تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية صباح اليوم    الحوثيون يفرضوا ضرائب باهظة على مصانع المياه للحد من منافستها للمصانع التابعة لقياداتها    تعرضت لضربة سابقة.. هجوم ثانٍ على سفينة في البحر الأحمر وتسرب المياه إلى داخلها    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    تهامة: مائة عام من الظلم وحلم الاستقلال المنتظر    شباب الغضب بوادي وصحراء حضرموت يؤيدون مخرجات اجتماع المجلس الانتقالي    وهن "المجلس" هو المعضلة    الإخواني أمجد خالد وعصابته.. 7 عمليات إرهابية تقود إلى الإعدام    سفير مصري: حزب الله يستعد للحرب الشاملة مع إسرائيل هذه الأيام    جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    قوات الأمن تداهم حي الطويلة في عدن وسط إطلاق نار كثيف    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي ماهر وأسرته تعتبره حكماً سياسياً    "الوجوه تآكلت والأطفال بلا رؤوس": الصحافة الامريكية تسلط الضوء على صرخات رفح المدوية    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    الرئيس الزُبيدي : المجلس الانتقالي لن ينتظر إلى مالانهاية تجاه فشل الحكومة واستمرار تدهور الأوضاع المعيشية    الزُبيدي يؤكد على أهمية المخيمات الصيفية لخلق جيل مناهض للفكر الحوثي    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    برشلونة تودع تشافي: أسطورةٌ تبحث عن تحديات جديدة وآفاقٍ أوسع    العكفة.. زنوج المنزل    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطفال تعز في مرمى نيران المليشيا
تحالف حقوقي يرصد مقتل وإصابة أكثر من ألفي طفل برصاص الانقلابيين في المدينة خلال خمسة أشهر..
نشر في أخبار اليوم يوم 21 - 11 - 2017

لم يكن يعلم الأطفال "عمرو" و"عمار" و"محمد" و"أحمد" و"عمار أحمد" أن يوم الثاني من نوفمبر الجاري سيكون آخر أيام حياتهم الدنيا، وأن عزرائيل ظل يترصدهم، بعد تجاوزهم بسلام ظهيرة ذات اليوم خطر قناصة الحوثي وصالح على طول الطريق المؤدية إلى مدرستهم التي تبعد عن قريتهم بنحو (500 متر) تقريباً.
خمسة ساعات فقط من عمر الأطفال الخمسة، بعد نجاتهم من موت محقق كاد يتخطفهم، وحملت الأنباء لأسرهم فاجعة وفاتهم التي ألقت بظلالها على قرية "عنصوة"- شمال غرب مدينة تعز- في مجزرة مروعة ارتكبتها المليشيا بحق الأطفال.. ودعت أسر الأطفال كما هي القرية، التي تتعرض لحصار المليشيا الانقلابية لأكثر من عامين، الضحايا بوجع وغصة بالغين.
قبل غروب شمس ذات اليوم في تمام الساعة 5:30 مساء سقطت قذيفة مدفعية أمام منزل المواطن أحمد محمد إبراهيم ثم تبعتها قذيفة ثانية على بعد عشرة أمتار من سقوط القذيفة الأولى كمن يبحث عن هدف عسكري استراتيجي لا يجد بدا من استهدافه مهما كانت الخسائر.
لكن الهدف هذه المرة كان سبعة أطفال اسندوا ظهورهم إلى خزان ماء يقع بالجوار ليلتقطوا بعض أنفاسهم قبل أن يعاودوا اللعب بكتلة أسفنج مستديرة ملفوفة بخرقة قماش كبديل إجباري عن الكرة الحقيقة التي ما عاد لها مكان في قاموسهم بسبب الحرب التي صادرت حقهم حتى في اللعب بأماكن أمنة.
وقبل انطلاق صفارة بدء الشوط الثاني من المباراة سقطت قذيفة الموت بين اللاعبين بدلاً عن "الكرة القماشية"، وتوزعت شظاياها على أجسادهم النحيلة التي تناثرت أشلائها في كل أنحاء الملعب الضيق بضيق صدور قتلة لاعبه الأطفال الذين لا ذنب لهم سوى إصرارهم على ممارسة جزء يسير من حقهم المسلوب وأن يعيشوا ولو بضع طفولة مصطنعة.
يوم حزين
ضحايا قرية عنصوة كغيرهم من أطفال مدينة تعز، وسط اليمن، لقوا بقصف قذائف "الهاون" و"الهاوزر" ورصاصات مليشيا الحوثي وصالح، التي حصدت أكثر من 2000 طفل وطفلة في تعز خلال عامين ونصف، وفقاً لإحصاءات منظمات حقوقية.
ويحل اليوم العالمي لحقوق الطفل، والذي يصادف ال20 من نوفمبر، للسنة الثالثة على التوالي، وأطفال تعز، كغيرهم من أطفال اليمن يتجرعون مرارة الحرب الدائرة، فهم إما ضحايا للقصف الجوي والأرضي والأوبئة الفتاكة أو محاصرون بالجوع والتشرد والنزوح والحرمان.
ودشن ناشطون وحقوقيون يمنيون على شبكات التواصل الاجتماعي، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الطفل، والذي يصادف اليوم الإثنين، حملة إلكترونية على شبكات التواصل الاجتماعي على الوسم "#الأطفال_هم_الحياة"، مطالبين جميع الأطراف في البلاد بوقف العنف ضد الأطفال وحماية حقوقهم.
أرقام وإحصاءات
وفي أحدث تقرير له، أكد التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، سقوط 300 قتيل و1804 جريح من الأطفال في محافظة تعز جراء القصف المدفعي المتواصل على أحياء المدينة من قبل مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية خلال الفترة من 11 إبريل 2015م وحتى 18 سبتمبر 2017م".
وأوضح التحالف في تقرير له بعنوان"أطفال اليمن في مرمى النيران"، بأن (48) طفلا وطفلة قتلوا، فيما أصيب (193) آخرين منذ مطلع العام الجاري 2017م نتيجة قذائف "الهاون" و"الهاوزر" المتساقطة فوق أحياء وشوارع مدينة تعز المكتظة بالسكان المدنيين والخالية من أي أهداف عسكرية والتي كان أخرها واقعة قصف قرية "عنصوة" والتي أسفرت عن مقتل 5 أطفال وإصابة 2 آخرين.
وأشار التقرير- حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه- إلى جرائم القتل التي ترتكبها مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية بحق أطفال تعز خلال العام 2017 في مختلف قرى وأحياء مدينة تعز المكتظة بالسكان. لافتاً إلى أن المليشيا استخدمت في قصفها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة.
وذكر التقرير أن قرية "عنصوة" تتعرض لحصار مسلحي مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية لأكثر من عامين. حيث يتمركزون في الجبال والتباب المطلة على القرية من ثلاثة اتجاهات هي (جبل القارع والزبية والمدرجات). إضافة إلى المواقع العسكرية الأخرى التي تطل على القرية ومنها (شارع الخمسين وجبل وعش وحوش الشيباني خلف الجوية).
وأشار إلى أن سكان القرية يعيشون حتى اللحظة تحت تهديد قذائف مدفعية الحوثي وصالح المتمركزة في التباب والجبال المحيطة. فضلا عن القناصة الذين يستهدفون كل من يحاول الدخول أو الخروج من القرية دون المرور عبر المداخل الآمنة.
التزام قانوني
ودعا تحالف رصد مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، وقف كل الأعمال العدائية التي ترتكبها بحق السكان المدنيين عموما والأطفال على وجه الخصوص في تعز وكل مناطق النزاع المسلح في اليمن، والالتزام بتطبيق نص المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع.
وشدد التقرير على إعمال أحكام البروتوكول الثاني لعام 1977م والخاص بالنزاعات المسلحة غير الدولية، باعتبار ذلك هو الضمان الوحيد لحماية المدنيين ككل والأطفال كجزء من ويلات الحرب وأثاره وعواقبه.
كما دعا اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان إلى فتح تحقيق عاجل وشفاف في واقعة قصف قرية عنصوة بمدينة تعز تمهيدا لإحالة مرتكبيها للعدالة.
وطالب "تحالف رصد" المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية العاملة على الساحة اليمنية تكثيف جهودها للضغط على مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، بوقف كل أعمال القصف والقنص بحق أطفال اليمن.
اعتبر العقيد الركن وليد الشرعبي والخبير العسكري أن ما قامت به جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق مساء الخميس الموافق 2 نوفمبر 2017م من قصف بمدفع 160 ملي هاون على حي عنصوة السكني شمال غرب مدينة تعز وما أسفر عنه من سقوط ضحايا أبرياء جميعهم أطفال يعد جريمة حرب مكتملة الأركان.
جردة جرائم
وللتذكير بجرائم القتل المرتكبة بحق أطفال تعز خلال العام يسرد التقرير بعض تلك الوقائع بداء من واقعة قصف حي المسبح وسط مدينة تعز في 26 إبريل 2017م، حيث سقطت قذيفة هاون عند الساعة 1:30 من مساء الأربعاء على أحد المنازل وتسببت بقتل طفل وإصابة 3 أطفال آخرين تتراوح أعمارهم بين (5-16) سنة.
وفي مساء الأحد 21 مايو 2017م قتل طفلين وأصيب 4 أطفال آخرين في وقائع قصف بمدافع الهاون من مواقع تمركز مسلحي الحوثي والرئيس السابق شرق مدينة تعز استهدفت باص أجرة بمنطقة الحميراء ومنازل مواطنين في منطقتي ثعبات والجحملية.
في تمام الساعة 5:00 من مساء الخميس 25 مايو 2017 م سقطت قذيفة هاون أطلقها مسلحو الحوثي وصالح المتمركزين في تبة السلال شرق مدينة تعز بجوار منزل المواطن صاح عبدالله العيني بحي الجامعة منطقة حبيل الظبي- مما أسفر عن مقتل 3 أطفال وإصابة 9 آخرين تتراوح أعمارهم بين (5-10) كانوا يلعبون مكان سقوط القذيفة.
وفي تمام الساعة 11:20 من مساء الاثنين 29 مايو 2017م سقطت قذيفتين هاون أطلقتهما قوات الحوثي والرئيس السابق على تجمع لأطفال كانوا يلعبون جوار نادي الصحة بالحي الجمهوري شرق مدينة تعز مما أسفر عن إصابة 10 أطفال تتراوح أعمارهم بين (7-14) سنة بجروح بالغة نقلوا على إثرها إلى مستشفيات "الجمهوري، الثورة، الصفوة".
في اليوم ذاته وتحديداً الساعة 10:00 مساء قتل طفل وأصيب 5 أطفال آخرين جراء سقوط قذيفة هاون على حي سكني لشريحة المهمشين بمنطقة البعرارة غرب مدينة تعز، حيث تتراوح أعمار الضحايا بين (7-12) سنة.
وفي الساعة 5:30 من مساء الأحد الموافق 8 أغسطس 2017م قتلتا الطفلتين "زهيرة المليكي"- (16 عاماً)- و"هناء جسار" التي تصغرها بعام، إثر سقوط قذيفة هاون على حي سكني بمنطقة عصيفرة شمال مدينة تعز.
وفي الساعة 4:30 مساء الخميس الموافق 14 سبتمبر 2017 م سقطت قذيفة هاوزر على تجمع للأطفال كانوا يلعبون الكرة في حي شعب الدباء شرق مدينة تعز مما أسفر عن مقتل 3 منهم وإصابة 4 آخرين تتراوح أعمارهم بين (8-16) سنة.
لم تمر ساعة على تلك الواقعة حتى سقطت قذيفة هاوزر ثانية على تجمع أخر للأطفال كانوا يلعبون أيضا أمام منازلهم في حي سوق الصميل ما أدى إلى مقتل أحدهم وإصابة 4 آخرين، لا تتجاوز أعمارهم 12 عاما، بجروح بليغة نقلوا على إثرها إلى مستشفيات "البريهي، الصفوة، الثورة".
وفي تمام الساعة 5:30 من مساء الاثنين الموافق 18 سبتمبر 2017م قتل 4 أطفال تتراوح أعمارهم بين (7-15) سنة، جراء سقوط قذيفة هاون أطلقها مسلحو الحوثي وصالح المتمركزين شرق مدينة تعز على حي سكني بمنطقة الجحملية.
حكايا وتفاصيل وجع من مجزرة عنصوة
في تمام الساعة 12:00 ظهر الخميس الموافق 2 نوفمبر 2017م عاد خمسة أطفال من أسرة واحدة إلى منزلهم بقرية عنصوة شمال غرب مدينة تعز وقد كتب لهم عمر جديد بعد تجاوزهم بسلام نقاط تمركز قناصة جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق المنتشرة على طول الطريق المؤدية إلى مدرستهم التي تبعد عن قريتهم بنحو (500 متر) تقريباً.
وكالمعتاد خرج الأطفال عند الساعة الخامسة عصراً للعب أمام منزلهم متقيدين بالضوابط والإجراءات التي وضعها لهم آباءهم لضمان سلامتهم وعدم تعرضهم إلى المخاطر المحدقة بهم.
غير أن المقاتلين المتمركزين في التباب والجبال المطلة على مدينة تعز من جهة الشمال والشمال الغربي لم تتقيد بالقوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدولية المنظمة للحرب والتي تلزم كافة أطراف النزاعات المسلحة بضرورة تجنيب المدنيين وخاصة النساء والأطفال والمسنين ويلات الحرب وكذا التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية.
قتل أربعة أطفال منهم هم "عمرو خالد مهيوب عبده" (12 عاما) وشقيقه "عمار" الذي يصغره بعامين وكذا "محمد علي مهيوب ثابت" (9 سنوات) مع شقيقه "أحمد" الذي يكبره بخمسة أعوام، إضافة إلى طفل خامس هو "عمار أحمد محمد إبراهيم" (14 عاما).
في حين أصيب الطفلين "معمر جميل محمد سيف" (12 عاما) و"عمرو محمد أحمد إبراهيم" (15)عاما بجروح بليغة نقلا على إثرها إلى مستشفى البريهي، حيث ظلا يتلقيا العلاج هناك.
وتبين التقارير الجنائية الفنية المصورة- التي حصل فريق (تحالف رصد)بمحافظة تعز على نسخة منها- أن المجني عليه الطفل "عمرو خالد مهيوب"، قد تعرض لإصابات متفرقة في الرجلين واليدين نتيجة عدة شظايا تسببت ببتر طرفيه السفليين من الفخذ.
وشنت مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، مساء يوم الخمس الماضي 2 نوفمبر 2017م، قصفاً عشوائياً على قرية عنصوة شارع الثلاثين بمنطقة بير باشا غرب تعز بمحافظة تعز، أسفر عن استشهاد خمسة أطفال وجرح اثنين آخرين.
يحكي عدد من أهالي الضحايا بوجع وغصة بالغين تفاصيل حادثة قرية عنصوة التي تعاني من أوضاع إنسانية غاية في الصعوبة جراء الحصار المطبق عليها من قبل المليشيا منذ أكثر من عامين، ناهيك عن الانتهاكات التي تطال المدنيين في القرية من خلال القصف العشوائي من قبل المليشيا بمختلف أنواع الأسلحة.
تروي "عفاف مهيوب ثابت"، أم معمر جميل، أحد المصابين في الواقعة ماحدث: "كنت مع أختي في منزلها وكان ولدي معمر يلعب مع أولادها وأربعة آخرين من نفس الأسرة في حوش المنزل وفجأة سمعنا صوت انفجار قريب، فتحنا شباك المطبخ وما استطعنا نشوف أي شيء من كثر الدخان والغبار".
كان أول شيء يتبادر إلى ذهن "عفاف" هو أن قذيفة سقطت في حوش المنزل، حيث كان يلعب الأطفال وأن طفلها الوحيد "معمر" أصبح في عداد القتلى، ولأجل ذلك ظلت مترددة بين البقاء داخل المنزل والخروج إلى الشارع لمعرفة ما لا تريد معرفته.
أطلت الأم المفجوعة برأسها ثانية من شرفة إحدى الغرف المجاورة لتقع عيناها المخضبتين بالدموع على رؤية فلذة كبدها "معمر" وهو يجري نحو الطابق الثاني للمنزل ماسكا حزام بنطلونه في يده، ومع ذلك لم تصدق أنه أبنها، فاتجهت نحو الشارع كي تتأكد من حقيقة ما رأته لكن المسعفين منعوها من الخروج.
"أم معمر" أكدت أن طفلها منذ أصيب في الحادث وهو يعيش حالة اضطراب وعدم استقرار نفسي ويفزع من نومه عدة مرات وهو يردد "يا أمه شوفي العيال يلعبوا.. يا أمه في اثنين جنبي.. يا أمه في واحد يضرب".
"علوم مهيوب ثابت" أم لطفل قتيل وآخر جريح في نفس الواقعة، كانت في المنزل تشرف على ابنتها الصغيرة وطفلها "عمار" أثناء مذاكرة دروسهم وكتابة الواجبات، وفجأة طلب منها الأخير السماح له بالخروج إلى الحوش كي يلعب مع أخيه وأولاد عمه وخاله، فرفضت الأم في البداية فواصل إلحاحه وطلب منها السماح له بالخروج وعدم حبسه داخل المنزل وتعهد لها بالعودة سريعا لاستكمال واجباته، وأمام إلحاحه الشديد سمحت الأم له بالخروج.
لم تمضي سوى نصف ساعة على خروج "عمار" حتى سمعت والدته دوي انفجار هز الحي بأكمله، فهرعت إلى النافذة وإذا بها تشاهد شظايا القذيفة التي سقطت في حوش منزلهم وهي تتطاير إلى جدران المنازل المجاورة، فأدركت حينها أن جميع الأطفال الذين كانوا يلعبون في الحوش قد انتهوا.
لحقت "علوم" زوجها إلى باب المنزل تحاول منعه من الخروج حتى لا يصاب حينما يفاجأ بمقتل طفليها "عمار" و"عمرو"، لكن الأب أصر على موقفه ودفعها إلى الداخل ثم أغلق الباب، وما هي إلا ثواني حتى سمعت زوجها وهو يبكي ويتضرع إلى الله، فزاد قلقها أكثر ودلفت بنفسها إلى الباب لتشاهد أحد المسعفين ينتشل أبنها "عمرو" من الأرض بعد إصابته بجروح، ضنت الأم أنها طفيفة فاطمأنت بأن أحد أطفالها لا يزال على قيد الحياة.
خرجت "علوم" تتفقد البقية فوجدت جثث خمسة أطفال ملقية على الأرض كان من بينهم طفلها "عمار" الذي أستأذنها بالخروج للعب وتعهد لها بالعودة سريعا إلى المنزل لاستكمال واجباته المدرسية، غير أن قذيفة الموت كانت أسرع إليه من أي شيء أخر فحالت دون عودته إلى حضن أمه وحولت جسده إلى أشلاء متناثرة ظل جزء منها معلق فوق أغصان إحدى أشجار الزينة حتى صباح اليوم التالي.
تقول الأم المكلومة: "منذ بداية الحرب وخوفي على أولادي هو همي الوحيد، وكنت أحرص دائما على تجنيبهم أي مخاطر، فكان عمار أكثر واحد فيهم يرد عليا دائما: يا أمه لا أحد يستطيع أن يمنع عنا القدر والموت قد يأتينا حتى ونحن داخل المنزل".
داخل مستشفى البريهي حيث يرقد طفلها الجريح "عمرو" تذكرت "علوم" خلال لقاءها بفريق تحالف رصد آخر عتاب وجهته لطفلها "عمار" النابع من حرصها الشديد على دراسته ومستقبله وما دار بينهما من حوار قبل مغادرته المنزل إلى غير رجعة فانهمرت دموعها لا إراديا وخنقتها الكلمات فأجهشت بالبكاء معلنة نهاية المقابلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.