عندما كان محافظ حضرموت اللواء أحمد بن بريك يلقي كلمته أمام مؤتمر حضرموت الجامع في 24 أبريل، وقف شخص من وسط القاعة المكتظة بأكثر من ألفيّ مشارك وصرخ بصوت عالٍ: الوادي يا محافظ .. الوادي" ثم تعالت أصوات كثيرة بذات النداء، لِيَرد بن بريك: الوادي جايي .. جايي (قادم)". كان واضحاً من خلال طريقة رد اللواء بن بريك وجود ما يستدعي البحث في ما وراء بعض العبارات التي وردت في كلمة المحافظ المثير للجدل يومذاك والتي استمرت 62 دقيقة ... إذ كان يتطرق الى "الوادي" باقتضاب وغموض.. الى أن تجلى التباين بشكل علني عندما اتخذت مرجعية قبائل وادي حضرموت، موقفاً معارضاً للمحافظ بن بريك الذي انضم للمجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي.
حضرموت التي تبلغ مساحتها ثلث مساحة اليمن تنقسم الى قسمين: حضرموت الساحل وحضرموت الوادي والصحراء. ولكل منهما مكتب تنفيذي ومؤسسات مستقلة ومنطقة عسكرية في كل منهما.
وقالت مصادر بالسلطة المحلية وأعضاء بالمؤتمر الجامع في حضرموت إن هناك خلافا متصاعداً بين المحافظ وبين الوكيل لشؤون الوادي والصحراء، بالإضافة الى تنامي شعور بالتمييز لدى أبناء الوادي والصحراء لعد أسباب من بينها رؤية المحافظ ومواقفه من بعض القضايا التي تتعلق الوادي. بحسب المصادر.
ومنذ تولى منصب المحافظ عقب تحرير المكلا قبل نحو عام، لم يزُر بن بريك وادي حضرموت سوى زيارة سريعة لمدينة سيئون استمرت ساعات قليلة.
وقال مصدر سياسي رفيع بحضرموت إن الوادي لا يخضع فعلياً لسلطة بن بريك بالشكل الطبيعي منذ توليه.
وأضاف: نفوذ الإمارات ينحصر في المكلا وما حولها، وقوات النخبة التي تشرف عليها الامارات ينتمي أفرادها للساحل، بينما تربط وادي حضرموت بالسعودية أواصر قوية، بحسب قوله.
وأثار الموقف المؤيد للمجلس الجنوبي من قَبَل محافظ حضرموت الذي طالب من خلال مؤتمر حضرموت الجامع بدولة اتحادية بحيث تكون حضرموت اقليما مستقلا، جدلاً واسعاً، وفتح الباب واسعاً أمام تساؤلات حول ما الذي يريده المحافظ بالتحديد، خصوصاً وأنه أصدر بيانَيْن عقب تأييده للمجلس الانتقالي الجنوبي.
وأعلن بن بريك في بيانه الأول عقب اعلان المجلس الجنوبي بساعات أنه يؤيد المجلس وأن ذلك لا يتعارض مع الشرعية والتحالف العربي، لكنه في البيان الثاني بعد يومين طالب بحلٍ من اقليمين شمالي وجنوبي على أن تكون حضرموت اقليما مستقلا داخل الإقليمي الجنوبي نفسه.
وتأتي مواقف بن بريك بعد أيام من تواجده بالإمارات، ويعزو مراقبون تباين مواقفه وغموض بعضها بشأن المجلس الجنوبي ووضع حضرموت الى ضغوط لها ارتباط بتحالفات الرجل الداخلية والإقليمية.
وكان بريك أورد في كلمته بمؤتمر حضرموت الجامع 24 ابريل: سنعلن إقليم حضرموت بعد عشرة أيام ونريد من الرئيس أن يصدر قراراً بذلك" مضيفاً: القرار قرارنا.
ويبدو واضحاً أن تأييد بن بريك لاعلان المجلس الانتقالي الذي كان مفاجئا كرد فعل لقرار الرئيس هادي بإقالة محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي قد أربك مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع والهادفة الى ترتيب وضع حضرموت كحالة استثنائية وخاصة بعيدا عن بقية المحافظات سواء الجنوبية أو اليمن عموماً.
وفي ظل المداولات التي تجري في العاصمة السعودية عقب استدعاء عيدروس الزبيدي ونائبه السلَفي المقرب من الإمارات هاني بريك لاحتواء تبعات اعلان المجلس الجنوبي لا يُعرف ما الذي سيفكر فيه المحافظ بن بريك، خصوصاً أن بعض المراقبين فسر بيانه الثاني بأنه خطوة تراجع أولية ستعقبها خطوات.
لكن المؤكد حتى الآن هو "تعثّر مشروع المحافظ بن بريك"، الذي بدا قوياً ومتحمساً عندما كان يشرح ملامح خارطة طريق حضرموت خلال مؤتمر حضرموت الجامع.