" لعبة الأمم "هي ليست لعبة بطبيعة الحال .. إنما قسم أكاديمي في وزارة الخارجية الأمريكية يعنى بمثل هذه المسائل منذ زمن بعيد .. وتقوم فلسفة عمله على توفير أقصى قدر ممكن من المعلومات عن شخصية ما أو دولة أو نظام سياسي أو منظمة أو حزب وبناء على تقاريره ترسم امريكا سياستها العريضة وما يهمنا هو موقفها من العالم العربي .. إن إعلان الولاياتالمتحدة ومن ثم الاتحاد الأوروبي عن نيتهما فتح حوار مع جماعات الإسلام السياسي المعتدل .. لاسيما جماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي لم يكن صدفة أو بلا مقدمات .. بل كان للعبة الامم وغيره اليد الطولى في ذلك .. فحدث جدل كبير في الولاياتالمتحدة حول هذه المسألة وبدأ تمهيد الطريق لتغيير محتمل في السياسة الأمريكية يتجه نحو التفاهم مع ما أسمي بالإسلام المعتدل. يكشف "لعبة الامم": أنهم أخطأوا في التعامل مع الإسلاميين بوضعهم في سلة واحدة .. وطالب بالتوقف عن استعمال مفهوم "الإسلام السياسي" .. ويرى وجوب التمييز بين أربعة تيارات إسلامية هي: 1/ الحركات الإسلامية السياسية التي تتمثل في جماعة الإخوان المسلمين في مصر وفروعها في أماكن أخرى ممثلة بالاحزاب التي انبثقت منها التي يتمثّل غرضها في الوصول إلى السلطة السياسية .. وهؤلاءيتجنبون العنف (باستثناء الظروف التي يكونون فيها تحت القمع) 2/ الدعوة الإسلامية المتواجدة في نهجين مختلفين كانت تتمثّل في حركة التبليغ ذات الهيكلية والبنية الرفيعة من ناحية والسلفية الواسعة الانتشار من الناحية الأخرى .. وفي كلتي الحالتين فإن السلطة ليست هدفاً لهم .. بل إن الغرض المهيمن هو الحفاظ على الهوية الإسلامية والعقيدة الإسلامية والنظام الأخلاقي في مواجهة قوى الكفر .. وإن الناشطين المميّزين لديهم هم دعاة وعلماء .. 3/ الجهاد الإسلامي وهو متواجد في ثلاثة مناهج مختلفة: الداخلي (الذي يقاوم اسمياً الأنظمة الإسلامية التي تعتبر غير ورعة) التحريريون الوحدويون (الذين يقاتلون لاسترداد الأراضي التي يحكمها غير المسلمين أو الجاثمة تحت الاحتلال) العالميون (الذين يحاربون الغرب) وبالطبع فإن الناشط المتميّز هو المجاهد. 4/ الاسلام الشيعي (ليس مبحثنا اليوم) وساحاول ان اكتب عنه لاحقاً .. على كل حال يرى لعبة الامم ان ثمة معطى واحد من شأنه الحسم في كل الجدل الدائر في أمريكا وأوروبا .. وان المسألة هنا تتصل بجماعات الإسلام الجهادي (الصنف الثالث) والذي يهدد الغرب ونظم الحكم في العالم العربي ويسعى إلى اختراق المجتمعات والتوسع في تعميم ثقافة الجهاد لتطال أوسع القواعد الشعبية وفي ظل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والتدخل الامريكي في العراق وافغانستان وتواجد القوات الامريكية في الخليح وفي العالم الإسلامي فإن خطاب الجماعات الجهادية يلقى المزيد من الآذان الصاغية بين صفوف الشبان وحتى المثقفين وهذا ينذر بخطر محدق بالمصالح الغربية في المنطقة لذا رأت امريكا والغرب ان تسليم أو إشراك الإسلام المعتدل "الاخوان" في الحكم سيعني تحييد خطر المتشددين إلى فترة منظورة ريثما يتم ترتيب أوضاع المنطقة لعقدين أو ثلاثة عقود قادمة. على هذه الأسس دعمت الخارجية الأمريكية التوجه نحو الحوار وكذا فعل الاتحاد الأوروبي .. بل أن الخارجية أوعزت إلى دبلوماسييها وسفاراتها في الخارج بتجاوز القوانين المحلية والأعراف الدبلوماسية والشروع بإجراء اتصالات مع الجماعات المعنية(وقد حدث فعلاً) ومن هذه الاجتماعات ولد مفهوم الربيع العربي وجرى الترويج له من قبل الغرب نفسه وحتى من بعض الكتاب العرب الأمريكيين وغير الأمريكيين .. وعليه قالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس تصريحها الاشهر: لقد أخطأنا بسياستنا سابقًا بدعم الأنظمة الدكتاتورية لتحقيق الاستقرار على حساب الحريات وها نحن نجد أننا أفقدنا الشعوب حريتها ولم نحقق الاستقرار .. يتبع ..