في تكلمة للجزء الثالث عن توضيح بعض النقاط المحوريه والهامه عن استراتيجية ايران والقوميه الفارسيه في المنطقة سابداء المقال بمقوله لأحد اعلام ايران الفارسيه.... (إن الشعور السائد لدى جميع الحكومات الفارسيه المتعاقبة أن الخليج العربي الفارسي بداية شط العرب الى مسقط بجميع جزائره وموانئه بدون استثناء ينتهي الى فارس بدليل انه خليج فارسي وليس عربيا ..) صاحب هذه المقوله هو حنلجي ميرزا رئيس الوزرا الايراني في عام 1822م. نرى من خلال هذه العبارة البسيطه اشارة واضحه لمعنى حضور الاطماع الفارسيه في المنطقه . ولو ركزنا على تاريخها أي قبل 157 سنة من قيام ما يمسى بثورة الخميني نستطيع ببساطه معرفة مدى قدم الكينونه العقديه وتواجدها قبل اندلاع ثورة الخميني واستمرارها حتى الان ..... وتعمدت البدء بتلك المقوله لان الكثيريين ينخدعون بمحاولات الاعلام الإيراني بوضع دعايا براقه مثل القضيه الفسطينيه ومناصرتها حتى تخفي كثير من تفاصيل وملامح القبيحه لتلك الكيونونة العقديه والتي جعلت واتخذت من الاسلام المشوه برواز تحيط به واقع العقيده الفارسيه وتخفي حقدها عن الانظار الذي جعل من قضية التشيع لباسا لها ومدخلا لكثير من قضايا المنطقة . وما قضية تبنيها الانتصار للشيعة حول العالم لبسط نفوذها الفكري والعقائدي والسياسي في المنطقه سوى ستار شفاف لكن يظل الامر خافيا على اخواننا الشيعه العرب وما اهمية المحفز الفارسي الذي يعتبر ركن من اركان السياسية الايرانيه ضد العرب حتى وان كانوا من عرب الشيعه . فحرص ايران الفارسيه وصراعها المستميت على نقل المرجعيه الشيعيه من النجف الى قم في بلاد فارس كشف عن اسرار وخفايا القوميه الفارسيه وحنقها على العرب وشعوبهم بمختلف مذهب سنة او شيعه وكم هي كثيرة قصص اغتيال عدد من علماء الشيعه العرب المعارضين لمشروع نقل المرجعيه الشيعيه لقم . قد يتسأل البعض عن سر انجذاب الشيعه وولائهم لإيران ؟ الامر ليس بعسير على الفهم فالعالم الاسلامي بالتقسيم المذهبي يتكون من حوالي 11% من الشيعه و88% هم اهل السنه والنسبه الضئيله الباقيه ترجع للمذاهب الاخرى . من هذا المنطق في التقسيم المذهبي للعالم الاسلامي يظل امر بقاء الشيعه كاقليه في العالم الاسلامي ومستضعفه القوه حتى قيام ثورة الخميني 1979م واصبح هذا التاريخ بمثابة فاصل زمني بين حقبتين تاريختيين . الحقبه الاولى حملت علامات الضعف والوهن للطائفه الشيعيه ..والحقبه الثانيه هو بعد اندلاع ثورة الخميني التي شكلت نقطة تحول كبيرة للانتصار لتلك الطائفة وحملت معها قضية التمدد وتصدير الثورة وهذا ما جعل كثير من ابناء المذهب الشيعي في دول الخليج تحت مظلة ايران بإعتبارها المنقذ والمنتصر للمذهب . وكنتيجة لإسقاط حكم الشاه وتربع الثوره الشيعيه في ايران وصل أصداء هذا الزلزال المذهبي الى دول الخليج والعراق . فالبرغم من قصر المسار الزمني لاندلاع ثورة الخميني وحدوث اصداء هذا الزلزال لدى دول الجوار نرى ان عملية الاحتشاد والتعبئة العقديه التي قامت بها مراكز القوة في طهران وارسالها الى الخارج تمكنت من احداث قلاقل في معظم دول الخليج العربي وهذا الامر يجبر خصوم ايران ويقودهم الى الاعتراف بالقدرة والسرعه في عملية التعبئه السياسية المذهبيه وتنظيمها في وقت زمني قصير جدا من اجل مشروع وتصدير ثورة الخميني للجوار في معادلة لتصفية الحسابات الفرس القديمة ضد العرب . فقد قال يوري لوبراني سفير اسرائيل في طهران ابان حكم الشاه بعد هروبه من ايران في 79م (ان العالم قد دخل مرحلة جديده) . هذه العباره خطيره جدا حيث تجاهل السفير الاسرائلي حرب 73م والتي قامت ضد اسرائيل مباشرة ولم تكن عمليا سوى مرحله جديده لاستكمال مشروع خنوع عربي ولم ترقى الى ان تكون مساويه ل 79م كمرحله جديده في العالم وهذا يوضح لنا كثير من معالم وخيوط المشروع الجديد في المنطقة والتأمر ضده وهذا ما حدث عمليا على الارض من ادخال منطقة الخليج في ازمات متعاقبه .. حرب صدام حسين مع ايران ذو الثماني سنوات التي وضعت النقاط على الحروف واندلعت تلك الحرب بإيعاز اسرائلي – امريكي لإدخال المنطقة في دوامة الصراعات السياسيه المذهبيه وتنشيط مبيعات السلاح في المنطقة وهذا ما تم بالفعل فزادت مبيعات السلاح الغربي وتم نسيان كثير من الملفات السياسية مثل القضية الفلسطينيه والتنميه البشريه ونزيف المال العربي الاسلامي مقابل الصرف على الة الحرب في المنطقه وخلق حالة من التشتت لدى الراي العام نحو تلك الحرب . بالرغم من الانتصار النسبي للعراق على ايران في تلك الحرب الى ان المخطط الغربي من خلال تلك الحرب نجح على المدى البعيد في تعزيز البناء المذهبي الشيعي داخل ايران ضد دول المنطقه كونها ساندت صدام حسين. ومن خلال ذلك وجد كثير من الايرانيين ضالتهم في القومية الفارسيه الشيعيه ماده دسمه و خندق يتم التمترس فيه لتهديد دول الجوار والعالم الاسلامي . طبعا اسرائيل ومن خلفها الداعم الامريكي جعلت من التهديد الايراني ميزان للتحكم بدول الخليج وبعض الدول العربيه وذلك من اجل السيطره على مقدرات العالم الاسلامي كون ان الاحتياطي النفطي يوجد في منطقة الخليج ولذا نجد ان عملية صناعة الازمات التي تقوم بها امريكا واسرائيل في المنطقة ليست الا ليظل العالم العربي والاسلامي ممزقا ويسهل السيطره والتحكم بثرواته وضمان عدم الاستفاده منه . كثير من الأخطاء السياسية التي وقعت فيها دول الخليج في اللحاق بالسياسية الامريكيه جعلت دول وشعوب المنطقه في مرمى تهديد حقيقي فبعد مساعدة امريكا في اسقاط نظام صدام حسين وتقديم الدعم اللوجستي لتلك العملية في 2003م تحت مبررات واهيه ادخل المنطقة في حسابات معقده تهدد الكيان الخليجي بصبغته العربيه السنيه .فنجد ان دول الخليج فقدت حليفاً استراتيجيا لها ولم تنجح في اعادة كسب العراق بعد حرب 90م وهذه كانت رغبه امريكيه في اخراج عاصمة الرشيد من لعب دور الحمايه لدول الجوار . فحولت امريكا ذلك الحليف القديم الى دولة جنبا الى جنب مع ايران ضد دول الخليج وبذلك يظل مشروع التهديد قائم برعاية امريكيه اسرائيليه خصوصا في ظل عدم القدرة على الدفاع الذاتي لدول الخليج ضد القوة الايرانيه وتغلغلها في المجتمعات الخليجيه في شبكات سريه لا يكشف الا عن اليسير منها . مهما حاول المتفائلون بالركون الى الحمايه الامريكيه فتظل باهضة الثمن و التكلفه وذو توقيت محدد يرتبط وجودها وزوالها بالمصالح الامريكيه في المنطقة . لكن في ظل استمرار تلقي رسائل التهديد اليومي من قبل ايران والتي نجدها على الارض من تدخلات سافرة في اكثر من دولة عربيه ... تظل تلك الرسائل اللانهائيه تحيط بنا من كل جانب في حملات مستمرة وتسويق امريكي اسرائلي لها وشغف ايراني تبقى شعوب المنطقة ودولهم ضحيه المصالح والاطماع والتلاعب بمصالحهم الاستراتيجيه في ظل حالة لتبلد السياسي لبعض دول الخليج و استمرار البلطجه الايرانيه احيانا والخداع احيانا اخرى . لكن يظل التساؤل للكثيرين عن ما هو السبيل للحد من الخطر الايراني في ظل الاساليب الجديده التي تستخدمها ايران والمناورات التي مكنت ايران من احراز كثير من النقاط السياسية في المنطقة لصالح مشروعها التوسعي . وهذا ما سيتم نقاشه في المقال القادم .