عُرض مؤخراً في صالات السينما العالمية فيلم الصور المتحركة الفرنسي "زرافة"، الذي يتناول قصة "ماكي"، الطفل البالغ عشر سنوات، والزرافة التي أهداها باشا مصر لملك فرنسا. من المعروف أن ستوديوهات السينما الأمريكية ديزني، وبيكسار، ودريم واركس، إيلومنيشن إنترتينمنت، تعدُّ من بين أضخم شركات إنتاج أفلام الرسوم المتحركة. لذلك، تحتل أفلام هذه الشركات المراكز الأولى ضمن قوائم الأشرطة السينمائية ذات الإيرادات العالية. ولكن في المقابل، وبعيداً عن الميزانيات الضخمة، هناك صناعة أوروبية لأفلام الصور المتحركة تضاهي مثيلاتها من الأفلام الأمريكية، وتتفوّق عليها في بعض الأحيان.
وفيلم الصور المتحركة الفرنسي "زرافة"، الذي إعتمد على ميزانية لم تتجاوز 8.520.000 يورو، يروي قصة حقيقية تقول أن والي مصر محمد باشا كان قد أهدى لملك فرنسا شارل العاشر زرافة، وذلك من أجل مساعدته في الوقوف ضد الأتراك. وهناك في الفيلم، الطفل "ماكي"، البالغ 10 سنوات، الذي يحاول جاهداً إستعادة "زرافة" وإعادتها إلى مكانها، غير أنه خلال مهمته هذه، يواجه مخاطر كبيرة في رحلته من السودان إلى باريس.
هنا، نسلّط الضوء على أبرز الأفلام السينمائية الأوروبية للصور المتحركة، والتي إستطاعت أن تنافس رسومات هوليوود :
Chicken Run 2000، بريطاني أخذت ستوديوهات "أردمان" البريطانية الشهيرة ومقرها في بريستول، على عاتقها صناعة هذا الفيلم الجميل، مستعينة بتقنيات كليموشن وستوب – موشن، وأناطت مهمة إخراجه بالسينمائيين نك بارك وبيتر لورد.
وفيلم "هروب الدجاج" الذي تمّ إنتاجه بميزانية قليلة، وحصل على إيراداتٍ ضخمة، وكان فعلاً مفاجأة سينمائية حقيقية، وبصورة خاصة من حيث شباك التذاكر، يتناول حالة التمرد التي وقعت في مزرعة بيوركشاير عام 1961، بعد أن تقرر عائلة "تويدي" صاحبة المزرعة، عقب فشلها في تحقيق الأرباح من بيض دجاج المزرعة، ذبح الدجاج غير المنتجة. وفي ظلّ هذه الظروف، تخطط الدجاجة الشجاعة "جنجر" التخلص من الظلم الواقع عليها وعلى رفيقاتها بمساعدة "روكي"، الديك الأمريكي الهارب من سيرك، الذي يدّعي قدرته على الطيران، وأن بإمكانه تعليمهم على التحليق، . وبعد إنكشاف أمر عدم قدرته على الطيران، يلوذ "روكي" بالفرار، ويقرر الديك الوحيد في المزرعة مساعدة الدجاج على الهروب.
Wallace & Gromit 2005، بريطاني على الرغم من أن فيلم "هروب الدجاج" كان أول عمل ناجح لها على الشاشة الكبيرة، إعتادت ستوديوهات "أردمان" البريطانية على صنع الأفلام القصيرة من خلال الشخصيتين "والس وغروميت"، اللتين قدمتهما من قبل، وهما بمثابة الشعار الذي يمثل الشركة السينمائية، قام بإبتكارهما نك بارك. ومن خلال إستخدام تقنيات كليموشن وستوب – موشن أيضاً، حقق المخترع المهووس "والس" يرافقه كلبه الوفي "غروميت" خطوة مهمة بإتجاه الشاشة الكبيرة، وحصل على شهرة واسعة، كما يشهد فوزه بجائزة أوسكار أفضل فيلم للصور المتحركة في 2006.
ويفوز كل من "والس" و"غروميت"، ضمن المسابقة السنوية للخضراوات العملاقة، عن إختراع جديد يمنع الأرانب، وبطريقة إنسانية، من إتلاف البساتين. ومع ذلك، يحاول وحش شرس زرع الخوف في نفوس أهل القرية، ويعمل من أجل تدمير بساتينها أثناء الليل، مما يلحق أضراراً جسيمة بالمشرفة على تنظيم المسابقة، ليدي توتينغتون.
Valiant 2005، بريطاني في فيلم الصور المتحركة هذا، الذي أطلقته ستوديوهات "فانغوارد أنيمشن"، و"أوديسا إنترتينمنت"، والذي وزعته شركة "ديزني"، وأخرجه السينمائي غاري تشابمان، تبذل الحمامة الجميلة "فاليانت" جهدها من أجل الإنضمام إلى فرقة الحمام الزاجل الملكية، المسؤولة عن نقل البريد للجيش البريطاني. وعلى الرغم من صغر سنّه، يتمكن من الإلتحاق بالفرقة، وبصورة مدهشة، حيث يتمّ تكليفه، حالما ينتهي من التدريب، لحمل بريدٍ في غاية الأهمية إلى جبهات القتال، أثناء الحرب العالمية الثانية.
ويقف "فاليانت" إلى جانب باغسي، وسنوبي، وتانغون وتشارلي لمحاربة الجنرال فون تويرتن، الصقر الدامي الذي يحاول القضاء على فاليانت وفرقته.
ويؤدي الأصوات في الفيلم، كل من إيوان ماكجواير، وريكي جيرفيسن وتيم كوري.
Persepolis 2007، فرنسا إستندت أحداث فيلم الرسوم المتحركة الفرنسي "برسيبوليس" على رواية الكاتبة الإيرانية مارجان ساترابي، وهو من إخراج فيسنت برونو، وإنتاج خافيير ريغولت ومارك أنطوني روبرت.
وكان الفيلم الفرنسي الذي يروي سيرة حياة المؤلفة التي شاركت في عملية إخراجه أيضاً، وتمّ تصويره بالأسود والأبيض، كان قوبل بترحابٍ كبير من لدن النقاد السينمائيين، وحصل على ترشيح أفضل فيلم للرسوم المتحركة خلال توزيع جوائز الأوسكار عام 2008، ونال جائزة لجنة التحكيم في مهرجان "كان" السينمائي الدولي، إضافة إلى ترشيحه لجائزة الكرة الذهبية كأفضل فيلم ناطق بغير الإنكليزية.
ويسرد فيلم "برسيبوليس" قصة فتاة إيرانية، منذ الثورة الإسلامية وحتى يومنا هذا. وفي الوقت الذي يصل خميني إلى الحكم، تدخل إيران في حربٍ مع العراق، وتكتشف مارياني تقليعات الشباب المعاصرة، وموسيقى فريق "آبا"، وأغنيات الهيفي ميتال لأيرن مايدن. وفي سن المراهقة تنتقل الفتاة الإيرانية إلى أوروبا، حيث الثقافة المختلفة جداً عن ثقافة بلدها الأصلي. لكن، الشعور بالوحدة يدفعها للعودة إلى بلدها، حتى لو أُرغمت على وضع الحجاب، وخضعت لمجتمعٍ يقمع الحريات الفردية.
وجدير ذكره أن المستشار الثقافي للرئاسة الإيرانية كان رأى في تقدير فيلم ساترابي ضمن مهرجان "كان" السينمائي، دليلاً على "كراهية مريضة للإسلام".
Planet 51 2009، إسبانيا يشكّل فيلم الصور المتحركة "الكوكب 51"، إنعطافة مهمة بالنسبة للسينما الإسبانية، بعد أن تحوّل إلى أوّل إنتاج ضخم، من هذا النوع، يتمّ إنجازه في إسبانيا. وقد قام بإخراج الفيلم الفائز بجائزة "غويا" كأفضل فيلم كارتوني لعام 2009، السينمائي خورخي بلانكو، وكتب السيناريو له جو ستيمان، صاحب فيلم "شريك"، بينما إضطلعت "ستوديوهات ليون أنيمشن" بمهمة إنتاجه في مدينة "ألكوبينداس" في مدريد.
وتدور أحداث الفيلم حول العائلة التي تتفاجأ بهبوط إنسان على كوكبها، يدعى الكابتن تشارلز "شاك"بيكر، رجل الفضاء الأمريكي الذي يصل إلى الكوكب 51، معتقداً أنه أول إنسان تطأ قدماه سطحه. ولكن، كما يبدو أن هذا الكوكب تسكنه مخلوقاتٍ صغيرة خضراء اللون، تعيش حياة سعيدة وهانئة، لا تعاني إلاّ من هاجس الخوف من أن يتعرّض كوكبها للغزو من قبل غرباء.
The Illusionist 2010، فرنسا فيلم "الساحر"، الفائز بجائزة سيزار الفرنسية كأفضل فيلم للرسوم المتحركة في عام 2010، والذي ترشّح لجائزة أوسكار أفضل فيلم أيضاً، أخرجه سيلفان شوميه، صانع فيلم الصور المتحركة أيضاً "مرحباً بكم في بلفيل"، وأنتجته ستوديوهات "جانغو فيلمز".
ويتناول الفيلم قصة العجوز الساحر "تاتيسشيف" الذي يقوم، في المرحلة الأخيرة من حياته المهنية، بالإنتقال من مدينة إلى أخرى، مكتفياً بتقديم عروضٍ صغيرة. وخلال واحدة من عروضه تلك، يتعرّف ب "أليس" في قرية إسكتلندية، والتي تعتقد أنه فعلاً ساحر حقيقي، وتقرر مرافقته في رحلاته. ومن هناك، تولد بينهما علاقة إنسانية قوية، لن تنتهي إلاّ بموت أحدهما.
Chico & Rita 2010، إسبانيا ساهمت الشركات السينمائية "ستوديو ماريسكال"، و"فيرناندو ترويبا بي سي"، و"ماجيك لايت بيكجرز" في إنجاز فيلم الصور المتحركة "شيكو وريتا" لديفيد ترويبا وخافيير ماريسكال، معتمدة على رهانٍ متواضع فيما بينها. وكان الفيلم حقق النجاح المطلوب، إذ نال جائزة "غويا" كأفضل فيلم للصور المتحركة في 2011، وهي ذات الفئة التي ترشح لها في جوائز الأوسكار.
وكانت غاية الفيلم تتميّز بخصوصية ما، حيث جاءت تكريماً لموسيقى الجاز اللاتينية، ولأفلام هوليوود خلال عقد الأربعينات والخمسينات، مثل "كازابلانكا"، أو "العرّاب".
ويحكي الفيلم قصة عازف البيانو شيكو فالديس والمغنية الجميلة ريتا من كوبا، والعلاقةالموسيقية والرومانسية التي تجمع بينهما، وذلك في أواخر عقد الأربعينات. وعقب لقائهما في نادٍ في هافانا، تشهد علاقتهما العاطفية مدٍّ وجزر، كما لو كانا يؤديان دور المحب والحبيبة في أغنية من نوع موسيقى "البوليرو".
Jones Tadeo of Adventures The 2012، إسبانيا ونحن نسلّط الضوء على مجموعة مختارة من الأفلام الأوروبية للصور المتحركة، لا بدّ من الإشارة إلى فيلم "مغامرات تاديو جونز" لشركة الإنتاج السينمائي "تيليثنكو سينما"، التي أنجزته إلى جانب شركة "إلتورو بيكجرز"، وكان حصل على إيراداتٍ عالية في العام المنصرم، بلغت في إسبانيا فقط أكثر من 18 مليون يورو. وبالنظر للنجاح الكبير الذي حققه الفيلم، إرتأت الشركة المنتجة تنفيذ جزءٍ ثانٍ له، وإعداد مسلسل تلفزيوني سيبث عبر قنوات "ميدياسيت" التلفزيونية، وفاز الفيلم بثلاث جوائز "غويا" السينمائية، كأفضل فيلم للصور المتحركة، وأفضل مخرج رواية، وأفضل سيناريو مقتبس.
ويروي الفيلم قصة تاديو جونز، عامل البناء المقيم في شيكاغو، الذي كان يحلم دائماً أن يكون عالم آثار. وبعد أن يُطرد من عمله، تقوده الظروف للسفر إلى بيرو، وهناك يكتشف شيئاً عظيماً.
The Pirates! Band of Misfits 2012، بريطانيا قام بإخراج فيلم "عصابة القراصنة التعساء" المصنوع بالتقنية الثلاثية الأبعاد السينمائي بيتر لورد، وهو ذاته الذي أنجز الشريط الفيلمي الكرتوني "هروب الدجاج" لستوديوهات "أردمان"، و"سوني بيكجرز أنيميشن". ورغم أن إيرادته لم تبلغ الميزانية التي خصصت له، لكنه ترشّح لجائزة الأوسكار.
وتعود أحداث الفيلم إلى إنكلترا القرن التاسع عشر، حيث يتمّ في عهد الملكة فكتوريا والأدميرال كوثبيرت كولنغوود إتخاذ قرار التخلص من القراصنة. وينقل الفيلم مغامرات كوميدية ومحاولات مجموعة من القراصنة الإنتصار على منافسيهم من أجل نيل "الجائزة السنوية للقراصنة".
وتتخلل فيلم "عصابة القراصنة التعساء" العديد من المشاهد الغارقة في الكوميديا، وقصة لا تخلو من التشويق والتسلية، إستطاعت أن تدخل قلوب الصغار. وقد كان لأصوات الممثل البريطاني هيو غرانت والنجمة سلمى حايك الدور الكبير في تقريب شخصيات الفيلم الرئيسية إلى المتفرّج.