات التواصل الاجتماعي وغيرها، عن أسباب تهاوي بعض الخدمات، كأرتفاع وتيرة الأنقطاعات الكهربائية المهلكة، لا يتم حصره في عين العاصفة، وتوجيهه للحكومة ووزارة الكهرباء، لكنهم وللأسف يقومون بدرج أزمة الوقود ونفاد المخزون من المازوت أو الديزل، أو عرقلة وتأخير وصول الباخرة مع قضية انقطاع الكهرباء، وبالتالي يلقون باللاّئمة على وزراة النفط أو وزارة النقل أو يجمعوا الثلاث وزارات في قفص إتهام واحد، فكل ذلك يساعد في صرف النظر عن القضية الجوهرية وهي الكهرباء، ويشتت التركيز عليها، بغض النظر عن تقصير وفشل بقية الوزارات، ولكن، كان ينبغي تسليط الضوء بقوة على الأزمة بعينها، ورفع منسوب تحامل الشارع عليها، فلعل حرج السلطة يكون أكبر، هذا في حالة وجود بعض مشاعر وأحاسيس الحرج والخجل لدى السلطة.