أحيا اليمنيون مساء اليوم الثلاثاء الذكرى الثالثة للثورة الشبابية الشعبية السلمية التي اندلعت في 11 فبراير/شباط 2011، بينما دعت اللجنة التنظيمية للثورة لاعتبار يوم 11 فبراير يوما وطنيا. وشهد ميدان الستين بالعاصمة صنعاء احتفالا شعبيا، شارك به مئات الآلاف من شباب الثورة وأنصارها، وجدد الثوار خلالها الوفاء لدماء الشهداء، وطالبوا بإطلاق معتقلي شباب الثورة، وحددوا الجمعة المقبل يوما للاحتشاد لإطلاقهم. وأكدت اللجنة التنظيمية للثورة "استمرار العمل الثوري حتى تحقيق كامل أهداف الثورة المباركة، بما فيها محاكمة القتلة وإقالة الفاسدين من مناصبهم واسترداد الأموال المنهوبة وتحقيق الدولة المدنية". تحديات ويرى مراقبون سياسيون أن تحديات كبيرة تواجه عملية التغيير في اليمن بعد ثلاثة أعوام على الثورة التي تسببت بالإطاحة بحكم الرئيس علي عبد الله صالح، الذي دام 33 عاما. اليمنيون احتشدوا في صنعاء بعشرات الآلاف للاحتفاء بالذكرى الثالثة لثورة 11 فبراير(الجزيرة) وثمة تحديات أمام الثورة اليمنية تحول دون استكمالها لكامل استحقاقاتها، أبرزها، حسب المحلل السياسي ياسين التميمي، "التحالف التكتيكي الذي تشكّل بين جماعة الحوثي وبقايا النظام السابق، تحت شعار مراوغ هو إسقاط الحكومة الفاسدة". ورأى التميمي في حديث للجزيرة نت أن "حلف الحوثي- صالح" إن استمر في النشاط خارج منطق التسوية والإجماع الوطني فإنه سيفتح المجال لصراع طويل الأمد على أساس جهوي ومذهبي، سيعبر عن ضيق أفق بعض النخبة السياسية في صنعاء، التي ضاقت ذرعا بوجود رئيس من خارج الدائرة الجهوية الضيقة لشمال الشمال". واعتبر التميمي أن "هذا الصراع يفسر محاولة النظام القديم أكل الثوم بفم الحوثيين من خلال تشجيعهم على الخروج عن نتائج الحوار الوطني، والإمعان في مخطط إعادة إنتاج الدولة وفق نظرية الإمامة والحق في الحكم الإلهي، والتماهي مع المشروع الإقليمي الهادف لإسقاط حكومات ثورات الربيع العربي".
قاطرة التغيير ويعتقد مراقبون أن ثمة إخفاقات مرّت بها الثورة باليمن، معظمها يعود إلى طبيعة التسوية السياسية المرتكزة على المبادرة الخليجية، التي مكنت أطرافا من النظام السابق في الاستمرار بالتحكم بمقاليد الأمور. ويرى الكثير من اليمنيين أن بقاء بعض رموز النظام السابق بالسلطة مكنهم من استخدام ما لديهم من إمكانيات لإفشال حكومة الوفاق وإحداث الأزمات في البلاد، وعدم تمكينها بالإيفاء بالتزاماتها تجاه الثوار خصوصا المعتقلين الذين لا يزالون يقبعون في السجون حتى اليوم. غير أن التميمي يؤكد أن "من أهم نجاحات الثورة اليمنية أنها قادت قاطرة التغيير في البلاد، وبفعلها أسقط نظام صالح الدكتاتوري، ودفنت إلى الأبد مشاريع التوريث والتأبيد في زمن الجمهوريات، وأطلقت مناخا غير مسبوق من الحريات، وفتحت المجال لشراكة وطنية لم تتحقق من قبل، من خلال مؤتمر الحوار الوطني". ياسين التميمي: الثورة دفنت مشاريع التوريث (الجزيرة) رفض العنف إلى ذلك يرى القيادي بالثورة اليمنية السلمية فؤاد الحميري أن الثورة على النظام السابق كانت ضرورة، وقد أنجزت مرحلتها الأولى بإسقاط صالح وإنهاء مشروع توريث الحكم باليمن. وأكد الحميري في حديث للجزيرة نت أن الثورة مستمرة، حتى تحقيق كامل الأهداف، وهي الضامن لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وبناء اليمن الجديد والدولة المدنية. وبشأن الثورة المضادة التي يقودها أنصار النظام السابق مع قوى وجماعات رافضة لمسيرة التغيير في البلاد، والطامعة في الانقضاض على الحكم، قال الحميري إن الثورة المضادة بدأت منذ انطلاق ثورة 11 فبراير/شباط 2011، وتمثلت في أعمال التخريب والتفجيرات والاغتيالات، ومحاولة جر البلاد إلى الحرب الأهلية. واعتبر أن قوى الثورة المضادة ترمي هذه الأيام بآخر أوراقها المحترقة، وأضاف الحميري أن "ثمة من يفكر للوصول إلى السلطة عبر بوابة العنف، ونحن نقول لكل حركات وجماعات العنف لن تمروا" هذا بينما كانت المنسقية العليا للثورة اليمنية قد دعت الشعب إلى "الحفاظ على ديمومة التغيير، وصد كل المؤامرات التي تسعى إلى تقويض السلم الاجتماعي وزرع الإرباك وبث روح الإحباط واليأس في صفوف الشباب". وقالت المنسقية إن "شباب الثورة أكبر من أن ينجروا وراء الدعوات المشبوهة التي يراد لها عبثا أن تقود الوطن إلى الفوضى، وتعرقل مسيرة التغيير، لأن من يريد الإضرار بالوطن إنما يخدم المشاريع الواهمة الحالمة بالعودة إلى مربع العنف والصراع".