إيران .. صورة الحمل الوديع وشخصية الثعلب المكار بقلم / فريد باعباد البيضاء برس - الجمهوريه نت بادئ ذي بدء لابد من الأشاره إلى أنني لست من الحاقدين أو الكارهين لمعتنقي المذهب الذي تعتنقه إيران الدولة والشعب، ولا أريد ذكره هنا ليس نكرانا لوجوده في إيران ومناطق أخرى من العالم الإسلامي، لكن لقناعة في فكري بالمساواة، ورفضا للترويج لتقسيمنا كمسلمين من قبل أعداء الإسلام، فنحن بالمجمل مسلمون أي كانت مذاهبنا. عندما قامت الثورة الايرانيه بقيادة "آية الله"، "روح الله" الخميني عام 1979- أي قبل حوالي ثلاثون سنه من يومنا هذا- وسقط عرش الشاه، كنت فرحا لسقوط شاه إيران كغيري من العرب والمسلمين.. ومرد فرحتي يومها اعتقادي أن إيران الشاه قد خلعت ثوب العمالة المفرطة للغرب ولبست ثوبا إسلاميا ابيضاً.. وكنت يومها قد تجاوزت العشرين سنه من عمري.. ومرت السنون والأيام وقابلت إيران صنوف المؤامرات والأحداث، وفهمت بعض الإحداث على حقيقتها، ولم استطع تفسير بعض الإحداث الأخرى. وانتظرت الأيام تفصح لي عن هذا وذاك وتفسر لي هذا وذاك وهذا الذي فعلا حصل. واجد نفسي لازلت ذاكرا ومتحمسا وفرحا لفشل الهجوم الأمريكي بأكثر من اثني عشر طائره لتخليص الرعايا الامريكيين في طهران أواخر نيسان عام 1980 . وكنت آمل كغيري من المتابعين للشأن الإيراني أن إيران قوة مسانده لقضايا العرب. وقد كنت ارقب وأتابع (كغيري ممن يميلون لمتابعة الشأن السياسي) التغيرات الايرانية، بل وتشدني كثيراً منها لدرجة الإعجاب.. وعلى هذا الأساس كنت رافضا في فكري قبول التهجم على الإيرانيين فقط بسبب أنهم يختلفون عنا في المذهب. بل وأتعاطف معهم كثيرا من باب ثورتهم على الظلم، ومن باب دعمهم لقضايانا العربية، واعني هنا القضية الفلسطينيه، ولا أبالغ حين أقول أنني كنت (ولازلت) ارفض التهجم عليهم كونهم أصحاب مذهب يختلف عن مذهب الغالبية من المسلمين . لذا فقد أصبحوا في نظري كالأقلية تتلقى كل أشكال التهم والكراهية والحقد كون أنهم مختلفي المذهب، وكنت أشبههم بالحمل الوديع. ولذا فقد كانت الدعايات عنهم وعن مذهبهم وتابعي مذهبهم وتصرفاتهم تنهال عليهم بما لا يقبله العقل أحيانا . واجد نفسي رافضا للأسلوب هذا والطريقة هذه في تقسيم الشعوب وفق دياناتها أو مذاهبها وليس وفق أعمالها وأفعالها. هذه حقيقة اعترف بها دون خجل من احد، فمن طبيعتي ان لا اقتنع او اقبل أي وجهة نظر تعتمد على النظرية وليس الأدلة. ومن البديهي ان الزمن كفيل بتوضيح الصور الغير واضحة بالأدلة وتفنيد الحقائق بما لايدع مجالا للشك. تلك المقدمة فيها اعتراف مني أنني كنت متعاطفا مع توجه السياسة الايرانيه نحو العالم، بل وأحيانا اعطف عليهم من شدة الهجوم من كل حدب وصوب . وبصراحة لم أكن احدث نفسي ان الأيام ستكشف حقيقة كل ذلك وان الحمل ليس وديعا. بل رؤيتي لمجريات الإحداث الاخيره التي أشعلت الساحة الايرانيه والشارع الإيراني نتيجة الانتخابات نظرت إليها من باب الاثاره وصناعة الاضطرابات من قبل الإعلام الأجنبي حيث اعتبرتها (كالإيرانيين) تدخلا سافرا في الشأن الإيراني. وجاءت الأيام حبلى بما فعله الحوثي وأعوانه في صعده طوال الفترة الماضية من جرائم يشيب من فعلها الولدان . بل وأنا كمواطن يمني اقرأ الكثير من تلك الجرائم أتعجب كيف صبرت السلطة كل تلك السنين على هؤلاء المجرمين ومن يدعمهم! وفي سياق أحداث صعده ومتابعة لوسائل الأعلام المختلفة وطريقة نقلها للأحداث فإذا بإذاعة طهران إذاعة الدولة الايرانيه الرسمية (وهي إذاعة رسميه محسوب عليها كل كلمه) تنحاز وبفجاجه وبوقاحة لم أكن أتصورها الى الحوثي وعصابته ضد الدولة اليمنية والشعب اليمني، بل وتنطق وتسوق ما بزعمه الحوثي وعصابته وكأنها ناطق رسمي له ولعصابته . بل وتلفق القصص والأحداث والأكاذيب سعيا وراء إثارة (فتنه طائفيه) في اليمن لا يمكنني تفسيرها بغير ذلك. وتتبع إذاعة طهران محطة تلفزيون العالم والذي يعرف العالم كله انه يتبع السلطة الايرانيه والدولة الايرانيه ولا يمكن إنكار او تكذيب ذلك فإذا بهم يسيرون في خطط متوازية دعما لوجستيا للمتمرد الحوثي وجماعته. وإذا بالصورة تتضح أكثر وأكثر بان الأيادي والخطط الايرانية والمال الإيراني فعلا موجود لدى الحوثيين وعصابته. لم تحترم الإذاعة الايرانية- وأقولها بكل وضوح- لم تحترم الدولة الأيرانيه سيادة اليمن وشؤونها الداخلية، لأن ما تبثه الإذاعة تمثل السياسة والتوجه الإيراني هو بحد ذاته تدخل سافر في الشأن اليمني ولا يختلف اثنان على ذلك هنا. ولا ادري كيف يحق لإيران أن تحتج على الإعلام الغربي في تدخله في شؤونها أبان الانتخابات الأخيرة وهي تقوم بنفس الدور وتتدخل في شؤون اليمن . هنا تتضح الحقائق أكثر وأكثر للدور الإيراني المشبوه في أحداث صعده والمنطقة . اتضح بما لا يدع مجالا للشك أن الإيرانيين أو السلطة الايرانية فعلا تبحث عن دور تمارسه في كل البلاد الاسلامية. وربما مما قرأته في أن إيران فتحت أراضيها للقوات الأمريكية لغزو أفغانستان والعراق أصبح حقيقة يجهلها الكثير. ربما سينتقدني من يتربص لعثراتي، ويعتبر اعترافي المتأخر عثرة، ولكنني وبحق لا استطيع أن اصف السارق سارقا إلا بعد أن يسرق، ولن انعت المجرم بهذا الوصف إلا بعد تنفيذ جريمته.. وما فعلته الماكينة الأعلاميه الأيرانيه دليل على الجرم والجريمة . وما صبر الدبلوماسية اليمنية على كل ذلك إلا تعبيرا عن الحنكة والحكمة . لكن أقول لقد بلغ السيل الزبا لم اندم على اكتشافي متأخرا للصورة القبيحة لما تمارسه إيران فقد أصبحت حقيقة بعد كل ذلك . ولكنني ندمت فعلا على نظرتي لإيران في الفترة الماضية على أنها كالحمل الوديع الذي يستحق العطف والمساعدة وهي وان كانت تتقمص صورة الحمل الوديع ألا أنها كانت ولا زالت تخفي وراءها شخصية وسلوك الثعلب المكار . فريد باعباد [email protected]