شباب الغضب بوادي وصحراء حضرموت يؤيدون مخرجات اجتماع المجلس الانتقالي    الإخواني أمجد خالد وعصابته.. 7 عمليات إرهابية تقود إلى الإعدام    وهن "المجلس" هو المعضلة    سفير مصري: حزب الله يستعد للحرب الشاملة مع إسرائيل هذه الأيام    جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    قوات الأمن تداهم حي الطويلة في عدن وسط إطلاق نار كثيف    هل مقدمة للاعتراف بالانقلاب؟.. روسيا تطلق وصفا مثيرا على جماعة الحوثي بعد إفراج الأخيرة عن أسرى!    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي ماهر وأسرته تعتبره حكماً سياسياً    في اليوم 235 لحرب الإبادة على غزة.. 36096 شهيدا و 81136 جريحا وعدة مجازر في رفح خلال 48 ساعة    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    فعلها في العام 2019...ناشطون بالانتقالي يدعون الزبيدي "لإعلان عودة الإدارة الذاتية"    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    الحكومة اليمنية تبحث مع سويسرا استرداد عرشين أثريين    الرئيس الزُبيدي : المجلس الانتقالي لن ينتظر إلى مالانهاية تجاه فشل الحكومة واستمرار تدهور الأوضاع المعيشية    فلكي يمني يحدد موعد أول أيام عيد الأضحى المبارك وبداية أيام العشر    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    الزُبيدي يؤكد على أهمية المخيمات الصيفية لخلق جيل مناهض للفكر الحوثي    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    شاهد .. وزير الزراعة الحوثي يعترف بمجلس النواب بإدخال الحوثيين للمبيدات الإسرائيلية المحظورة (فيديو)    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    برشلونة تودع تشافي: أسطورةٌ تبحث عن تحديات جديدة وآفاقٍ أوسع    الإعلان عن تسعيرة جديدة للبنزين في عدن(السعر الجديد)    العكفة.. زنوج المنزل    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الثاني خلال أسبوع.. وفاة مواطن نتيجة خطأ طبي خلال عملية جراحية في أحد مستشفيات إب    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكوليرا.. صائد اليمنيين المُفزِع
الوباء يصيب طفل واحد كل نصف دقيقة ويقتل شخص في الساعة
نشر في أخبار اليوم يوم 17 - 06 - 2017

حين وجد صالح، 53 سنة، صعوبة إسعاف أطفاله، بعد عدم السماح له بدخول مستشفى عبس بمحافظة حجة، شمال غربي اليمن، بسبب ازدحامه بالمرضى المصابين، لم يتردد في استئجار سيارة والتوجه بهم إلى العاصمة صنعاء لإنقاذ أرواح أطفاله المصابين بالإسهال المائي..
كان الهلع يعتريه من إصابتهم بوباء الكوليرا عندما أخذهم إلى مستشفى عبس، حيث تم تزويده ببعض الأقراص والسوائل، لكنه لم يسمح له بدخول المستشفى المكتظ بالمرضى.. وعلى متن سيارة أجره قطع صالح أكثر من 200 كيلو متر، هي المسافة الواصلة بين منطقته بمحافظة حجه، والعاصمة اليمنية..
أخبر صالح منظمة رعاية الطفولة عن صعوبة إسعاف أطفاله المرضى إلى المستشفى. وقال أن أصعب شيء واجهه هو تكاليف المواصلات.. لقد اضطر الرجل الخمسيني لدفع خمسة عشرة ألف ريال يمني (ما يعادل 58 دولار أمريكي) للوصول من قريته إلى عبس ثم دفع عشرون ألف ريال يمني (78 دولار أمريكي) لاستئجار سيارة من عبس إلى صنعاء.
وتعد محافظة حجة واحدة من أكثر المحافظات اليمنية انتشاراً متسارعاً ومخيفاً لوباء الكوليرا بين السكان، في ظل شحة الإمكانات الطبية، وفقاً لمصادر طبية كشفت عن وفاة العشرات بسبب الوباء فيما سجلت مئات الإصابات بعضها تعافى وأخرى لا تزال تعاني مضاعفات المرض.
وتصدرت محافظة حجة، شمال غربي اليمن، المحافظات الأكثر تضررا بالوباء، حيث سجلت وفاة 163 شخصا، تليها "إب" وسط البلاد، بواقع 142 حالة وفاة، ثم "عمران" شمال البلاد، ب 113 حالة وفاة، وفق ما أعلنت منظمة الصحة العالمية، أمس الجمعة، عن ارتفاع ضحايا وباء الكوليرا في اليمن إلى ألف و28 شخصا، منذ عودة انتشار المرض في 27 أبريل الماضي.
موضحة في تقرير، أنها سجلت حتى يوم الجمعة 16 يونيو، 146 ألف و75 حالة اشتباه بالمرض، بينها 1028 حالة وفاة، في 20 محافظة يمنية.
ورصدت مصادر طبية في عدد من مديريات محافظة حجة خلال الأيام الماضية وفاة عشرات المواطنين وإصابة المئات بمرض الكوليرا، الذي ينتشر بوتيرة عالية بين السكان وسط غياب للجهات المعنية التي تسيطر عليها سلطات الأمر الواقع من ميليشيات الحوثي والمخلوع.
ويشكو أطباء وصحيون هناك من عدم امتلاكهم أي إمكانات طبية يمكن تقديمها للمصابين، مما جعل مهمة الصحيين تقتصر بتسجيل الحالات المصابة والوفيات، مبدين أسفهم من عدم تجاوب الجهات المعنية بالمحافظة مع نداءاتهم المتكررة في رفد المديرية بالأدوية والمحاليل اللازمة.
أرقام تثير الهلع
ويواصل وباء الكوليرا اجتياح عدد من المحافظات واختطاف مئات المدنيين وإصابة عشرات الآلاف، حيث أظهرت أرقام منظمات دولية مختصة أن عدد الوفيات جراء الوباء يقترب من الألف حالة.
وارتفعت حصيلة الوفيات بسبب وباء الكوليرا في اليمن حتى مساء الأحد الحادي عشر من يونيو الجاري، إلى 859 حالة وفاة في 20 محافظة يمنية، حسب إحصائية لمكتب منظمة الصحة العالمية في اليمن..
في حين أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، إن واحداً من كل 200 يمني يشتبه إصابته بوباء الكوليرا المتفشي في البلاد.
وقال مكتب الصحة العالمية، في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إنه منذ 27 أبريل الماضي، سُجلت أكثر من 116,700 حالة اشتباه بمرض الكوليرا، و859 حالة وفاة في 276 مديرية في 20 محافظة.
ورغم تلك الإحصائية إلا أنه من المرجح أن العدد أعلى بكثير، حيث أن العشرات من المصابين بالوباء، تُوفوا دون أن يصلوا إلى مراكز صحية أو مستشفيات تابعة للمنظمة العالمية.
مستويات غير مسبوقة
وقالت لجنة الصليب الأحمر الدولية، في بيان لها، نشره الموقع الإلكتروني للمنظمة، الثلاثاء 13 يونيو الجاري: " مع وصول عدد الحالات المشتبه في إصابتها بمرض الكوليرا في اليمن مستويات غير مسبوقة، فإن واحداً من كل مائتي يمني يشتبه في إصابته بالمرض".
وأضاف البيان: " تكثف اللجنة الدولية للصليب الأحمر جهودها لمواجهة الأزمة، وذلك في ظل تعرض منظومة الرعاية الصحية العامة للإنهاك الشديد بسبب النزاع الدائر في البلاد، وعدم القدرة على توفير الرعاية للسكان".
ونقل البيان عن ماريا ديل بيلار باوزا مورينو- منسقة الخدمات الصحية للجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن قولها " خلال الأسبوع الماضي سُجلت أكثر من 5000 حالة اشتباه جديدة يوميًا.. لقد اتخذ انتشار المرض، الذي بدأ قبل أكثر من شهر فقط، منحىً متسارعا".
وأضافت: "المثير للقلق أن الحالات التي يشتبه في إصابتها إصابة شديدة تمثل حاليًا نحو نصف إجمالي الحالات، وهذا يتجاوز ضعف العدد الذي نلحظه عادة في أثناء حالات التفشي المماثلة".
تحذيرات وتوقعات مرعبة
وحذرت منظمة رعاية الطفولة "SAVE THE CHILDREN"- غير حكومية لها أفرع في عدة دول-، إن وباء الكوليرا الذي يجتاح اليمن، بات خارجاً عن السيطرة ويتسبب في إصابة طفل واحد على الأقل في كل دقيقة.
وذكرت المنظمة الدولية المعنية برعاية الطفولة، أن معدلات الإصابة قد ارتفعت ثلاثة أضعاف خلال الأسبوعين الماضيين وأن 46% من الحالات الجديدة المشتبه إصابتها بالكوليرا أو الإسهالات المائية الحادة هم من الأطفال دون سن الخامسة عشرة، وهذا يعني أن 106 طفل يصابون بالعدوى كل ساعة أو طفل واحد كل 35 ثانية.
وقالت أن أكثر من 30 شخص يموتون كل يوم جراء المرض بينهم أطفال، وأنه من المتوقع أن يموت آلاف آخرين وقد يصل عدد الحالات المصابة إلى 300,000 شخص في الأشهر المقبلة؛ حيث وأن أكثر من مليوني طفل مصابون بسوء التغذية الحاد وهم أكثر عرضة للمرض نظراً لضعف أجهزتهم المناعية غير القادرة على مقاومة المرض.
وأشارت إلى أن موت أكثر من 30 شخصاً كل يوم جراء المرض بينهم أطفال، وأنه من المتوقع أن يموت آلاف آخرين وقد يصل عدد الحالات المصابة إلى 300 ألف شخص في الأشهر المقبلة.
ووفقاً للمنظمة، فإن أكثر من مليوني طفل (إجمالي عدد السكان نحو 27 مليون نسمة) مصابون بسوء التغذية الحاد "هم أكثر عرضة للمرض نظراً لضعف أجهزتهم المناعية غير القادرة على مقاومة المرض".
تصاعد عدد الضحايا
منظمة أوكسفام هي الأخرى قالت إنّ وباء الكوليرا يقتل شخصاً واحداً تقريبا كل ساعة في اليمن، وإنه سيهدد حياة آلاف الأشخاص في الأشهر القادمة إذا لم يتم احتواؤه.
وبحسب تقرير للمنظمة، يتوقع أن يصل عدد حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن إلى 150 ألفاً، ودعا التقرير الدول المانحة والمنظمات الدولية إلى الوفاء بوعودها التي قطعتها في مؤتمر دعم الجانب الإنساني في اليمن والذي عقد في جنيف نهاية أبريل/نيسان الماضي بشأن تقديم 1.2 مليار دولار.
وفي وقت سابق من مساء الأربعاء، أعلنت منظمة الصحة العالمية ارتفاع ضحايا الكوليرا في اليمن إلى 974 حالة وفاة، وأكثر من 135 ألف حالة اشتباه.
من جانبه أكد رئيس فريق الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية في اليمن/ عمر صالح أن وباء الكوليرا حصد أرواح 827 يمنياً لغاية الآن، وقال ل"قناة الجزيرة" إن أكثر المناطق تضرراً هي صنعاء وحجة وعمران والحديدة.
وقالت منظمة أوكسفام إن تفشّي وباء الكوليرا جاء بعد عامين من الحرب التي أهلكت أنظمة الصحة والمياه والصرف الصحي، وقيّدت بشدة الواردات الأساسية التي تعتمد عليها البلاد، و"أدت إلى ترك الملايين من البشر على بُعد خطوة واحدة من المجاعة".
دق ناقوس الخطر
ودق تقرير المنظمة ناقوس الخطر بشأن تفشي الوباء الذي "سيكون واحداً من أسوأ أحداث هذا القرن، ما لم تُبذل جهود ضخمة وفورية للسيطرة عليه".
وقال المدير في أوكسفام/ سجاد محمد ساجد إن "اليمن بات على حافة الهاوية، هو الآن تحت رحمة وباء الكوليرا المنتشر والمميت بسرعة".
ولفت إلى أن علاج الكوليرا بسيط "لكن استمرار القتال يجعل المهمة صعبة ومضاعفة، كما أن هناك حاجة الآن إلى بذل جهود كبيرة في مجال المعونة".
وسبق للأمم المتحدة أن ناشدت المجتمع الدولي زيادة التمويل لمواجهة "الكوليرا" في البلاد. ووجهت المنظمة الأممية، الجمعة، نداءها الإنساني للمجتمع الدولي للمسارعة بتقديم 2.1 مليار دولار لتغطية تكاليف أنشطتها الإنسانية في اليمن، وزيادة التمويل لوقف تفشي وباء الكوليرا في اليمن.
وبدأ تفشي المرض باليمن في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 وتزايد حتى ديسمبر/ كانون الأول من نفس العام، ثم تراجع لكن دون السيطرة الكاملة عليه. وعادت حالات الإصابة للظهور مجدداً بشكل واضح في إبريل/ نيسان الماضي.
في قبضة وباء
"تقبع اليمن تحت قبضة وباء كامل، بيد أن علاج الكوليرا يعد سهلاً وغير مكلف في حالة تلقي المرضى للعلاج الذي يحتاجونه": تقول منظمة رعاية الطفولة.
فالبنية التحتية المتضررة وانعدام الأمن الغذائي والاقتصاد المتهالك والحرب المستمرة تعني أن لا يجد المرضى العلاج الذي يحتاجونه في ظل ازدحام المستشفيات ونقص الأدوية فيها، حد بيان المنظمة.
كما يعد الوضع في المناطق النائية من البلاد أكثر سوءاً وبشكل خاص حيث الخدمات الصحية ضئيلة أو معدومة، فظروف الحرب واقتراب حدوث المجاعة والانهيار الكامل للخدمات الاجتماعية الأساسية- بما في ذلك وسائل المواصلات مقبولة التكلفة والمياه النقية- تفاقم من شدة انتشار المرض.
وليس بإمكان النظام الصحي في اليمن التعامل مع الأعداد الكبيرة من المرضى الذين يحضرون بأعراض مرضية كالإسهال والتقيؤ والجفاف. وإن وباء الكوليرا معدي وينتشر بسرعة لأن المستشفيات لا تعمل بكامل طاقتها في الوقت الذي تم استهداف بعضها من قبل أطراف الصراع.
وقال غرانت بريتشارد المدير القطري لمنظمة رعاية الأطفال في اليمن: "إن المرض والجوع والحرب تسببت في عاصفة كاملة من الكوارث على الشعب اليمني؛ حيث تقف اليمن- أفقر بلدان المنطقة- على شفا الانهيار الكامل ويموت الأطفال بسبب عدم تلقيهم الرعاية الصحية الأساسية.
وأضاف: إن القيود غير المقبولة على إدخال المساعدات والإمدادات الطبية- بما في ذلك التأخير المطول للوصول إلى ميناء الحديدة الرئيس وإغلاق مطار صنعاء- تزيد من صعوبة معركة كبح هذا الوباء المميت.
قبل فوات الأوان
وتدعو منظمة رعاية الأطفال إلى الزيادة في التمويل الطارئ. وقالت: "لقد حان الوقت للعالم أن يتخذ إجراءات فاعلة قبل أن يموت آلاف الصبيان والبنات اليمنيون جراء مرض يمكن الوقاية منه بشكل كامل."
وبحسب المنظمة، لقد وضعت الوكالات الإنسانية- بينها منظمة رعاية الأطفال- خطة متكاملة للاستجابة لتفشي الكوليرا وتسعى للحصول على إجمالي 66 مليون دولار أمريكي- وذلك أكثر بثلاثة أضعاف من الخطة السابقة- من أجل تنفيذ تدخلات الصحة والنظافة والتواصل، ويجب أن يطلق المانحون هذه التمويلات قبل فقدان المزيد من الأرواح.
يقول محسن صديقي المدير القطري بالنيابة لمنظمة رعاية الأطفال أن تفشي وباء الكوليرا في ظل الظروف الراهنة يتعدى قدرة المنظمات الإنسانية مثل منظمة رعاية الأطفال للسيطرة عليه ما لم تتخذ التدابير المناسبة.
ويضيف أن "الأطفال يموتون أمام أعيننا من أمراض يمكن الوقاية منها"، وأنه بإمكان منظمة رعاية الأطفال أن تساعد في تغير الوضع من خلال زيادة الوعي العام والمساعدة في إدارة مراكز علاج الإسهال وتوزيع الإمدادات الطبية وأدوية علاج الجفاف عن طريق الفم"..
ويردف: "لكننا بحاجة إلى رفع القيود المفروضة على واردات الإمدادات الطبية وتمويل خطة الاستجابة لوباء الكوليرا قبل فوات الأوان".
كفاح يائس للبقاء
وفي منشور لها على موقعها في شبكة الانترنت، قالت منظمة الصحة العالمية إن أشد الفئات تأثراً هي الأكثر ضعفاً في البلاد، وأن الأطفال تحت سن ال15 يشكلون 46% من الحالات، فيما يشكل السكان الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما 33% من الوفيات المسجلة.
وقال الدكتور نيفيو زاجاريا، رئيس مكتب منظمة الصحة العالمية في اليمن: "هذه البقع الساخنة من الكوليرا هي مصدر الكثير من انتقال الكوليرا في البلاد.
وأضاف: "يمكننا أن نبطئ انتشار المرض وإنقاذ الأرواح في الوقت نفسه، ونحن نواصل دعم العلاج المبكر والسليم للمرضى وإجراء أنشطة الوقاية في جميع أنحاء البلاد".
وقالت الدكتور/ ميريتكسل ريلانو، ممثل اليونيسيف في اليمن، إن العديد من الأطفال الذين ماتوا بسبب المرض يعانون أيضاً من سوء التغذية الحاد.
وأردفت: "اليوم، تعتبر حياة الأطفال في اليمن كفاحا يائسا من أجل البقاء، مع الكوليرا وسوء التغذية والعنف الذي لا هوادة فيه، الذين يظنون باستمرار قاتلة الموت على عتباتهم".
واقع مدمر
وتوضح منظمة اليونيسف بأن أقل من نصف المراكز الصحية في اليمن هي التي تعمل في البلد، بعد تعرض البلاد للدمار خلال العامين الماضيين.
وتقول بأن اللوازم الطبية التي تتدفق للبلد تصل إلى ثلث المعدل مما كان عليه قبل العام 2015م، فيما تضررت الهياكل الأساسية الهامة بسبب العنف، ما أدى إلى انقطاع 14.5 مليون شخص عن الوصول المنتظم إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. وتذكر بأن العاملين في مجال الصحة والإصحاح لم يستلموا رواتبهم منذ أكثر من ثمانية أشهر.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغريك، إن "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أبلغنا يوم الجمعة، بأن عدد الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا في اليمن وصلت إلى 102 ألف حالة، نصفها لدى الأطفال من بينها 789 حالة وفاة في 9 محافظات من أصل 22 محافظة في اليمن".
وأضاف دوغريك، "وجه منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، جيمي ماكغولدريك، نداء للحصول على دعم دولي وزيادة التمويل لوقف انتشار المرض (دون كشف حجم التمويل الحالي الموجه للوباء)".
وتابع المسؤول الأممي قائلاً "لقد تم تدمير المنظومة الصحية في اليمن تقريبا بعد أكثر من عامين من الصراع.. إن نصف المراكز الصحية في البلاد لا تعمل بكامل طاقتها، والأدوية والمستلزمات الطبية تدخل البلد بثلث المعدل الذي كانت عليه قبل اندلاع الحرب في مارس/آذار 2015، ولم يحصل العاملون في مجال الصحة والصرف الصحي على رواتبهم منذ أكثر من ثمانية أشهر".
الأطفال أكثر الضحايا
تشير منظمة اليونيسف إلى أن الأطفال يشكلون حوالي 50% من الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا في اليمن. وقالت ممثلة اليونيسف في اليمن- الدكتورة/ ميريتشل ريلانيو، إن مزيدا من الأطفال اليمنيين سيلقون حتفهم بغض النظر عن المساعدات الإنسانية التي تصل إلى البلد، إذا لم يتم إيجاد حل عاجل لمشكلة رواتب الكوادر الصحية.
وأوضحت ريلانيو، في بيان لها، "أنه في ظل غياب أي بوادر تلوح في الأفق لوقف النزاع الدائر فمن المحتمل أن يستمر وباء الكوليرا- وربما أمراض أخرى- في إزهاق أرواح الأطفال في اليمن".
وبحسب بيان ريلانيو، مازال الأطفال يدفعون الثمن الأغلى للحرب الدائرة في اليمن. فكثيرون ممن أصيبوا بالمرض أو ماتوا بسبب الكوليرا كانوا يعانون أصلاً من سوء التغذية. ويشكل الأطفال ربع الوفيات بمرض الكوليرا.
وقد أتى تفشي وباء الكوليرا على ما تبقى من النظام الصحي في اليمن الذي مزقته الحرب. فالمستشفيات والمرافق الصحية تكابد الأمرّين في التعامل مع العدد المتزايد من المرضى في جميع مناطق البلاد. كما أن الأدوية والمحاليل الوريدية تستنفد بسرعة.
"غير أنه وعلى الرغم من التحديات الهائلة" أشارت ممثلة اليونيسف، "إلى أن العاملين والعاملات في القطاع الصحي لم يدخروا جهداً في الاستجابة لحالة الطوارئ هذه – حتى في ظل توقف رواتبهم منذ تسعة أشهر تقريباً".
وخلال زيارته الشهر الماضي لليمن للاطلاع على ما تقوم به اليونيسف للاستجابة لتفشي وباء الكوليرا الذي يجتاح البلاد بصورة غير مسبوقة قال خيرت كابالاري المدير- الإقليمي لليونيسف إن مرض الكوليرا ينتشر بسرعة تحول وضع الأطفال السيء أصلا في اليمن إلى كارثة.
وتحدث كابالاري عن زيارته لأحد المستشفيات القليلة العاملة، وقال إنه شاهد مناظر مروعة لأطفال على آخر رمق، ورضع صغار يزن الواحد منهم أقل من كيلوغرامين يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة. وأبدى تخوفه من أن يكون بعضهم قد لقي حتفه خلال الليل.
وقال إن الكثير من الأسر تكاد لا تستطيع تحمل تكلفة إحضار أبنائهم إلى المستشفى، إلا أن هؤلاء الأطفال هم المحظوظون لأن غيرهم الكثيرين في أنحاء اليمن يموتون في صمت نتيجة أسباب يمكن علاجها بسهولة مثل الكوليرا والإسهال وسوء التغذية.
وأضاف أنه التقى عاملين في المجال الصحي يسابقون الوقت لمنع وقوع مزيد من الوفيات بين الأطفال بسبب الكوليرا. وقال إنهم متفانون وملتزمون بمواصلة العمل رغم عدم تلقيهم رواتبهم منذ نحو تسعة أشهر.
وأكد المدير الإقليمي لليونيسف أن الوقت قد حان لأن تعطي أطراف الصراع الأولوية لفتيان وفتيات اليمن، وتضع حدا للقتال عبر اتفاق سياسي سلمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.