أخباراليوم/مشا قال الدكتور عيدروس النقيب عضو لجنة «برلمانيون ضد الفساد»: إن مكافحة الفساد لا تتم من خلال الملصقات والمنشورات الدعائية ولا أيضاً بلعن الفساد وشتم الفاسدين من خلال أجهزة الإعلام. واضاف: إن مكافحة الفساد تتطلب رسم سياسات عملية تتمثل في محاسبة ومساءلة الفاسدين الذين أثروا ثراءً فاحشاً في زمن قياسي وأصبحوا في عدة سنوات - بعد أن كانوا ميسوري الحال - يمتلكون العمارات والعقارات وشركات المقاولات والأسهم والأرصدة في البنوك الداخلية والخارجية. وبحسب «الصحوة نت» فقد دعا النقيب إلى تقديم الفاسدين للمحاكمة واعتبر تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة كفيلة بأن تقود الفاسدين إلى السجون ولأن تصبح أقفاص الاتهام ممتلئة بالمتهمين بالفساد. يأتي هذا فيما تقوم الحكومة حالياً بحملات للتوعية بمخاطر الفساد، وهو ما اعتبره برلمانيون واقتصاديون اعترافاً متأخراً بخطورة ما وصلت إليه البلاد جراء الفساد، مشككين بجدوى هذه الحملة، ومعتبرين إياها مجرد دعاية انتخابية لخداع الجماهير، حيث يقول النقيب عن توقيت الحملة: لست مطمئناً كثيراً لهذه الحملة المتزامنة مع الحملة الانتخابية للأخ الرئيس. وأضاف: لقد سررنا كثيراً عندما أعلن الرئيس أنه لن يكون مظلة للفاسدين ولكننا صدمنا عندما تراجع عن هذه الإرادة، وتساءل النقيب: لست أدري إن كان رجوعه مظلة للفاسدين أم أنها نية جديدة لمحاسبة الفاسدين، وأضاف: الأخ الرئيس أمام امتحان عسير فإما أن يبرهن أنه ليس مظلة للفاسدين، وبالتالي يثبت ذلك بإجراءات عملية ومدروسة، وإما أن يتراجع عما أعلنه، وبالتالي فإنه سيخيب كل الآمال التي علقت على حديثه في المؤتمر الاستثنائي للمؤتمر. وتمنى ألا تسخَر شعارات مكافحة الفساد كدعاية انتخابية لخداع الجماهير لأن الجماهير لم تعد تصدق مثل هذه الشعارات «الزائفة». من جانبه استغرب علي الوافي رئيس الدائرة الاقتصادية للإصلاح، متسائلاً: كيف يمكن لآلية فاسدة أن تحارب الفساد؟1، وأكد على ضرورة تقديم قضايا الفساد والفاسدين لمحاكم الاموال العامة ومساءلة ومحاسبة الفاسدين واستبدالهم بعناصر كفؤة ونزيهة إن كانت هناك نية صادقة لمكافحة الفساد وعلق على ما تقوم به الحكومة من حملة للتوعية بمخاطر الفساد، بقوله: كلما كان هناك حديث رسمي عن اجتثاث الفساد كلما كانت هناك دعاية أكبر للفساد. واعتبر أن هذه قضية جوهرية تؤكد فشل مجمل السياسات المنفذة من قبل حكومات الحزب الحاكم المتعاقبة خلال السنوات الماضية. وأوضح أن مكافحة الفساد لن تكون إلا عبر برامج عملية في مختلف السياسات يكون لها تأثير فعلي في الواقع، وأشار الوافي إلى قضايا فساد كبيرة شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة، وضرب مثالاً على ذلك بقضية بيع قطاع النفط «53» وتعويض الشركة بأكثر من قيمة العقد أي بما يساوي «3.8 » مليار دولار، على الرغم من أن قيمة العقد أقل بما يساوي ملياري دولار، ورمت الحكومة عرض الحائط بتوصيات المجلس الخاصة بعدم تحميل الخزينة العامة أي أعباء مالية تنتج عن إلغاء البيع. من جانبه ابدى الدكتور طه الفسيل- أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء تفاؤله لهذه البداية قائلاً: إن هذه الحملة تأتي ضمن أجندة الإصلاحات الهيكلية والقانونية والإدارية، والتي وافق عليها مجلس الوزراء مطلع شهر يناير من العام الماضي، وهذه الأجندة تشمل مصفوفة من الإصلاحات في النظام القضائي والإداري والموازنة العامة والتي من ضمنها القيام بحملة إعلامية توعوية لمكافحة الفساد، وشدد على ضرورة تطبيق باقي الأجندة التي وافق عليها مجلس الوزراء. وقال: إن هذه الحملة سوف تؤتي ثمارها إذا تزامنت مع تطبيق باقي الأجندة من خلال أمرين تحديد ما هو الفساد وتشكيل رأي عام ضاغط لإصدار قانون مكافحة الفساد واعتبر هذه الخطوات مهمة لأن الناس غير واعين عما هو الفساد؟، وأوضح الفسيل: إن الميزة في أجندة الإصلاحات هذه المرة أنها حددت كل مصفوفة وحددت لها إجراء كيف ومتى وزمن محدد للتنفيذ وشكلت لجنة وزارية لمتابعة تنفيذ هذه المصفوفة، واعتبر صدور قانون لمكافحة الفساد خطوة جيدة، وقال: إن الفساد لا يقتصر على الدولة فقط، وأشار إلى أن الجهاز المركزي أحال خلال العام الماضي حوالي «86» قضية إلى نيابة الأموال العامة تكلفتها المالية تصل إلى حوالي 30 مليار ريال. وكشف التقرير الذي أعدته نيابة الأموال العامة أن عدد القضايا الجنائية المحولة وصلت إلى 1281 قضية، وبلغت الأضرار المالية ملياراً ومائتي مليون ريال وتم استعادة هذا المبلغ إلى الخزينة العامة للدولة في العام 2005م. واستبعد أن يكون هناك استغلال للدعاية الانتخابية لأنها أتت متزامنة مع المؤشرات الدولية التي منها منظمة الشفافية العالمية والبنك الدولي اللذين يساهما في دفع عملية الإصلاح. واعتبر حديث الرئيس في هذا الجانب التزام أمام الشعب بأن تتم عملية الإصلاحات، وأضاف: المهم أن نبدأ بغض النظر عن المرحلة التي نعيشها، ودعا الأحزاب سواء الحاكمة أو المعارضة إلى تقديم برامج عملية مفصلة لكيفية مكافحة الفساد وما هي الإجراءات والخطوات والسياسات المتبعة لتنفيذ ذلك، وقال: إن هذه فرصة لتقدم الأحزاب برامجها الانتخابية والتزاماتها. من جانبه اعتبر النائب علي العنسي مكافحة الفساد من أهم مهام المرحلة القادمة، وقال: إن مثل هذه القضية الهامة والحساسة تتطلب إصدار قرارات سياسية حاسمة وداعمة. وأضاف: إن الجانب الإيجابي في هذه الحملات التوعوية هو أن الحكومة انتقلت من طور الإنكار إلى الاعتراف بحقيقة وجود الفساد وقال: إن الحكومة بنفسها تقود هذه الحملة والسؤال الأهم هو.. هل يمكن أن نرى على أرض الواقع تطبيقاً عملياً وخطوات جادة وملموسة في مكافحة الفساد، وأوضح العنسي أن ما تقوم به الدولة يندرج ضمن اشتراطات المانحين أن يتم مكافحة الفساد وأن تتخذ خطوات في هذا الجانب مثل إصلاح الجانب الإعلامي، وكذا إصلاح القوانين وإعمال دور مجلس النواب في الجانب الرقابي والتشريعي، وأضاف: إن بلادنا وصلت إلى مستوى خطير من الانهيار، وهذا ما تدل عليه مؤشرات صندوق الألفية ومنظمة الشفافية العالمية التي تقاس بها البلدان في مستوى النمو الحقيقي.