بتمويل من مؤسسة أجفند والوكالة الألمانية للتعاون الدولي بالتعاون مع إتحاد نساء اليمن ومنظمات المجتمع المدني، أختتمت في عدن الثلاثاء الماضي الدورة التدريبية التكميلية لمقدمي خدمات في وحدات الإستماع على العنف القائم على النوع الإجتماعي، التي عقدت تحت شعار " تمكين النساء للإستفادة من خدمات مؤسسات التمويل الأصغر و دعم النساء ضحايا العنف في اليمن "، وعلى مدى أربعة أيام شاركت فيها 16 محامية وأخصائية إجتماعية من محافظات عدن، تعزوصنعاء من العاملات في منظمات المجتمع المدني ودور الإيواء للنساء. مدربتا الدورة الأستاذة بحرية شميشر والدكتورة ضياء دفر، وفي إختتامها حضرت الأخوات فاطمة المريسي رئيسة إتحاد نساء اليمن فرع عدن، إحسان عبيد رئيسة المؤسسة العربية لمساندة المرأة والحدث في عدن، وإرتزاق جميل عبدالرزاق نائب المدير التنفيذي لمؤسسة الإغاثة الإجتماعية في عدن.
عن محاور الدورة وأهميتها توجهت بأسئلتي لعدد من الأخوات في البدء تحدثت الأستاذة بحرية شمشير منسقة مشروع النوع الاجتماعي ومدربة بالدورة قائلة:" العمل في هذا المشروع بدأ عام 2010م ومن المفترض ينتهي في فبراير 2012م، ولكن لظروف الوضع العام في اليمن لم تكتمل بعض النشاطات وأمتد حتى يوينو 2012م، ويستهدف أربع محافظات صنعاء، عدن، حضرموتوتعز، أنجزنا من المشروع التدريبي "دورة تدريب مدربين "من أفراد الشرطة من النساء والرجال، الذين بدورهم ينقلوا خبراتهم التدريبية لزملائهم، وفق الدليل التدريبي الذي أعده فريق يمني، يقوم على العنف القائم على النوع الإجتماعي، وهدفت الثلاث الدورات على تقوية مهارات مقدمي الخدمات في وحدات الإستماع في إتحاد نساء اليمن ومنظمات المجتمع العاملة مع النساء المعنفات، و من النساء في بيوت الإيواء وسجون النساء أو الخارجات من السجون".
كما أوضحت الأستاذة بحرية:"يهدف المشروع لتقديم خدمات التدريب والتمويل للنساء في بيوت الإيواء أو السجن أو المفرج عنهن، أو المطلقات والأرامل، عبر الإتحاد ومنظمات المجتمع المدني التي تقدم خدمات التدريب، وربطهن بمؤسسات التمويل ويجدون الأمل بتأهيلهن ودمجهن في الحياة الإقتصادية والإجتماعية".
ومن جانبها تحدثت الدكتورة ضياء دفر أخصائية أمراض نفسية وعصبية قائلة:" في ظل الواقع العام الذي نعيشه، وحدات الإستماع للنساء المعنفات في عدد من منظمات المجتمع المدني غير فعالة بالطرق الصحيحة، و الدورة هدفت لتدريب المشاركات، على أساس الطرق العملية الصحيحة لتفعيل تلك الوحدات، بإتباع أسلوب المقابلات وإستقبال الخط الساخن عبر الهاتف لشكاوي المعنفات اللواتي يلجئن لذلك، ومشكلتنا في اليمن لاتوجد توعية لأهمية ودور الخط الساخن، في حل كثير من الصعوبات والمشاكل التي تواجهها المرأة المعنفة، في المجتمع من قبل الأسرة الزوج أو أب وأخ، أو إستخدام السلطة في العمل ضدها، وللأسف لا يوجد توجه من الحكومة بالمساعدة وتقديم الخدمة لهذه الخطوط الساخنة ،ونأمل من وزارة الإتصالات وتقنية المعلومات أن تمنح مجانية الإتصال بالخط الساخن للنساء والأطفال بحكم إن المرأة والطفل جزء لايتجزء من بعض".
وأكدت د. ضياء :" الدورة أستهدفت المشاركات بهدف مساعدة المرأة المعنفة أو الطفل، وهنا لا يمكن إغفال إن العادات والتقاليد تحكم بان المرأة عليها، أن لا تخرج خارج البيت لشرح قضيتها ومعاناتها، أو ذهابها لمستشفى الأمراض النفسية أو دخولها عيادة نفسية، لأن الوصمة الإجتماعية بتكون عليها، رغم حاجتها الماسة للجؤ لهذه الأماكن، فالأهل أيضا يخافوا أن يبادروا، وطرح القضايا التي تعاني منها بناتهن، وعند التواصل عبر الخطوط الهاتفية الساخنة، وجلسات وحدات الإستماع تساعد المرأة في حل مشاكلها وأطفالها ، حيث نهدف لتنمية جيل صحيح ولو بجزء بسيط من تأدية هذه الخدمة في وحدات الإستماع الموجودة في إتحاد نساء اليمن، وبعض منظمات المجتمع المدني في هذا المجال، وبسرية تامة يؤدون دورهم، ومتى أحتاجت المرأة المعنفة للعون القضائي كانوا جنبها ومجاناً تقديم خدمتهم للمعسرات أقتصادياً.
وعن أهمية خدمة الهاتف الساخن أشارت د. ضياء:" من خلاله تستقبل الشكاوي والقضايا، وهي خدمة مريحة ومفيدة للمرأة وهي جالسة في بيتها، تستفيد من الخدمة بكل سهولة ويسر عبر الهاتف، وهناك نساء يحضرن لوحدات الإستماع لوحدهن ويقولن نحن لا نريد أهلنا يعرفوا، خوفا من تعنيفهن أكثر، ومرات تأتي المرأة وأهلها ممن لديهم وعي وتهمهم قضية إبنتهم ".
الأستاذة فاطمة المريسي رئيسة أتحاد نساء اليمن فرع عدن تحدثت قائلة:" الإتحاد شريك في تنفيذ الدورة، في إطار الوحدة التنفيذية مع عدد من منظمات المجتمع المدني، لتقديم خدمة متميزة للنساء المعنفات ذوات الحاجة ومنحها إقراض لبناء مشروع صغير، لتحسين وضعها الإقتصادي، ويحرص الإتحاد وفرعنا في عدن من خلال الخدمة التي يقدمها مركز الإستماع، الذي يتكون من كادر مدرب متأهل في كيفية التعامل مع المرأة المعنفة، التي تأتي لطرح قضيتها وطلب العون،كما نعمل للتواصل مع جهات الإختصاص من شرطة نسائية في السجن أو خارجه، وعبر المنظمات التي تقدم خدمات الرعاية كدار الإغاثة الإجتماعية والخدمة القانونية، وهدفنا الوقوف مع النساء المعنفات في حل قضاياهن، وتقديم لهن الإقراض بعد تدريبهن على حرفة تدر عليهن بالدخل، وتستفيد منه فعلا بحياة معيشية كريمة".
وعن من ينطبق عليها صفة المرأة المعنفة أجابت الأستاذة فاطمة :" هي كل امرأة تأتي الينا شاكية بأنها مطلقة ولا توجد نفقة لأبنائها، أو زوجها توفى، أو مورس عليها عنف من قبل الأسرة والمجتمع ومرات تصلنا معنفات في العمل، وعندما تأتي إلينا طالبة العون، تجلس معها قيادة الإتحاد وتأخذ كل مايدور في نفسها وتفرز مشكلتها، ومن ثم نحيلها إلى مركز الاستماع أو ننزل إلى البيت، ونكون محضر صلح بينها وبين الشاكية منه في أسرتها، سواء كانت متزوجة أو عازبة، حيث يمارس الكثير من العنف على نسائنا من أفراد أسرهن، مثلا يجبرنهن على التسول أو القيام بالأعمال السيئة والإتجاه للطريق الحرام ، ولا تعطي للمرأة كرامتها وعزتها".
وتضيف الأستاذة المريسي قائلة:" مرات تأتي المرأة طالبة الطلاق أو فسخ الزواج، أو عدم رغبتها في إستمرارية الحياة الزوجية نطلب الطرف الأخر ، آو إذا عنفت من أفراد أسرتها ونتحدث معهم ، وإن وجدنا الحلول لتلك المشكلة، وإن لا توجد نحيلها لوحدات الإستماع المؤهلة وممكن إحالتها للفريق القانوني، الذي بدوره يؤدي الخدمة القانونية وفق شكلين منها تقديم القضية للمحكمة، أو الإستماع ومن ثم إيجاد مداخل قانونية لصالح المرأة الضعيفة والمعنفة، وكثير من القضايا حلت بالصلح، أو بتقارب وجهات النظر أو بالتعويضات نعوض طرف عن الأخر".
ونوهت الأستاذة فاطمة المريسي:" في الإتحاد يوجد الخط الهاتفي الساخن يستقبل جميع المكالمات من النساء المعنفات وهن في المنازل أحياناً ، وأعلنا أكثر من مرة عبر وسائل الإعلام بأن المرأة التي لا تستطيع المجيء إلى الإتحاد تتصل بالخط الساخن (252657)، والأخت الموجودة في مركز الإستماع لموضوعها ،وممكن ننزل إلى مقر سكنها، والخط الساخن يستقبل المكالمات من الثامنة صباحاً حتى الثانية ظهراً وأحياناً كثيرة تتناوب في فترة المساء الأخت المكلفة باستقبال المكالمات".
إرتزاق جميل عبدالرزاق نائب المدير التنفيذي لمؤسسة الإغاثة الإجتماعية عن دور المؤسسة مع المرأة المعنفة قالت:" منظمة "جي أي زد" الألمانية تقدم حالياً الإعانة للمؤسسة وتسهم في عمل الدار، كما نشكرها في تأهيل وتدريب طاقمنا العامل في المؤسسة، حيث توجد لدينا سجلات خاصة للنساء ضحايا العنف أو المفرج عنهن، ونجمعها عن المعنفات عن طريق البحث الجنائي، ويتم إستقبالهن ودخولهن للدار وفق أوراق رسمية، وبشرط أساسي أن لا تكون الضحية المعنفة على ذمة قضية، ونقدم لها خدمات التدريب والتأهيل وإعادة إدماجها في المجتمع، وحل قضيتها إن كانت هناك مشكلة مع أهلها".
هدى محسن سيف مسئولة الإستماع في قاعدة البيانات بإتحاد نساء اليمن فرع عدن، عن مشاركتها في الدورة تحدثت :" أستفدت كثيراً منها بالذات في تعريف مصطلحات النوع الاجتماعي، إلى جانب خبرة المدربات والمتدربات في مجال عملهن، أضافت للدورة نكهة خاصة حيث تبادلنا الخبرات، والمادة التدريبية نظريا وعمليا كانت ممتازة في مجال عملنا، بخدمة الإستماع وهي خدمة مهمة جدا يقدمها الاتحاد للمرأة المعنفة، التي تأتي إلى الإتحاد إن كانت تريد استشارة قانونية أو دفاع قانوني أو لطبيب نفساني أو بحاجة لجهات إقراض، أو تقديم خدمة الصلح إن كانت المشكلة في البداية، ونوفر عليها نقل قضيتها للمحكمة ونصلح بينهم ونوثق هذا الصلح في المحكمة".
المساعد أمل سليمان عبدالله من الشرطة النسائية سجن المنصورةعدن، إحدى المشاركات الفاعلات في الدورة، ولارتباط عملها المباشر مع بعض النساء المعنفات أكدت:" نحن نتعامل مع النزيلات من المعنفات أو ذوات القضايا حسب كل واحدة ووضعها، الدورة ممتازة وتساعدنا في التعامل مع النزيلات، اللواتي في الأساس نحن نعتبرهن أخواتنا، وهن أولا ً وأخيراً أمانة لدينا، وأي شخص يطرح نفسه مكانهن سبحان الله ما أحد معصوم من الغلط، ونتعامل معهن بما يرضي الله وواجبنا الإنساني، وهناك قانون طبق العقاب فيها، والنزيلة في السجن تقضي حكمها وسيأتي يوم وتخرج، ونحن نمنحهن فرصة مواصلة الدراسة لمن ترغب بذلك، بالإضافة إلى عدد من المهارات لإدماجهن في المجتمع بعد خروجهن من السجن".
تغريد عبدالودود نعمان مسئولة العلاقات الخارجية في جمعية العيدروس- عدن قالت:" أكتسبت مهارات كثيرة من الدورة وكيفية معاملة المعنفات ودراسة حالتهن، وطريقة المقابلة والعمل الجماعي، والمشاركة بدراسة حالة المرأة المعنفة نعرف إلى أي جهة نحيلها، و جمعية العيدروس تقدم قروض بيضاء للمعنفات لتحسين معيشتهن وتلبية متطلبات حياتهن بطريقة شريفة وكريمة".
أريج عبدالحكيم الكٌلي مشاركة في الدورة عن المؤسسة العربية لمساندة قضايا المرأة والحدث:" الدورة كانت متميزة جداً، والشكر للطاقم والمدربتان على المجهود الذي بذلوه لتنفيذ برنامج الدورة، ونحن في المؤسسة نستقبل حالات النساء المعنفات، وللأسف لا يوجد لدينا خط ساخن كون الدائرة القانونية في طور الإنشاء، وهناك الكثير من القضايا التي وصلتنا، وأحلناها لإتحاد نساء اليمن أو لقانونيات".
في الختام أقول كم امرأة معنفة صابرة لأجل أولادها، أو خوفاً من الوصمة الإجتماعية، ولا ننسى هناك رجال أيضاً معنفين كثيراً وفي مجال عملهم، ولكن كبريائهم لا يسمح بإعلان ذلك، والمطالبة بحقوقهم وبعضهم يلجئوا لأخذ حقهم بالصميل أو الحديد والنار، والدافع الرئيسي لممارسة للعنف ضد المرأة أو الرجل الحالة الإقتصادية والإجتماعية الصعبة والسيئة التي وصلت لها اليمن مع كل أسف.