تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية صباح اليوم    بالصور.. الهلال السعودي يعلن تجديد عقد جيسوس    الدوسري يتفوق على رونالدو في سباق الأفضل بالدوري السعودي    الحوثيون يفرضوا ضرائب باهظة على مصانع المياه للحد من منافستها للمصانع التابعة لقياداتها    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    تهامة: مائة عام من الظلم وحلم الاستقلال المنتظر    "البحر الأحمر يشتعل: صواريخ حوثية تهدد الملاحة الدولية والقوات الأمريكية تتدخل وتكشف ماجرى في بيان لها"    شباب الغضب بوادي وصحراء حضرموت يؤيدون مخرجات اجتماع المجلس الانتقالي    سفير مصري: حزب الله يستعد للحرب الشاملة مع إسرائيل هذه الأيام    وهن "المجلس" هو المعضلة    الإخواني أمجد خالد وعصابته.. 7 عمليات إرهابية تقود إلى الإعدام    جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    قوات الأمن تداهم حي الطويلة في عدن وسط إطلاق نار كثيف    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي ماهر وأسرته تعتبره حكماً سياسياً    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    "الوجوه تآكلت والأطفال بلا رؤوس": الصحافة الامريكية تسلط الضوء على صرخات رفح المدوية    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    الرئيس الزُبيدي : المجلس الانتقالي لن ينتظر إلى مالانهاية تجاه فشل الحكومة واستمرار تدهور الأوضاع المعيشية    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    العكفة.. زنوج المنزل    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يفلح النظام في تحجيم مد الثورة المتصاعد وتمييع أهدافها الرئيسية ؟
أوضاع اقتصادية خانقة " البيضاء أنموذجاً "..
نشر في أخبار اليوم يوم 29 - 06 - 2011

مع بدء الاحتجاجات السياسية على مشروع التعديلات الدستورية والتي دشنتها أحزاب اللقاء المشترك بمهرجانات الهبة الشعبية, وحتى اليوم يعيش اليمنيون على نيران هادئة أحرقت أعصابهم وهم يتابعون المستجدات عن طريق التلفاز تارة, وعن طريق الصحف اليومية والأسبوعية تارة أخرى, وعن طريق المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي تارة ثالثة , يحللون الأحداث ,يغوصون في تفاصيلها, وتتحول المقايل إلى أشبه ما تكون بالمنتديات السياسية التي تمتلئ بالمحللين الذين لا يمتلك أغلبهم حتى شهادة الثانوية العامة.
كان كل شيء على ما يرام حتى ما قبيل حادثة النهدين التي أودت بحياة العشرات وأصيب خلالها أركان النظام الحاكم, بدءاً من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس الشورى ورئيس البرلمان, إضافة إلى عدد آخر من الوزراء والنواب والعسكريين وبعدها بدأت الأزمة الاقتصادية تحكم قبضتها على الأسواق لتنذر بكارثة إنسانية أثارت قلق الداخل والخارج وألقت بظلالها على مجريات الحياة اليومية.
البعض يفسر الأزمة الاقتصادية بأنها أزمة مفتعلة من قبل من تبقى من نظام الحزب الحاكم, لتحويل مسار الثورة إلى أزمة, ومحاولة دفن مطالبها المتصاعدة يوماً بعد آخر وإشغال الناس بالبحث عن الديزل والبترول والغاز بدلاً من الاعتكاف في الساحات التي لم يؤثر في غليانها عامل الوقت , ولم تزدها الاعتداءات المتكررة من قبل ميليشيات صالح إلا قوة وثباتاً طيلة مائة وخمسين يومياً.
لقد حاول النظام أن يخوف الناس بالقتل وأن يرهبهم بالقنابل السامة المسيلة للدموع, وأن يذلهم بالقمع تارة وبالاختطاف تارة أخرى, وأن يستخدم وسائل قذرة في ذلك ويسخر كل إمكانيات الدولة في سبيل ذلك, وغامر في توزيع احتياطي البنك المركزي على الموالين والمناصرين له وصلت إلى 250 دولاراً لمن يحضر صلاة الجمعة في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء ولكن كل هذا لم يفلح في تحجيم مد الثورة المتزايد بشكل مضطرد بقدر ما كان باعثاً على التحدي والثبات.
وحين فشل الخيار العسكري وهزمت كتائبه في أكثر من محافظة وازداد الضغط الدولي المستنكر لعمليات الإبادة البشرية, ورفعت الملفات الجنائية ضد أركان صالح في أكثر من محكمة دولية بتهم جرائم حرب ضد الإنسانية, بدء النظام يفكر في معاقبة الشعب بطريقة هادئة بعيداً عن السباحة في انهار الدم التي أصبحت تحت أضواء الكاميرات ..كان قطع التيار الكهربائي واحتجاز قاطرات النفط ومصادرة الصحف هي الوسائل الجديدة التي استمرت مع استمرار الخيار العسكري في محافظة تعز, ومناطق أرحب والحيمة.
تعطيل الحياة:
تحولت الحياة في المدن إلى حياة راكدة أشبه بحياة البداوة في القرون القديمة, فالراكب يضل لفترة من الوقت في انتظار " باص " يقله إلى مكان عمله, بينما البعض اضطر إلى المشي على الأقدام لمسافات طويلة من اجل أن يلحق بدوام بعمله, ولجاءت بعض الأسر في المدن إلى شراء الحطب بدلاً من الغاز, واستبدلت مصابيح الكهرباء بالفوانيس والشمع, وفضلت الكثير من الأسر عدم شراء الكماليات, وتلاشت حياة المدنية وعادت إلى الواجهة عادة حمل السلاح, وأغلقت الكثير من المرافق الخدمية في وجوه المواطنين وكان اليمن لم تشهد يوماً من الأيام نوعاً من المدنية ولو في حدودها الدنيا.
معاناة الكهرباء:
محافظة البيضاء كغيرها من محافظات الجمهورية يطبق الظلام على كافة مديرياتها, وفي المدينة يعم الظلام الدامس الباعث على الخوف في مدينة البيضاء وعزة ومشعبه وغيرها من حارات المدينة القابعة وسط صمت الظلام, ومع زحف الليل بجحافله على مدينة غابت عنها أنوار الكهرباء يصبح الخوف المستشري في الشوارع هو سيد الموقف, بينما توزع المولدات الكهربائية دخانها المزكم للأنوف على المحلات التجارية التي اختط مع الروائح الكريهة الصادرة من مقالب القمامة لتشكل في مجملها لوحة مأساوية يقف أمامها شيخ طاعن في السن يحاول طمس بعض من معالمها فيكتفي برفع يديه نحو السماء متضرعاً بكلمات يملأها الحزن والكآبة " اللهم فرج عنا ما نحن فيه " .
تظل الكهرباء لأيام تصل إلى أسبوع مقطوعة بشكل كلي, وتنقطع معها خدمات وتتوقف مرافق صحية وخدمية, فمستشفى الثورة العام توقفت بعض مرافقه عن العمل , ومصلحة الأحوال المدنية يسودها الهدوء بعد أن كانت تمتلئ بمئات المواطنين الذين يتوافدون بشكل يومي إلى المصلحة لاستخراج بطائق شخصية, وبعض محلات الانترنت قاب قوسين أو ادني من الإفلاس بعد أن أغلقت بعضاً منها أبوابها أمام روادها, وكذلك الحال بالنسبة لمحلات الاتصالات, والمعاملات في المجمع الحكومي توقفت والحال لا يسر صديقاً ولا يطمئن حبيباً.
" محمد "- صاحب بقالة في منطقة عزة -يصف الوضع الاقتصادي بأنه وضع مأساوي وسيء للغاية وانه كان يشتري الكرتون الشمع ب 5500 واليوم يبحث عنه ب 11000 لكنه لم يجده.
وفي الوقت الذي يتكبد فيه الكثير من التجار خسائر فادحة, تتكبد الخزينة العامة للدولة في محافظة البيضاء خسائر يومية, فمواطير الكهرباء التي لا تزيد طاقتها الإنتاجية عن 5 ميغاوات ليست ملكاً للدولة, بل هي مواطير مستأجرة من النائب البرلماني بحزب المؤتمر الشعبي العام حسن عبده جيد وتدفع المحافظة مبلغ سبعة وعشرين مليون ريال شهرياً, وبحسب معلومات لم يتسن لنا التأكد من صحتها فان المحافظة لم تدفع إيجار مواطير الكهرباء لمدة شهرين.
محطات مغلقة:
توجد في مدينة البيضاء سبع محطات للبترول لكنها مغلقة حتى إشعار آخر, ينبئك عن ذلك البراميل المنصوبة أمام المحطات, وفور سماع الناس بخبر وصول قاطرة نفط هنا وهناك, يتسابق الناس للوقوف أمام تلك المحطات في طوابير طويلة تصل إلى كيلو متر أو يزيد, لينتظر سائقو السيارات ثلاثة أيام بلياليها أملاً في الحصول ولو على دبة واحدة من البترول أو الديزل, المهم أنهم لا يعودون بخفي حنين بعد قضاء اثنين وسبعين ساعة تحت أشعة الشمس الحارقة.
محطة " القيسي " الواقعة في منطقة عزة شمال مدينة البيضاء نموذج لباقي محطات المحافظة من حيث معاناة الناس في الانتظار, فضولي الصحفي دفعني لان أقوم بعملية مسح لأعداد السيارات الواقفة أمام المحطة, والتي امتدت من أمام مستشفى الزهراء وحتى مسافة قريبة من ملعب البيضاء الرياضي, فأحصيت ثلاثمائة وثمانية وعشرون سيارة, وهناك أمام محطة العبيدي والحرمين ومشعبه وغيرها من المحطات الأخرى أعداد تضاهي ذلك العدد.
السوق السوداء :
اختفاء المحروقات وانعدامها في ظل غياب التدخل الحكومي أو بالأصح في ظل الصمت والتواطؤ من قبل الأجهزة الأمنية التي أضاعت وقتها في التخبط لفض الاعتصامات الشبابية ونست مسؤوليتها في مكافحة التجارة المشبوهة, فتح الباب واسعاً أمام ظهور السوق السوداء التي لا تكتفي بالأرباح الخيالية بل تتعمد الغش من خلال خلط البترول أو الديزل بالماء والجاز.
أمام مطعم "السوادي" وعلى مسافة أمتار قليلة من إدارة أمن المحافظة حط تجار السوق السوداء رحالهم وأعلنوا عن بضاعتهم, ويأتي سائقو الشاحنات بكميات كبيرة من الديزل والبترول قيل انه يتم شراؤها لمعسكرات الحرس الجمهوري, وقيل من مالكي المحطات الذين يتعمدون إخفائه في كثير من الأوقات.
وعلى غرار البيت الشعري " إذا لم تكن إلا الأسنة مركباً فما حيلة المضطر إلا ركوبها " يلجأ الناس إلى شراء المواد النفطية من السوق السوداء بأسعار خيالية تصل إلى 12000 للدبة الديزل سعة 20 لتراً, ولكن سرعان ما يكتشف الكثير بأنه سرعان ما تتعطل سياراتهم نتيجة تقطع في دفع الديزل أو البترول , والسر يكمن في كميات الماء المضافة والتي تقف وراء ذلك, ويصبح السائق المسكين بين خسارتين خسارة الشراء بسعر مرتفع وخسارة الأضرار الناجمة عن الغش.
علي البيضاني قال إن سيارته توقفت بعد استخدامه لدبة بترول اشتراها من السوق السوداء ولم يكن يعلم أنها مغشوشة, وحال محمد هو حال غالبية مالكي السيارات الذين دفعتهم الحاجة إلى شراء البترول, فوقعوا في شرك باعة سيطر على قلوبهم حب الجشع ولذة الطمع المزيفة, ومات لديهم باعث الحياء.
ويضيف محمد أن هؤلاء ليس لهم من الإسلام إلا الاسم, فالمسلم الحقيقي لا يغش أخيه ولا يخدعه ومن " غشنا ليس منا ".
صرخات علي لا تلقى آذاناً صاغية لا من قبل تجار الأزمات ولا من قبل السلطات المعنية, وهي أشبه ما تكون بصيحة في واد أو نفخة في رماد.. ويؤكد الكثير من الشباب بأنه مهما اشتدت الأزمة التي قالوا إنها مفتعلة من قبل أبناء صالح وأبناء أخيه فإنهم صامدون في مواجهة كل الاحتمالات حتى يتحقق هدفهم المنشود وأملهم المفقود في إقامة دولة مدنية أركانها العدل والمساواة على أساس الدستور والقانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.