تهامة: مائة عام من الظلم وحلم الاستقلال المنتظر    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    شباب الغضب بوادي وصحراء حضرموت يؤيدون مخرجات اجتماع المجلس الانتقالي    وهن "المجلس" هو المعضلة    سفير مصري: حزب الله يستعد للحرب الشاملة مع إسرائيل هذه الأيام    الإخواني أمجد خالد وعصابته.. 7 عمليات إرهابية تقود إلى الإعدام    جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي ماهر وأسرته تعتبره حكماً سياسياً    في اليوم 235 لحرب الإبادة على غزة.. 36096 شهيدا و 81136 جريحا وعدة مجازر في رفح خلال 48 ساعة    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    فعلها في العام 2019...ناشطون بالانتقالي يدعون الزبيدي "لإعلان عودة الإدارة الذاتية"    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    قوات الأمن تداهم حي الطويلة في عدن وسط إطلاق نار كثيف    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    الحكومة اليمنية تبحث مع سويسرا استرداد عرشين أثريين    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    الرئيس الزُبيدي : المجلس الانتقالي لن ينتظر إلى مالانهاية تجاه فشل الحكومة واستمرار تدهور الأوضاع المعيشية    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    الزُبيدي يؤكد على أهمية المخيمات الصيفية لخلق جيل مناهض للفكر الحوثي    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    شاهد .. وزير الزراعة الحوثي يعترف بمجلس النواب بإدخال الحوثيين للمبيدات الإسرائيلية المحظورة (فيديو)    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    برشلونة تودع تشافي: أسطورةٌ تبحث عن تحديات جديدة وآفاقٍ أوسع    الإعلان عن تسعيرة جديدة للبنزين في عدن(السعر الجديد)    العكفة.. زنوج المنزل    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الثاني خلال أسبوع.. وفاة مواطن نتيجة خطأ طبي خلال عملية جراحية في أحد مستشفيات إب    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدن.. مدينة الحب والسلام ترسو على جنائز الدم
عودة شبح الاغتيالات ومسلسل التفجيرات يفزع الحالمون بالعيش ويصطاد أرواح التواقون للحياة..
نشر في أخبار اليوم يوم 30 - 11 - 2017

يعود مجدداً شبح الاغتيالات والتفجيرات في العاصمة المؤقتة عدن، جنوبي اليمن، مستهدفة بشكل أساسي قادة عسكريين وأمنيين، في وقت تحاول السلطات الأمنية تركيز وجود صلب لها في المدينة. وخلال الفترة الأخيرة استرعت عدن، المتابعين للشأن الأمني في البلد، بسبب تركيز جماعات مسلحة لعملياتها في مناطق المحافظة
لم تكد بعد تكون قد خفت وتيرتها، حتى عادت عمليات الاغتيال والتفجير وبشدة. ويوما بعد آخر تزداد هذه العمليات ضراوة، والتي إن نجا منها البعض، لكنها تحصد أرواح العشرات إما برصاصة قاتل أو عبوة ناسفة أو تفجير بعملية انتحارية يستهدف مؤسسات ومقار حكومية.
ويعيد مسلسل الاغتيالات وعمليات التفجير الإرهابية هذه إلى الأذهان، السيناريو المماثل الذي شهدته المدينة العام الماضي، بعد أن كانت تلك الجرائم، توقفت بمجرد أن بسطت السلطات الأمنية سيطرتها على المدينة، وهو ما يضع أكثر من علامة استفهام عن سبب ذلك، وفقاً لمراقبين.
عمليات اغتيال وتفجيرات يصفها كثيرون بالممنهجة، تشهدها عدن وعدد من المحافظات المحررة، زادت وتيرتها مؤخراً بشكل ملحوظ، طالت مسئولين في السلطة المحلية وتجاراً وصفوة من الضباط الأمنيين والعسكريين وقيادات في المقاومة الشعبية، ومدنيين عُزل ورجال دين وعلماء.
ووفق إحصاءات خاصة جمعها المحرر في صحيفة "أخبار اليوم"، نالت عدن النصيب الأكبر من تلك الاغتيالات، ودخلت إلى صفها- مؤخرا- محافظات اقتربت من التحرير الكامل، كمحافظة شبوة ومأرب، فبدأت ترتفع وتيرة تصفية كثير من المسئولين والفاعلين في المجتمع.
ويأتي تصاعد وتيرة الاغتيالات في اليمن وخاصة في مدينة عدن بصورة لافتة، في الوقت الذي لا تنجح فيه الأجهزة الأمنية في الكشف عن من يقف وراء هذه الاغتيالات، الأمر الذي دفع الكثير من المراقبين إلى النظر بشك واتهام للأجهزة الأمنية ذاتها لها حيال هذا الملف.
وبرز تنظيم الدولة الإسلامية في عدن باعتباره فاعلاً رئيسيا في القيام بمثل هذه الاغتيالات، لكن الكثيرين يشيرون بأصابع الاتهام لجماعة الحوثي والجهاز الأمني للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، في تسهيل هذه العمليات وتوجيهها وتقديم الدعم لها بعد دحرهم من عدن، خاصة تلك العمليات التي تستهدف المقار العسكرية والحكومية بشكل متكرر.
ويبدي متابعون شكوكهم في لعب جهات متعددة في عدن والمحافظات المجاورة دورا كبيرا في الاغتيالات وخاصة العمليات التي تستهدف شخصيات ناشطة في العمل السياسي والعسكري والحقوقي بهدف تصفيتهم وإفراغهم من الساحة.
ويرى متابعون وناشطون في تلك الاغتيالات بأنها باتت تكشف وبوضح عن مستوى تدني الأوضاع في المحافظة وتدهورها إلى درجة لا يمكن السكوت عليها. ويُطالب كثيرون الأجهزة الأمنية بعدن بالكشف السريع عن المعلومات التي تمتلكها بعد نحو عامين شهدت اغتيالات دامية تقف وراءها أطراف لا شك أن التحقيقات كشفت جانبا منها في خضم الغموض الذي تفرضه سلطات المحافظة.
ولم يتوقف مسلسل الاغتيالات الذي يطال المحافظات الجنوبية منذ أن بدأ عقب تحرير عدن من قبضة قوات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في منتصف عام 2015. وتنوعت عمليات الاغتيال مؤخرا في عدن ولحج وأبين، وتركز الكثير منها في مدينة عدن وبينها ما طال رجال دين ومسؤولين حكوميين وعسكريين وناشطين.
وتأتي هذه الحوادث بعد فترة توقفت فيها موجة الاغتيالات ومسلسل التفجيرات الإرهابية عقب استعادة المدينة من الحوثيين وحلفائهم في يوليو 2015. وكانت برزت مع مطلع العام 2016م إلى الواجهة عمليات الاغتيالات التي استهدفت شخصيات دينية وعلماء رجال أمن ومقاومة وشخصيات اجتماعية وسياسية في عدن.
حلقات سيناريو انتقامي
كشفت الحوادث والاختلالات الأمنية التي شهدتها محافظة عدن مؤخرا، عن مخطط فوضى كبير، للعبث بأمن واستقرار المحافظة، والانتقام من قياداتها وأبنائها، وما "الاغتيالات"، إلا إحدى حلقات هذا المسلسل الطويل.
ويقول محللون سياسيون إن عودة عمليات التفجير والاغتيالات في عدن بات أمر متوقع، وتنامي الظاهرة، في هذا التوقيت وغيابها في الأشهر الماضية، دليل كافي على أن هناك من يريد خلط الأوراق أمام الحكومة القوات حققت للحيلولة دون تحقيق أهدافها في تطبيع الحياة في المحافظات المحررة وبينها العاصمة المؤقتة عدن.
ويتهم المحللون الانقلابيين في استخدام أوراقهم، في الاغتيالات والتفجيرات، مشيرين إلى نظام المخلوع صالح "حليف الحوثيين" دأب على الاغتيالات، منذ صعوده للسلطة عام 1987، وعمد لها في كل فترات ضعفه، وفي الحروب الداخلية، وكانت إما مقدمة لحرب، أو نهاية لحرب، واستخدام تلك الورقة، في سبعينات، وثمانينات، وتسعينات القرن الماضي مع القيادات الجنوبية.
ويرى مراقبون أن القوى التي لا يخدمها مشروع التحرير وتطبيع الأوضاع في المحافظات المحررة تعمد إلى مشروع إقلاق الأمن والاستقرار في هذه المناطق؛ لإظهار أن الشرعية لم تستطع تثبيت الأمن في المدن الخاضعة لسيطرتها. واعتبروا مايحدث في محافظة عدن من اغتيالات وتفجيرات سيناريو ممنهج يستغله الطرف المستفيد منه من أجل خلق الفتنة بين بعض التيارات في المقاومة والمكونات.
إرباك المشهد
عادت عمليات الاغتيالات مجددا، وبشكل غير مسبوق، في مدينة عدن، جنوبي اليمن، بعد أن كانت تقلصت حدتها بشكل ملحوظ، مع عودة الدولة، واستقرار الحكومة في عاصمتها المؤقتة، وكذا نشاط الأجهزة الأمنية، التي تمكنت من القبض على عشرات المتهمين بالضلوع في تلك الجرائم.
وفيما يرجع مراقبون ذلك إلى ضعف الأداء الأمني في المحافظة الذي بدوره أعاد عمليات الاغتيالات في المحافظة. يتوقع متابعون أن تتسع دائرة الاغتيالات خلال المرحلة المقبلة، لافتين إلى أن ما حدث في الأسابيع الماضية كان نتيجة طبيعية للشحن وتبادل التهم بين مكونات سياسية وفي المقاومة، بالعمل لحساب أطراف أخرى، داخلية وخارجية.
وتتعالى حدة مطالب أبناء المدينة المتكررة للسلطة المحلية وللأجهزة الأمنية بالتحرك، لوضع حد لهذا الدم. وينوه مراقبون إلى استغلال أطراف أخرى في صفوف الانقلابيين لخارطة الخلافات بين بعض المكونات السياسية والحكومة الشرعية، وتنفيذ عمليات بغرض الإيقاع بها، وتوسيع دائرة الخلاف. وكانت العاصمة المؤقتة عدن شهدت عمليات تفجير واغتيال يعتقد أن لها مغزى سياسي لأحد الأطراف في الصراع ك صالح وشركائه، وكان ملف الاغتيالات هو الأبرز.
ويفسر مراقبون تصاعد أعمال الاغتيال، بوجود خلايا نائمة تتبع مليشيا الانقلاب لإرباك المشهد في المحافظة وزعزعة الأمن في المناطق المحررة بعد أن خسرتها المليشيا عسكرياً. ودعا المراقبون إلى سرعة تفعيل دور الأجهزة الأمنية في المحافظات المحررة والعمل على التنسيق بين كل الأجهزة الأمنية والعسكرية لضبط الأمن ومنع مثل هذه الجرائم التي باتت تتصاعد في مشهد يومي يسعى من خلاله الانقلابيون إلى تشويه صورة المقاومة والسلطة الشرعية.
محاولة يائسة لوأد الدولة
في الأسابيع الماضية استرعت محافظة عدن، جنوبي اليمن، المتابعين للشأن الأمني في البلد، بسبب تركيز جماعات مسلحة لعملياتها في مناطق هذه المحافظة محاولة أن تجعل منها مقرا بديلا لمحافظة أبين لتنفيذ عملياتها حيث كان قد مني فيها بهزيمة قاصمة على أيدي القوات الحكومية المدعومة من قبل التحالف العربي، وفقاً لمراقبين يؤكدون أن التنظيمات الإرهابية تحاول تركيز وجود صلب لها في اليمن مستغلة واقع الحرب التي يشهدها البلد بين القوات الحكومية ومليشيا المتمرّدين الحوثيين المتحالفين مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
ورغم تلك الحرب تصرف القوات الحكومية جزءا من مجهودها لمقارعة التنظيمات الإرهابية يدعمها في ذلك التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وأيضا الولايات المتحدة التي لم تنقطع طائراتها المسيرة عن توجيه ضربات مركّزة تستهدف بشكل خاص العناصر البارزة في تنظيم القاعدة وقياداته الميدانية في اليمن.
وبحسب خبراء في شئون الجماعات الإرهابية فقد كان لإحكام القوات الحكومية سيطرتها على محافظة أبين أن مثّل أحد أكبر الإنجازات على صعيد مواجهة التنظيم المتشدّد على الأراضي اليمنية.
وتشهد المحافظات المحررة، عمليات اغتيال ممنهجة وتفجيرات، طالت رجال أمن، ومسئولين في الدولة، وقيادات في بعض الأحزاب، وبعض قادة المقاومة الشعبية، ومدنيين عُزل. ونالت عدن النصيب الأكبر من تلك الاغتيالات، ودخلت إلى صفها- مؤخرا- محافظات اقتربت من التحرير الكامل، كمحافظة شبوة ومأرب، فبدأت ترتفع وتيرة تصفية كثير من المسئولين والفاعلين في المجتمع.
ويعيد مسلسل الاغتيالات والتفجيرات التي تشهدها محافظة عدن، إلى الأذهان السيناريو المماثل الذي شهدته صنعاء، إبان رئاسة رئيس الوزراء الأسبق لحكومة الوفاق الوطني، محمد باسندوة، والتي استمرت منذ أواخر 2011، وحتى سقوط الدولة في سبتمبر/أيلول 2014، لكن تلك الجرائم الممنهجة توقفت بمجرد سيطرة الانقلابيين على العاصمة، وهو ما يضع علامة استفهام عن سبب ذلك.
ويتهم عديد من المسؤولين والسياسيين اليمنيين، الانقلابيين بالوقوف وراء عمليات الاغتيال تلك، سعيا لإفشال مساعي الحكومة الشرعية في تطبيع الحياة في الأراضي المحررة، ولإعاقتها عن التقدم باتجاه صنعاء، واستعادة الدولة.
وعن أسباب تنامي ظاهرة الاغتيالات في المناطق المحررة، يقول محللون سياسيون، إن حكم المخلوع علي عبدالله صالح لليمن ثلاثة عقود ونيف، جعلت له أذرع ومخالب كثيرة فيها، وأنه يستخدم الآن أدواته تلك؛ للعمل على إقلاق الأمن والسكينة فيها، لتكون ورقة رابحة يستخدمها أمام المجتمع الدولي، لإثبات أن الشرعية عاجزة عن تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة، وأنه حين خرج منها انتقلت إلى حضن الفوضى والإرهاب.
مشيرين إلى أن هناك الكثير من التنظيمات المتطرفة، التي كانت قد سيطرت على بعض المناطق والمحافظات، حتى جاءت قوات الشرعية وخلصت المجتمع منها، وهي تنتقم من ما تعرضت له من ضربات موجعة، وتحاول أن تحقق أي اختراق في جدار الشرعية، على أمل العودة من جديد.
ويرون أنه أن من الطبيعي أن تتعرض اليمن ل"هزات أمنية كثيرة"، كونها تعيش مرحلة انتقالية، وعاشت حربا مدمرة، مع عدو عنصري لا مبادئ عنده أو قيم، ولا يتورع عن ارتكاب الجريمة في أي وقت وزمان، طالما وهي تحقق له بعض أهدافه.
وفي اعتقاد مراقبين فإنه لا يمكن تفسير ظاهرة الاغتيالات، بمعزل عن الإرهاب والجريمة السياسية المنظمة في اليمن، والتي كانت ملازمة للدولة، التي تخلق نظامها السياسي من خارج بينة النظام السابق، وأن العمليات الإرهابية، هي إحدى أدوات الانقلاب والثورة المضادة، كونها حدثت مع انتقال مشروع الدولة من صنعاء إلى عدن.
ويشدد متابعون على ضرورة اليقظة الأمنية والاستخباراتية رفيعة المستوى، من قِبل القوات الشرعية، والتي يجب أن تكون بعيدة عن بيئة النظام السياسي السابق الذي أطاحت به الثورة الشبابية. وتشير تقارير إلى أن غياب الدولة والبنية الاقتصادية الهشة للبلاد والصراع السياسي الذي استخدمته التنظيمات الإرهابية كورقة رابحة زاد من تدفق الأموال من الخارج إليه، يمثل سبباً رئيسياً في فشل جهود مكافحته.
ويرى مراقبون أن القضية الأمنية أولوية مقدمة على ما سواها من الأمور الأخرى، وبالأمن يستقيم عود الحياة، وبدونه يبقى كل شيء عرضة للاضمحلال والفناء. مشيرين إلى أن الاغتيالات التي تشهدها عدن، والمحافظات المحررة، لا تأتي صدفة، ولا هي مجرد أعمال عابرة فحسب، لكنها تمثل جزءًا من الحرب القذرة التي أشعلها الانقلابيون، ولم تنطفئ نارها.
وفيما أكد المراقبون أنه بمقدور الأجهزة الأمنية احتواء مثل هذه الأمور متى ما توفرت لها الإمكانيات اللازمة. دعوا الحكومة الشرعية لأن تكون أكثر جدية في التعاطي مع هذا الملف، وإلا تكتفي بعقد اللقاءات والمشاورات، كون الأمر خطير جدا والسكوت والتغاضي عن مثل هذه الجرائم والتعامل مع الدماء التي تراق بشكل شبه يومي، بنوع من التسويف والمماطلة في اتخاذ الإجراءات، من شأنه تشجيع مثل هذه الجماعات على حصد المزيد من الأرواح.
أميركا في طريق الدم
منذ عام 2002، تواصل الولايات المتحدة برنامجا خاصا لمحاربة الإرهاب في اليمن، على إثر استهداف تنظيم القاعدة مدمرتها البحرية الشهيرة "يو إس إس-كول" قبالة شواطئ عدن، جنوب اليمن، عام 2000. ومع بداية العام الحالي 2017، تطورت العمليات الأمريكية لتصل إلى تنفيذ محاولات اعتقال مشفوعة بقتل الأبرياء، عبر عمليات إبرار جوية مسنودة بهجمات لطائرات مروحية ودعم طائرات دون طيار(الدرونز)، كما حدث في بلدة "يكلا" الصغيرة بمحافظة البيضاء وسط اليمن، في 29 يناير/كانون الثاني 2017، التي سنفرد لها محورا خاصا.
وفقا لبيان أصدرته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في الأسبوع الأول من مارس/آذار 2017، شن الطيران الأمريكي، خلال بضعة أيام، 30 غارة على معاقل جماعة أنصار الشريعة التابعة لتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب باليمن، شملت ثلاث محافظات، هي: البيضاء، وأبين، وشبوة. الأمر الذي كشف عن تحول كمي ونوعي غير مسبوق في مواجهة التنظيم منذ بدء هذا البرنامج عام 2009، خصوصا إذا ما علم أن الإجمالي السنوي للغارات في العامين 2012 و 2016، بلغ على الترتيب 41 و 38 غارة جوية.
يقول الخبير العسكري/ علي الذهب مع أن هذا التحول بدا عنيفا، إلا أنه أصبح مسألة غير قابلة للتأجيل من وجهة نظر الإدارة الأمريكية تجاه ما تعده أخطر الشبكات الإرهابية المهددة للأمن القومي الأمريكي وحلفائها في المنطقة، الذين مثلت اليمن بالنسبة لهم، ساحة بديلة لطرد متطرفي بلدانهم إليها، في ظل سيادة مشهد إقليمي مكتظ بالجماعات المتطرفة، ابتداء من غرب آسيا حتى شرق وشمال إفريقيا؛ لذلك كان القصد من هذه الهجمات – على ما يبدو – حرمان التنظيم من القيام بعمليات إرهابية متوقعة، بالتنسيق مع بعض تلك الجماعات.
كانت أولى مؤشرات تحول السياسة الأمريكية تجاه القاعدة في اليمن، العملية العسكرية التي استهدف بها الجيش الأمريكي بلدة "يكلا" بمحافظة البيضاء، وسط اليمن، في 29 يناير/كانون الثاني 2017، التي نفذت بالتعاون مع القوات المسلحة الإماراتية، التي سبق أن لعبت دورا مماثلا إلى جانب قوات من الجيش اليمني في استعادة مدينة المكلا من قبضة أنصار الشريعة، في إبريل/نيسان 2016.
وبحسب علي الذهب، وهو باحث استراتيجي في الشئون العسكرية، كان الملفت في تلك العملية، أنها جاءت بعد تسعة أيام فقط، من خطاب الرئيس الأمريكي الجديد "دونالد ترامب"، الذي ألقاه أثناء حفل تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني 2017، وتوعد فيه بنسف ما وصفه ب"التطرف الإسلامي"، فكانت العملية، كما يبدو، ترجمة لذلك الخطاب، ولتكون مفتتحا لمعركة جديدة مع الإرهاب يغلب عليها طابع الإثارة والانتهازية، كأبرز صفتين لترامب نفسه.
يقول الذهب: لقد كشف الحشد الكبير لعملية "يكلا"، وما تلاها من تكثيف ملفت للهجمات الجوية، أن الإدارة الأمريكية تحاول، إلى جانب أهدافها الآنية المرصودة، التحرر من خيبة الأمل التي خلفتها معاركها الطويلة والمنهكة مع التنظيم، ولتؤكد أن الإرهاب تهديد يمس الأمن القومي الأمريكي، بدرجة أولى، لا الأمن الدولي والإقليمي فقط. وأن التحول في المواجهة ما هو إلا امتداد مطور لجهود إدارة أوباما، التي لم تكن الطائرات بلا طيار تبرح المجال الجوي اليمني طيلة السنوات الخمس الماضية من ولايته.
ويعتقد باحثون أن العمليات العسكرية ضد القاعدة شابها كثير من الاستغلال ما أضعف جديتها بعكس الحرب ضد القاعدة في 2012 بعد الثَّورة السلمية (2011). فقبل هذا التاريخ استغل نظام الرئيس اليمني السابق التنظيم لزيادة نفوذه أو للمزايدة من أجل الحصول على تدريب للقوات التي يقودها نجله.
وتتطرق دراسة حديثة صدرت عن وحدة الاستراتيجيات في مركز أبعاد للدراسات إلى تحولات الدور الأمريكي الجديد في اليمن حيث وصل دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية عاقداً العزم على التخلص من الجماعات الإرهابية التي تهدد الأمن القومي لبلاده، ويأتي تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب في مقدمة تلك التهديدات، ولذلك صعدت الإدارة الجديدة من عملياتها في اليمن بشكل سريع وقوي.
وتشير الدراسة إلى الأهداف الأمريكيَّة الجديدة في اليمن المتمثلة بمواجهة تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب إضافة إلى مواجهة التمدد الإيراني وإعادة العلاقات مع دول الخليج العربي لذلك زادت من دعمها لعمليات التحالف العربي المواجهة للحوثيين.
وتظهر مؤشرات التحول الأمريكي من خلال رصد تقدمه الدراسة ل100 اليوم الأولى من نشاط إدارة ترامب في اليمن، وهو ما يعدل ولاية أوباما كاملة، كما أن الهجوم البري الأمريكي على قرية وسط اليمن وقتل عشرات المدنيين دون تحقيق أهداف يشير بوضوح إلى فشل أولي لما تريد إدارة ترامب تحقيقه، ويكشف نشاط المائة يوم الأولى بعد الهجوم على تلك القرية أن هناك تنسيقاً خلفياً مع أجهزة مخابرات مازالت موالية للرئيس اليمني السابق أو الحوثيين من أجل تحقيق الأهداف الأمريكيَّة في البلاد.
ويوضح الخبير العسكري/ علي الذهب أنه في المحصلة المفترضة، يظل نهج أمننة الإرهاب، عاجزا بمفرده عن التأثير في هذا المعترك المعقد، كما قد تكون نتائجه عكسية.. ولو كان هذا الأسلوب ناجعا، لكان الإرهاب في اليمن قد لفظ أنفاسه منذ سنوات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.