قالت مصادر قطرية ان التغير في موقف الدوحة حيال سوريا ومساندتها للرياض في الأزمة السورية ينسجم مع التوجهات الجديدة للدولة الخليجية الغنية المتوقع ان يتنحى فيها أمير البلاد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن السلطة لصالح نجله ولي العهد الشيخ تميم. وأبعد من ذلك، فقد وضعت الدوحة إمكاناتها امام الرياض وقدمت مساعدتها لتفعيل الدور السعودي وعرضت على الاستخبارات السعودية الاستفادة من شبكة علاقاتها في سوريا، على ما أوضحت المصادر. وتولت السعودية منذ اسابيع زمام المبادرة في التنسيق مع المعارضة السورية، في تطور عزاه مراقبون الى رغبة اميركية، في المقام الأول، بتوجيه الدعم المالي والتسليحي الى مجموعات معارضة غير متشددة، وغضب قطري حيال "خيانة" ارتكبتها جماعة الاخوان المسلمين السورية بحق الدوحة. ونشرت وكالة رويترز الاثنين ومجلة دير شبيغل الالمانية الاحد معلومات عن بدء السعودية منذ شهرين في إمداد المعارضة السورية بصواريخ أرض جو قادرة على اسقاط المروحيات والطائرات المحلقة على ارتفاع منخفض. وهذا ما لم يكن متاحا للمعارضة السورية من قبل. وقالت صحيفة العرب الصادرة في لندن ان القطريين أبلغوا السعوديين رسميا أنهم سيساندون الجهد السعودي في الأزمة السورية وسينسقون معها ويسخرون كل إمكانياتهم لدعم هذا الجهد. وقال مصدر قطري أن أربعة مسؤولين قطريين زاروا جدة مؤخرا والتقوا بالأمير بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات السعودية حيث نقلوا له رسالة مهمة من قبل الدوحة تمثلت في عرض استعداد قطر لدعم العمل السعودي في سوريا. وأضاف المصدر أن الأربعة قضوا أياما في جدة يستعرضون كل شبكة علاقات الدوحة في سوريا وتركيا ويقيمون خطة عمل موحدة مع السعوديين. وكشفت المصادر السابقة أن الدوحة غاضبة على ما وصفته بخيانة الإخوان المسلمين السوريين لتعهداتهم تجاه قطر، حيث تخلوا عن رجلها مصطفى الصباغ سريعا، وهرولوا باتجاه الرياض التي استلمت ملف المعارضة عارضين خدماتهم. وسعت قطر خلال السنتين الماضيتين إلى فرض الإخوان على مؤسسات المعارضة السورية في الخارج، ما أثّر على وحدة المعارضة خاصة في ظل الحضور الميداني الضعيف لإخوان سوريا على أرض المعركة، وفق ما أكدت ذات المصادر. من جهة ثانية، قالت "العرب" ان ولي العهد القطري الشيخ تميم بدأ إجراءات تسلمه رئاسة الوزراء في الدوحة تمهيدا لتسلمه مقاليد الأمور بكاملها في الدولة الصغيرة والغنية. وأشارت المصادر القطرية الى أن الشيخ تميم يشرف على بناء فريق خاص يساعده في تسهيل تسلمه الحكومة ويعمل على تطبيق تطلعاته لبناء دولة حديثة ومستفيدة من ثرواتها الضخمة. وأضافت المصادر أن إجراءات رسمية أثارت انتباه القطريين بقرب التحولات في السياسة الخارجية القطرية منها إبعاد أحد وكلاء وزارة الخارجية المحسوبين على تيار الإخوان المسلمين وكذلك بدء عملية تطهير واسعة داخل وزارة الخارجية من الموظفين المحسوبين على الإخوان. وتابعت قائلة ان قطر استدعت جميع ممثليها العاملين في المؤسسات الدينية كمنظمات الإغاثة الإسلامية وغيرها من الفعاليات المرتبطة بالعمل الإسلامي. وتعمل الدوحة على سحب جميع المندوبين والموظفين القطريين من دول شمال أفريقيا بعد الضجة التي أثيرت حول ارتباط منظمات وجمعيات قطرية بمن لهم ارتباطات إرهابية. وعلى الساحة المصرية، تشعر جماعة الاخوان بقلق كبير من الأخبار الواردة من الدوحة وخاصة تخلي "القيادة الجديدة" عن وجوه إخوانية وأخرى مناصرة للإخوان ما يهدد بتغيير كبير في الموقف القطري منهم. واعتبر الإخوان، وفق ما تقول المصادر المقربة من مكتب الإرشاد، إن السبب الرئيسي للتخوف الإخواني يخص قضية القروض، وهي مسألة حيوية لا يقدر الإخوان أن يستمروا في الحكم دونها. وقالت إن مكتب الإرشاد يحاول تحديد لقاء مع الشيخ تميم في إحدى سفراته إلى أوروبا من أجل الاستفسار منه عن التوجه الجديد، وتأكيد استعداد التنظيم بفرعه المصري وامتداده العالمي إلى التعاون معه ودعمه. ويريد مكتب الارشاد أن يوصل إلى "الأمير الجديد" رسالة مفادها أنه لن يقف ضده في الصراع داخل أجنحة الأسرة بل سيسنده في معركة لي الذراع بينه وبين رئيس الوزراء وزير الخارجية الحالي حمد بن جاسم بن جبر الذي يقيم الآن مع الإخوان علاقة متطورة. ويتزعم حمد بن جاسم فكرة الرهان على الإخوان المسلمين في المنطقة وتجسير الفجوة بينهم وبين الولاياتالمتحدة، وخاصة تبنيه الدعم المالي والاستثماري للتجربتين الإخوانيتين في تونس ومصر. لكن معارضين مصريين يستبعدون أن ينجح الإخوان في كسب قلب الشيخ تميم الذي ينحاز للنمط الاجتماعي الليبرالي كغيره من الأجيال الشبابية في المنطقة الخليجية، وهي أجيال ترفض الرؤية المتشددة للإخوان. ويعزو هؤلاء المعارضون فشل الإخوان في استمالة "الأمير الجديد" إلى أن هدفه الرئيس سيكون تغيير صورة قطر الخارجية التي تضررت من النفوذ الإخواني في فترة حكم أبيه خاصة في ظل وجود الشيخ يوسف القرضاوي الذي حرض الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على التورط في ملفات كثيرة، أبرزها الملف السوري، وكذلك فتح قنوات تواصل مع مجموعات متطرفة. إلى ذلك، قال مراقبون إن الهدف الأول للشيخ تميم هو استعادة الثقة مع شركاء مجلس التعاون الخليجي الآخرين، وهي ثقة لن تتم دون إغلاق ملف الدعم القطري للمجموعات الإسلامية المتطرفة بوجهيها الإخواني والسلفي