تستمر معاناة الموظفين في محافظة تعز، كغيرهم في غالبية محافظاتاليمن، في هذه الظروف الصعبة التي يعيشونها، في ظل الحرب وانقطاع المرتبات، دون أن يلتفت لهم أحد. وفيما يحتفي عمال العالم بعيدهم الذي لايخلو من طقوس فرائحية، لم يجد موظفو تعز بهذه المناسبة بعد انقطاع مرتباتهم سوى تدشين مسيرة راجلة من تعز، وسط اليمن، إلى العاصمة المؤقتة عدن، جنوب.. منذ أغسطس/آب 2016، والموظف اليمني بشكل عام، وفي تعز بشكل خاص، يعيش وضعا صعبا بعد انقطاع مرتبه، الأمر الذي فاقم من معاناتهم، وجعل أعباءهم تزيد بشكل كبير، وصار همهم الأكبر هو لقمة العيش. تفاقمت أزمة رواتب الموظفين المستمرة في اليمن، وبات الجوع يلاحق الملايين من السكان في البلد الذي يشهد حرباً منذ نحو عامين بين الحكومة الشرعية والمتمردين الحوثيين. ظروف مأساوية وفاقم تأخر الرواتب من معاناة الناس، إذ تواجه المالية العامة عجزاً في تغطية مرتبات موظفي الدولة المقدر عددهم بنحو 1.25 مليون موظف، فيما تقدر المتطلبات الشهرية للمرتبات وفوائد الدين المحلي بنحو 115 مليار ريال (460 مليون دولار)، بينما تغطي الإيرادات العامة الشهرية نحو 30% فقط من تلك المتطلبات. ويعيش سكان مدينة تعز، وسط اليمن، ظروفاً مأساوية بعد عامين من الحرب، بسبب الحصار المفروض من قبل المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على المنفذين الشرقي والغربي للمدينة، ما أدى إلى نقص شديد في المواد الغذائية والطبية. انقطعت عنهم المرتبات بعد أن بدد الانقلابيون من سبتمبر/أيلول 2014 أموال الدولة، ونهبوا قرابة 800 مليار ريال يمني، ضاربوا فيها بالأسواق، فانهار الوضع الاقتصادي في البلاد. وارتفع التضخم في اليمن إلى 43%، فيما بلغ عجز الموازنة العامة 7 مليارات دولار، في الفترة ما بين يناير/كانون الثاني 2015 وأغسطس/آب 2016 ، حسب تقارير اقتصادية. معاناة مستمرة وبين حكومتين وبنكين تستمر معاناة الموظفين، ولا يجدون ما يخفف عنهم بعد أن أغلقت كل الأبواب في وجوههم. ورغم التوجيهات الصادرة عن رئيس الوزراء بصرف مرتبات موظفو محافظة تعز، إلا أن موظفو المحافظة يعتبرون ذلك مجرد وعود لتسكين الوجع، حد وصفهم. ولم تكن توجيهات ووعود الحكومة الشرعية هي الأولى من نوعها، فقد تكررت الوعود للموظفين المدنيين بمحافظة تعز بصرف مرتباتهم. إلا أن هذه التوجيهات ظلت حبرا على الورق ولم يستلم الموظفين مرتباتهم، حد تأكيدات موظفين اعتبروا ذلك عملية تحفظ من قبل محافظ البنك المركزي على شيكات مرتبات محافظة تعز التي تأكد استلامه لها. وينتقد ناشطون التباطؤ في تنفيذ تلك التوجيهات، بحجة عدم وجود سيولة تارة وتارة أخرى بمبرر مخاوف انهيار الريال اليمني أمام العملة الصعبة. ويعيبون صمت الاقتصاديين التابعين والموالين للحكومة الشرعية المدقع عن هذا الأمر. مؤكدين أنه ليس هناك مبررات للبنك المركزي أو للحكومة الشرعية في احتجاز مرتبات موظفي القطاع العام تحت مبرر الحفاظ على قيمة العملة اليمنية من التدهور. برنامج الأمعاء الخاوية وفي ردة فعل استنكارية على تأخر صرف مرتباتهم سبق لموظفي محافظة تعز اللجوء إلى تدشين فعاليات احتجاجية مطلع فبراير المنفرط للمطالبة بسرعة الإفراج عن مرتباتهم الموقوفة. وضمن فعاليات "برنامج الأمعاء الخاوية" واصل موظفو مختلف القطاعات في تعز احتجاجاتهم من خلال المسيرات والوقفات، وغيرها من الأنشطة، حتى ترضخ الحكومة الشرعية بصرف مرتباتهم كاملة. ولا يكاد يخلو يوم من فعالية احتجاجية لموظفي القطاع العام بالمحافظة، والتي تتسم بعضها بلغة سخرية وتهكمية من تأخير صرف المرتبات وما لحقهم جراءها من أوضاع مأساوية. ومؤخراً وصل موظفو تعز إلى خيار تصعيد فعالياتهم، والتي كان آخرها مسيرة "البطون الخاوية" التي انطلقت مشياً على القدام صباح أمس الاثنين، تزامنا مع اليوم العالمي للعمال الأول من مايو، وذلك من شارع جمال بتعز في اتجاه العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية عدن. وتهدف المسيرة الاحتجاجية حسب القائمين عليها إلي مطالبة الحكومة الشرعية بصرف المرتبات المتوقفة منذ 8 أشهر. وقال رئيس اللجنة الإشرافية لمسيرة البطون الخاوية أن هناك رسائل يجب توجيهها للمجتمع الدولي، منها فشل الحكومة في الوفاء بالتزامات البنك المركزي من تاريخ نقله إلي عدن، وعدم دفع مرتبات الموظفين والعمال حتى الآن، وأنه لا توجد بارقة أمل في أن تصرف المرتبات علي المنظور البعيد. جدل سياسي وكان نشطاء شباب قد دعوا قبل أسبوع إلي فكرة هذه المسيرة من تعز، وسط جدل كبير من قبل بعض الأحزاب السياسية التي حددت موقفها من المسيرة بالرفض. وتأتي المسيرة بعد عشرات الوعود التي لم تنفذ من قبل الحكومة الشرعية وحكومة الحوثي وصالح بصرف مرتبات الموظفين، باعتبار هذه المسيرة شكل من أشكال الاحتجاجات الحقوقية المرتبطة بنضال العمال والموظفين في الحصول على حقوقهم ومرتباتهم المنقطة منذ 8 أشهر. الناشطة ألفت الدبعي أكدت أن مثل هذه المسيرات ستضع بصماتها على القضايا الحقوقية للموظفين وهو مطلب مهم وعادل ويجب أن يدعم بقوة، في حالة ضمنت عدم الاستغلال والتوظيف السياسي وقصرت مطالبها بالبعد الحقوقي المطلبي. وقالت أن مسيرة البطون الخاوية التي انطلقت في الأول من مايو تظل مسيرة مطالبة بالحقوق الخاصة العمال والموظفين، رغم أن الكثير ينظر لها من زاوية أنها لم تأخذ بعين الاعتبار الوضع السياسي والوطني السائد وواقعه بسبب ظروف الحرب المفروضة فضلا عن الحساسية المناطقية القائمة وهي- حسب قولها- مهمة وواقعية وينبغي الأخذ بها بعين الاعتبار. تتشابه قصص كل موظفي الدولة، الذين يجمعهم الوجع ذاته ولكن مع اختلاف درجاته، وهو يشتد يوما بعد آخر مع كل يوم يمر عليهم دون أن يكون هناك ريالا واحدا في منزلهم.