شهر كريم مبارك اصطفاه الله وانتقاه من بين 12 شهرا ليكون ضيفا عزيزا كريما على الأمة العربية والإسلامية تتغير فيه مجرى الحياة الطبيعية لدى المسلمين من واقعها الذي تعيشه إلى واقع آخر يختلف عن سابقه اختلافا كاملا فما كان حلال في نهار شعبان من أكل وشرب وجماع وغيره يصبح حراما فيه انه شهر رمضان المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد فيه الشياطين وينادي فيه مناد يا باغي الخير ابشر ويا باغي الشر اقصر ويضاعف الله فيه الحسنات فالحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة والنافلة فيه بفريضة والفريضة بسبعين فريضة من صامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وجعل الله في قلبه نورا وفي سمعه نورا وفي بصره نورا وفي صدره نورا فلرمضان عند المسلمين مكانة عالية ومنزلة عظيمة منذو القدم فقد كانوا يستقبلونه فرحين به قبل مجيئه بأسابيع ويودعونه أسابيع ويتمنون أن تكون السنة كلها رمضان فهو شهر التلاوة والتسبيح والذكر والقيام وصلاة التراويح وهو شهر الصدقة والمواساة والعطف والحنان والرحمة ومواساة الفقراء والمساكين وصلة الأرحام قال تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) وهو شهرا فيه ليلة القدر خير من ألف شهر فمن حرم خيرها فقد حرم ومن وفقه الله لقيام ليلتها فكأنما عَبَدَ الله 83 عاما فل يتحراها كل مسلم طيلة الشهر وليكن مستعدا لها بالدعاء والتسبيح وليكثر من قوله (اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّا) والله تعالى يقول (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ) ويراد بها ليلة القدر فالصيام افترضه الله على الأمم السابقة من قبلنا منذو بداية ميلاد عهد البشرية قال تعالى (ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) والصيام ركن من أركان الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم ( عُرَى الْإِسْلَامِ وَقَوَاعِدُ الدِّينِ ثَلَاثَةٌ عَلَيْهِنَّ أُسِّسَ الْإِسْلَامُ ، مَنْ تَرَكَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً ، فَهُوَ بِهَا كَافِرٌ حَلَالُ الدَّمِ : شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ ، وَصَوْمُ رَمَضَان) والصيام ليس مقصورا على الامتناع عن الطعام والشراب والجماع وإنما المفطرات الحسية التي ذكرناها انفا والمعنوية وهي الكذب وقول الزور والغيبة والنميمة وفحش القول والصخب وظلم الآخرين وإيذائهم وإلحاق الضرر بهم قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) ويقول (الصِّيامُ جُنَّةٌ فإِذا كان يومُ صومِ أحدِكم فَلاَ يرفُثْ ولا يصْخَبْ فإِنْ سابَّهُ أَحدٌ أو قَاتله فَليقُلْ إِني صائِمٌ، والَّذِي نَفْسُ محمدٍ بِيَدهِ لخَلُوفُ فمِ الصَّائم أطيبُ عند الله مِن ريح المسك، لِلصائمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهما إِذَا أفْطَرَ فرحَ بِفطْرهِ، وإِذَا لَقِي ربَّه فرح بصومِه) فالصيام يورث في الإنسان ملكة التقوى التي تجعله خائفا من الله على الدوام وإذا وُجِد الخوف من الله عند الإنسان فلن يرتكب معصية ولن يقترف ذنبا فقد عرّف الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه التقوى بأنها الخوف من الجليل والعمل بالتنويل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل وكان رسول الله أجود ما يكون في رمضان فهو العابد المتمسك والباذل بسخاء والداعية الموجه والمجاهد الفاتح والتالي للقران المعتكف بالمسجد والرسول المعلم والمشرع وكم نحن بحاجة إلى الاقتداء به والتأسي بأفعاله وسلوكه استنادا لقوله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) وإذا كانت شياطين الجن تُصفد في رمضان فنتمنى أن يتوب العصاة والمذنبون إلى الله وكذا شياطين الإنس من كل ما احدثوه من الفتن وإثارة الفوضى بين الناس والتي أدت وتؤدي إلى نشوب مشاكل وأحداث واقتتال بين أبناء البلد الواحد والدولة الواحدة لأسباب طائفية أو حزبية وذلك ما لايجوّزه شرع ولا دين فالمسلمان إذا اقتتلا بسلاحيهما فالقاتل والمقتول في النار فنسأل الله أن يصلح حال الأمة ويوحد بين أفرادها ويصلح ذات البين انه القادر على ذلك وهو حسبنا ونعم الوكيل .